استمع إلى الملخص
- تعرض المسافرون، مثل محمود عبد الرزاق، لعمليات سطو مسلح، مما دفع الكثيرين للتوقف عن السفر ليلاً، بما في ذلك سائقي مركبات نقل المسافرين.
- الحرب دمرت المنظومة الأمنية اليمنية، وغياب شرطة الدوريات وتأمين الطرق يعود لنقص الإمكانيات، مما يزيد من المخاطر التي يواجهها المسافرون.
قبل اندلاع الحرب التي يشهدها اليمن منذ نحو عشر سنوات، كان الكثير من اليمنيين يفضلون السفر بين المحافظات والمدن خلال الليل، كون الطرق التي تربطها تشهد ازدحاماً في النهار، ما يزيد من عدد ساعات السفر، إضافة إلى محاولة تجنب التعرض لحرارة الشمس. لكن هذا الوضع تغير تماماً بسبب الفوضى الأمنية التي تعيشها البلاد، وانتشار العصابات المسلحة، مع غياب الأجهزة الأمنية عن تأمين الطرق وضمان سلامة المسافرين.
في مايو/أيار 2023، قرر المغترب اليمني في السعودية، محمود عبد الرزاق، زيارة عائلته في محافظة مأرب، وقرر السفر براً بسيارته الخاصة رفقة اثنين من أصدقائه المغتربين، واصطحبوا معهم الكثير من الهدايا والأمتعة، لكنهم تعرضوا لعملية سطو مسلح على الطريق الدولي خارج مدينة مأرب، من قبل عصابة قامت بنهب كل ما كان معهم. يقول عبد الرزاق لـ"العربي الجديد": "كنت قبل الحرب معتاداً على السفر ليلاً، لأن الطريق يكون خالياً من الزحام، وخط السير مفتوحاً، والجو لطيفاً. لم أكن أدرك أن هذه العادة ستكلفني الكثير. توقفت عن السفر ليلاً بعد تعرضنا للسطو خلال عودتنا من السعودية، إذ قامت العصابة بسلبنا كل ما نملك من مال وأشياء ثمينة تحت تهديد السلاح. خسرنا 26 ألف ريال سعودي، وأمتعة تقدر بـ19 ألف ريال أخرى". يضيف عبد الرازق: "لم يعد السفر ليلاً آمناً، بل صار مخاطرة كبيرة يجب التحسب لها بسبب انتشار العصابات المسلحة، وغياب شرطة الدوريات. في العموم، لم يعد المواطن اليمني يأمن على نفسه وأمواله لأننا أصبحنا نعيش في ما يشبه الغابة نتيجة غياب مؤسسات الدولة".
وليست المخاطر الأمنية للسفر حكراً على السيارات الخاصة، بل تتعداها إلى مركبات نقل المسافرين، والتي تكون هدفاً للعصابات المسلحة التي تنهب الركاب، ما جعل كثيرين من سائقي هذه المركبات يتجنبون السفر خلال الليل.
يعمل محمد عبده الصبري سائقاً على خط تعز- عدن، ويقول لـ"العربي الجديد": "تعرضت في العام الماضي خلال نقل مسافرين من تعز إلى عدن لعملية قطع طريق من قبل مسلحين في منطقة طور الباحة بمحافظة لحج. غالبية العصابات تقوم بنهب ممتلكات المسافرين، وهناك عصابات مسلحة تقوم بالبحث عن مسافرين من أبناء منطقة معينة نتيجة وجود ثارات، أو تقوم باختطاف مسافرين لطلب الفدية من عائلاتهم. لم يعد خط السير آمناً بسبب غياب الأجهزة الأمنية، فشرطة الطرق لا تقوم بواجبها، ولا وجود لعناصرها على الطرقات لتأمينها كما كان الحال قبل الحرب". يضيف الصبري: "لا تقتصر مخاطر السفر ليلاً على التعرض للسرقة، ففي حال التعرض لحادث لا تجد من يقوم بإسعاف الضحايا، وفي حال تعطل المركبة لعطل، فإنه لا يمكن إصلاحها نتيجة غياب الخدمات على الطرق، خاصة أن الكثير من محال ميكانيك وكهرباء السيارات الموجودة على الطرق لم تعد تفتح أبوابها بشكل دائم، وتغلق في ساعات الليل الأولى، وفي إحدى المرات تعرضت المركبة التي أقودها لعطل، ولم أستطع إصلاحها إلا في اليوم التالي، وتعطل المسافرون معي لأكثر من 12 ساعة، لذا صرت أتجنب السفر ليلاً".
بدوره، يقول مراد حسان، من منطقة شرعب، لـ"العربي الجديد": "قبل سنتين كنت مسافراً من تعز إلى عدن عبر حافلة نقل، وقررت أن أسافر ليلاً، لكن تم قطع طريقنا من قبل عصابة مسلحة في منطقة هيجة العبد بمديرية المقاطرة، وقام المسلحون بطلب بطاقات هوية الركاب، وحين عرفوا أنني من شرعب قاموا بإنزالي من الحافلة بالقوة، واحتجازي لأكثر من 36 ساعة، والسبب أن المسلحين كانوا على خلاف مع مجموعة من أبناء منطقتي، ولم يتم الإفراج عني إلا بعد توسط وجهاء من أبناء المنطقة".
وأدت سنوات الحرب إلى تدمير المنظومة الأمنية اليمنية، والتي شهدت تشظياً في جميع أجهزتها، بما فيها شرطة الدوريات وتأمين الطرق، والتي كانت تتولى تأمين الطرق بين المحافظات، قبل أن تختفي تماماً، في حين يؤكد مسؤولون أمنيون أن عدم توفر الإمكانيات هو السبب الأبرز وراء غياب شرطة الدوريات وتأمين الطرق. يقول المتحدث باسم شرطة تعز، المقدم أسامة الشرعبي، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك نقاطاً أمنية على الطرقات تم تشكيلها من قبل اللجنة الأمنية التي يرأسها محافظ تعز، أما بالنسبة لشرطة الدوريات وتأمين الطرق، والتي يفترض أن تقوم بدوريات متحركة على الطرقات، فدورها غائب نتيجة غياب الإمكانيات، والتي تقف عائقاً يحول دون القيام بتلك المهام بشكل منتظم، فلا توجد سيارات نجدة، ولا تتوفر الإمكانيات التشغيلية، ما يؤدي إلى خلل في توفير الأمن على الطرق".