تسيطر حالة من الصدمة على سكّان مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غربي مدينة غزة، بعد المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق عائلتي أبو حطب والحديدي، بعدما قصفت الطائرات الإسرائيلية المنزل، فجر السبت، بشكلٍ مفاجئ ودون سابق إنذار لتحيله إلى ركام.
وفتكت الصواريخ الإسرائيلية بأجساد عشرة من الأطفال والنساء الذين كانوا في المنزل لحظة استهدافه المفاجئ، لتقتلهم جميعاً، فيما نجى طفل رضيع ووحيد ووالده الذي لم يكن موجوداً في المنزل لحظة الهجوم الإسرائيلي العنيف.
ويتكوّن منزل عائلة أبو حطب المستهدف من ثلاث طبقات، تحوّلت إلى كومة من الركام بفعل الغارات الإسرائيلية، فيما استشهد 10 من أفراد العائلة، كان من بينهم شقيقة صاحب المنزل وبعض من أبنائها من عائلة الحديدي، وهم قدموا إلى زيارته بمناسبة عيد الفطر، وزوجته وأطفاله.
أما المنازل المجاورة لمنزل العائلة، فلم تسلم هي الأخرى من شدّة القصف الإسرائيلي الذي أحدث دماراً هائلاً وكبيراً في محيط المنطقة لم يقتصر على تهشم النوافذ، بل شمل إصابات في صفوف المدنيين وتحطّم جدران وإحداث أضرار بليغة وجزئية.
ومنذ ساعات الفجر الأولى، قام السكان بانتشال ما تبقى من جثث المدنيين الذين استشهدوا، وباشروا عملية تفقد منازلهم وجمع الأضرار من ركام وزجاج، وأخرجوها إلى خارج المنطقة، في حين لا تزال رائحة البارود والمواد المتفجرة حاضرة في المكان رغم مرور ساعات على الجريمة.
ويصف شاهد العيان أبو محمد اليعقوبي، وهو صاحب المنزل الملاصق لمنزل عائلة أبو حطب، اللحظات الأولى للقصف الإسرائيلي العنيف للمنطقة بأنه مثل "الحمم البركانية"، إذ لم يكن يتوقع أن يخرج هو وعائلته من الحدث وهم على قيد الحياة نتيجة تتالي الغارات.
وأصيب أبو محمد في يده، في حين أصيب نجله بجراح طفيفة في الرأس نتيجة لتطاير الركام والشظايا بفعل شدة القصف الذي تعرّض له منزل عائلة أبو حطب، فضلاً عن الأضرار البليغة التي لحقت بالمنزل والتي جعلته غير صالح للحياة.
ويقول اليعقوبي لـ"العربي الجديد" إنّ المنزل المستهدف شاهد على عنف الاحتلال وعدوانه تجاه المدنيين الفلسطينيين، إذ استُهدف المنزل من دون سابق إنذار، فيما لم يكن فيه إلاّ المدنيين والأطفال والنساء، بعكس ما يحاول الاحتلال أن يروّجه دائماً عن استهدافه المقاومين.
وتساءل المواطن الغزّي عن جدوى الحديث عن القانون الدولي وحماية المدنيين في ظلّ ما يقوم به الاحتلال من جرائم مباشرة بحق العائلات الفلسطينية المدنية، وعمليات الاستهداف والقصف العشوائي التي طاولت السكان منذ بداية العدوان على غزة.
ولم يقتصر الضرر على استهداف المنزل والمنازل المجاورة، إذ تضرّرت الشوارع والمنطقة الملاصقة لها، ورياض الأطفال والمساجد حولها، عدا عن الضرر النفسي وحجم الصدمة التي لحقت بسكان الحي الذي يوجد فيه منزل عائلة أبو حطب.
أمّا هيثم الغول، وهو أحد سكّان المنطقة، فتعكس كلماته وحركات يده ووجهه حجم الصدمة التي لا يزال يعيشها جراء القصف الذي طاول عائلة أبو حطب، إذ كان لحظة القصف في منزله ويتابع هو وعائلته تطورات الأحداث، قبل أن يصدمهم القصف الإسرائيلي للمنطقة.
ويقول الغول الذي شارك في عملية انتشال جثامين الأطفال والنساء من تحت ركام المنزل، لـ"العربي الجديد"، إنّ السكان كانوا نائمين حينما صدمهم القصف، إذ كان الجميع يتابع التطورات الحاصلة وتتالي الحديث عن إمكانية الاقتراب من التوصل إلى اتفاق تهدئة.
ويضيف الغول: "هذه الجرائم الإسرائيلية المتتالية بحقنا هي استكمال لما يجري منذ عام 1948، وهي لن تمنعنا من مقاومة الاحتلال ومن التمسك بحقنا في العيش كباقي دول العالم، والتخلص من الاحتلال وجرائمه التي يرتكبها بحق المدنيين والعزل".