اختلطت مشاعر الغضب وقلّة الحيلة والحزن على الفلسطينية حنان القريناوي من مخيم البريج وسط قطاع غزة، بعد حرمانها من الحصول على المساعدة الدورية من وزارة التنمية الاجتماعية، والمُخصصة للأُسر الفقيرة والمعدمة، إذ تعتمد على ما تتقاضاه منها لتوفير مستلزمات أسرتها الأساسية.
وشاركت القريناوي، ومعها العشرات من الأُسر الفلسطينية، في الوقفة الاحتجاجية التي نظمتها الهيئة العليا للمطالبة بحقوق منتفعي الشؤون الاجتماعية، اليوم الأربعاء، أمام مقر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، غربي مدينة غزة، وذلك بالتزامن مع وصول الوفود والسفراء الأوروبيين القادمين إلى غزة، بهدف إيصال أصواتهم ومعاناتهم، وما يتعرضون له من ظلم وحرمان.
لسنا متسولين، نحن فقط نريد العيش بعزة وكرامة كباقي أطفال العالم، نريد حياة خالية من المصاعب والهموم، أنقذونا وأنقذوا طفولتنا".
ورفع المشاركون لافتات كُتب عليها "مخصصات الشؤون ليست مكرمة من أحد"، "الصرف الشهري للمخصصات مطلب شعبي"، "أين دور القيادة الفلسطينية من قطع مخصصات الغلابة؟"، "بيكفي تعبنا بدنا نعيش بكرامة"، "أين ذهبت مخصصات الفقراء؟"، "من المسؤول عن تأخير صرف مخصصات الشؤون؟".
وتعالت أصوات المشاركين، بالمطالبة بالتعجيل في صرف مخصصات الشؤون الاجتماعية وزيادة عدد المستفيدين من شيكاتها، خاصة في ظل تردي الأوضاع في قطاع غزة وارتفاع نسب الفقر والبطالة، وقد هتفوا: "بدنا سكر وبدنا طحين".
وتوضح القريناوي معاناة أسرتها المكونة من ثمانية أفراد في ظل تواصل تأخر صرف مستحقات الشؤون الاجتماعية لفترة طويلة، وعدم قدرة زوجها على العمل، مُطالبة الحكومة الفلسطينية بالتعجيل في صرف شيكات الشؤون لمستحقيها وبشكل شهري، إذ تعتمد عليها بشكل أساسي في توفير المتطلبات المعيشية الأساسية لأفراد الأسرة.
وتبين حجم الضغوط التي تتعرض لها أسرتها في ظل عدم انتظام صرف المستحقات، موضحة أن تأخر صرف الشؤون الاجتماعية يدفع الأسر المستحِقة لعدم القدرة على توفير قوت يومها، وعلاج أبنائها إلى جانب تزايد الضغوط نظراً للديون المتراكمة عليهم، في ظل رفض المحال التجارية والصيدليات منحهم أي ديون إضافية.
ولم يقتصر المشاركون على مدينة غزة فحسب، وإنما ضمت الوقفة محتجين من محافظات قطاع غزة الخمس، من شماله إلى جنوبه، من الذين حُرموا صرف شيكات الشؤون الاجتماعية، وغيرها من المُساعدات التي من المفترض أن تصل إلى الأسر الفقيرة، علاوة على مشاركين حُرموا من مشاريع التشغيل المؤقت.
ويستفيد من برنامج الحماية الاجتماعية النقدية نحو 81 ألف أسرة فقيرة في كافة محافظات قطاع غزة، بقيمة 750 شيكلا (235 دولارا) كل ثلاثة أشهر، فيما حُرمت تلك الأُسر منذ عشرة أشهر، من الحصول على المُخصصات التي توفرها لهم وزارة التنمية الاجتماعية بدعم من الاتحاد الأوروبي.
ويقول الفلسطيني محمود اليازجي، وهو يعاني من تشوهات في الكفين والمفاصل، ويعيل أسرة مكونة من خمسة أفراد، في حديث مع "العربي الجديد" إنّ قطع المخصصات، أثّر بشكل أساسي على قدرته على توفير أدنى مقومات الحياة لأطفاله، ويبين أنه لم يحصل خلال عام 2021 سوى على دفعة واحدة، على سبيل المكرمة، فيما لم يحصل منتفعو الشؤون سوى على دفعتين عام 2020 من أصل أربع دفعات، بواقع دفعة كل ثلاثة أشهر.
وألقت الطفلة "سماح" خلال الوقفة، كلمة مؤثرة نيابة عن أسر الفقراء، ناشدت خلالها مؤسسات ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، بالضغط على صُنّاع القرار لصرف مخصصات الشؤون لتوفير المأكل والمشرب والعلاج والقرطاسية، وقالت "لسنا متسولين، نحن فقط نريد العيش بعزة وكرامة كباقي أطفال العالم، نريد حياة خالية من المصاعب والهموم، أنقذونا وأنقذوا طفولتنا".
من ناحيته، أكد إيهاب النحال، ممثل تجمع الشخصيات المستقلة، أن صرف شيكات الشؤون من حق الأسر الفقيرة، وأطفالها، داعيا إلى الضغط على الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والسلطة الفلسطينية لإيجاد مخرج للأزمة.
وطالب المشاركون في الفعالية، بالوقف الفوري لسياسة المماطلة في التعاطي مع مستحقات الشؤون الاجتماعية، التي يعتمد عليها عشرات الآلاف من المرضى والفقراء والأشخاص ذوي الإعاقة، والتعجيل في صرف المستحقات لمستحقيها، داعين وزارة التنمية، للالتزام الشهري بدفع مخصصات الأسر الفقيرة والعمل على زيادتها، لتمكينها من العيش بكرامة، وتوزيع المساعدات على مستحقيها بعيداً عن كل الاعتبارات السياسية.