طلبت المحكمة العليا الإسرائيلية، مساء اليوم الاثنين، من مصلحة السجون الإسرائيلية، حيث يقبع الأسير المقدسي أحمد مناصرة، تقديم تقرير محدّث عن حالته الصحية في غضون 20 يوماً، للبتّ في الالتماس المقدّم إليها من قبل طاقم الدفاع القانوني عنه، علماً أنّه في العزل الانفرادي منذ 20 شهراً.
وأوضح المحامي خالد زبارقة، من فريق الدفاع عن أحمد مناصرة، لـ"العربي الجديد"، أنّ "جلسة اليوم عُينت للنظر في الالتماس الذي تقدّمنا به كطاقم دفاع ضدّ استمرار عزل الأسير أحمد مناصرة. وأكدنا في خلال الجلسة أنّ هذا استئناف على قرار المحكمة المركزية في بئر السبع التي مدّدت عزله لمدّة ثلاثة أشهر منذ بداية عام 2023 الجاري"، مشيراً إلى أنّ "هذه هي الجلسة الثانية التي تُعقَد في محاكمة مناصرة في المحكمة العليا التي طالبناها بإنهاء العزل الانفرادي".
أضاف زبارقة: "أكّدنا أنّ العزل الانفرادي لأحمد مناصرة غير مبرَّر، علماً أنّ السلطات الإسرائيلية تربط ذلك بوضعه الصحي ومرضه الذي يشكّل خطورة على نفسه وعلى الآخرين". وتابع زبارقة: "لذلك قلنا بعدم إمكانية إبقاء الأسير قيد العزل الانفرادي لفترة طويلة من دون علاج، لا سيّما مع انعدام مقوّمات الحياة وتعرّضه للتعذيب الممنهج في داخل العزل الانفرادي"، شارحاً أنّ "العزل الانفرادي من العوامل التي تساهم في تفاقم حالته الصحية".
وأكمل زبارقة: "كذلك أبلغنا المحكمة بأنّ بقاء الأسير في العزل الانفرادي هو أحد أنواع التعذيب المحرّمة قانونياً، حتى على المستوى الدولي"، مشدّداً على أنّ "استمرار أحمد في العزل لفترة 20 شهراً يُعَدّ تعذيباً ويشكّل خطراً حقيقياً على حياته".
تجدر الإشارة إلى أنّ الأسير أحمد مناصرة من مواليد القدس في 22 يناير/ كانون الثاني 2002، وهو من عائلة تتكوّن من عشرة أفراد، هو أكبر الذكور فيها وله شقيقان بالإضافة إلى خمس شقيقات. وقبل اعتقاله في عام 2015 كان طالباً في مدرسة الجيل الجديد في القدس، وكان حينها في الصف الثامن.
قصة أحمد لم تبدأ منذ لحظة الاعتقال فقط، فهو كالمئات من أطفال القدس الذين يواجهون عنف الاحتلال اليوميّ، بما فيه من عمليات اعتقال كثيفة ومتكررة، حيث تشهد المدينة المقدسة أعلى نسبة في عمليات الاعتقال بين صفوف الأطفال والقاصرين.
وفي عام 2015، ومع بداية "الهبّة الشعبية"، تصاعدت عمليات الاعتقال بحقّ الأطفال، تحديدًا في القدس، ورافقت ذلك عمليات تنكيل وتعذيب ممنهجة، وكان أحمد جزءًا من مئات الأطفال الذين يواجهون ذات المصير.
وفي تاريخ 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2015، تعرّض أحمد وابن عمه حسن الذي استشهد في ذلك اليوم بعد إطلاق النار عليه وعلى أحمد، لعملية تنكيل وحشية من قبل المستوطنين. وفي حينه نشرت فيديوهات لمشاهد قاسية له كان ملقى على الأرض ويصرخ وهو مصاب، ويحاول جنود الاحتلال تثبيته على الأرض والتنكيل به، وتحولت قضيته إلى قضية عالمية.
وشكّل هذا اليوم نقطة تحول في حياة أحمد، بعد اعتقاله وتعرّضه لتحقيق وتعذيب جسديّ ونفسيّ، حتّى خلال تلقيه العلاج في المستشفى، ونتيجة ذلك أصيب بكسر في الجمجمة، وأعراض صحية خطرة.
لاحقاً، أصدرت محكمة الاحتلال بعد عدة جلسات حُكماً بالسّجن الفعلي بحقّ أحمد لمدة 12 عاماً وتعويض بقيمة 180 ألف شيقل بالعملة الإسرائيلية، جرى تخفيض الحكم لمدة تسع سنوات ونصف عام 2017.
قبل نقله إلى السجون احتجزته سلطات الاحتلال لمدّة عامَين في مؤسسة خاصة بالأحداث في ظروف صعبة وقاسية، ولاحقاً نُقل إلى سجن مجدو بعدما تجاوز 14 عاماً. واليوم أحمد يواجه ظروفاً صحية ونفسية صعبة وخطرة في العزل الانفرادي في سجن "الرملة".
وقد عُقدت له جلسة في 13 إبريل/ نيسان 2022، وفيها أتاحت المحكمة لمحاميه النظر في ملفّه ونقله إلى لجنة خاصة أعلنت قرارها بتصنيف الملفّ من ضمن "قانون الإرهاب". ورفضت محكمة الاحتلال الاستئنافات المقدّمة من طاقم الدفاع لإلغاء ذلك، ورفضت أيضاً طلبات الإفراج عنه، في حين أُطلقت حملة دولية دعماً وإسناداً له ومطالبة بالإفراج عنه. وقد عُقدت لأحمد جلسات محاكمة عدّة مُدّد في خلالها عزله انفرادياً، علماً أنّ ذلك مستمر منذ 20 شهراً.