محامو المغرب يشلّون المحاكم رفضاً للإجراءات الضريبية

01 نوفمبر 2022
لم يُسجّل هذا المشهد في محاكم المغرب اليوم نتيجة إضراب المحامين (فاضل سنّا/ فرانس برس)
+ الخط -

قاطع المحامون في المغرب، اليوم الثلاثاء، جلسات المحاكم احتجاجاً على قرار الحكومة فرض إجراءات ضريبية وردت في مشروع قانون المالية لسنة 2023، مطالبين برحيل وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي وقد حمّلوه كامل المسؤولية عن الأزمات الحاصلة وحالة الاحتقان التي تعرفها الساحة المهنية.

ونظّم محامون مغاربة، صباح اليوم، بالتزامن مع مقاطعتهم الجلسات، وقفات احتجاجية في عدد من مدن البلاد، رفضاً للمستجدات الواردة في مشروع قانون المالية والمتعلقة أساساً بفرض الضرائب على المحامين. وأكّد هؤلاء أنّ "هذا الإجراء الذي قامت به الحكومة الحالية في ظلّ قانون المالية انفرادي وأحادي، لم تشرك فيه جمعية هيئات المحامين بالمغرب".

وشهدت مدن الرباط والدار البيضاء ومراكش وفاس ومكناس وسطات وتطوان وطنجة تجمّعات لمحامين في داخل عدد من دور المحاكم وفي خارجها رفضاً لمشروع موازنة 2023، والذي يتضمّن مراجعة لنظام فرض الضريبة على المحامين، وفرض أداء مسبق على دخلهم، بحسب ما بيّنت تسجيلات فيديو بثّها محامون على منصات التواصل الاجتماعي.

بالنسبة إلى المحامين، فإنّ قرار الحكومة يتعارض مع المبادئ المؤطّرة لمهنة المحاماة والمقتضيات الدستورية، وقد رفعوا شعارات تعبّر عن غضبهم إزاء قرار الحكومة ومن "انفراد" وزير العدل في إعداد مسوّدة مشروع القانون المنظّم للمهنة. ومن بين تلك الشعارات "وهبي ارحل ارحل" و"الوزير يطلع برّا" و"يا وزير اسمع اسمع المحاماة لن تركع" و"يا محامي ناضل من أجل الكرامة والحرية" و"لا لا ثمّ لا لقرارات المهزلة" و"صامدون صامدون للقرار رافضون".

وفي خطوة تصعيدية لافتة، قرّر مجلس هيئة المحامين في الدار البيضاء، أمس الإثنين، التوقّف عن العمل طيلة أيّام الأسبوع ابتداءً من الأوّل من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري في مختلف المحاكم، مع مقاطعة الصناديق والجلسات وإيداع المقالات عبر المنصّات الرقمية باستثناء المقالات والطعون المرتبطة بتاريخ محدّد.

وجاء قرار مجلس أكبر هيئة محامين في المغرب، بعد فشل الوساطة التي قادتها الفرق البرلمانية بين المحامين والحكومة، على أثر الاجتماع الذي عُقد يوم أمس الاثنين في البرلمان المغربي. وبدا لافتاً حجم الخلاف، بعد أن أكّدت جمعية هيئات المحامين بالمغرب استمرارها في الخطوة الاحتجاجية الأولية المقرّرة اليوم الثلاثاء في انتظار ما يقرّره مجلس الجمعية في اجتماعه المقبل.

يقول رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب عبد الواحد الأنصاري لـ"العربي الجديد " إنّ "المحامين لا يتهرّبون من دفع الضرائب وهم مستعدّون للقيام بواجبهم الوطني والمساهمة في أعباء الدولة من خلال دفع الضرائب"، موضحاً أنّ "اعتراض المحامين على هذه الضريبة الجديدة يعزى إلى غموض إقرارها، فهي تأتي في سياق رفض المحامين مسوّدة مشروع قانون المهنة الجديد الذي تشرف وزارة العدل على إعداده".

ويوضح أنّ "المحامين كانوا وما زالوا وسوف يظلون مساهمين في تحمّل أعباء الدولة وفي مالية خزينتها، لكنّنا لا نريد تشريعاً لم نطّلع عليه وهو يعنينا ويعني مجموع المواطنين الذي نمثّلهم سنوياً"، لافتاً إلى أنّ "مجموع القضايا في المغرب تصل إلى ستة ملايين قضية".

يضيف أنّ "فرض الضريبة يهمّ فئة كبيرة من المغاربة، بغضّ النظر عن الشركات والمؤسسات والفئات التي تتراوح ما بين هشّة ومتوسطة اجتماعياً. نحن نريد فقط تشريعاً ضريبياً منصفاً وعادلاً يراعي خصوصية مهنة المحاماة في علاقتها بأعباء الدولة ومن نمثلهم أمام المحاكمة نيابة أو مؤازرة أو استشارة".

وبالتالي يطالب الأنصاري بـ"سحب الضريبة الجديدة التي جاء بها قانون المالية المُحال على البرلمان"، ويشدّد على أنّ "إقرار مثل هذا الإجراء يستدعي فتح مشاورات مع المحامين قبل اعتماده".

وينصّ مشروع قانون المالية لسنة 2023 على "إلزام المحامين بأداء تسبيق برسم الضريبة على الدخل أو الضريبة على الشركات على السنة المحاسبية الجارية لدى كاتب الضبط بصندوق المحكمة لحساب قابض إدارة الضرائب، حيث يؤدّي هذا التسبيق مرّة واحدة عن كلّ ملف في كلّ مرحلة من مراحل التقاضي، إذ حدّد المشروع مبلغ التسبيق بـ300 درهم (نحو 28 دولاراً أميركياً) بمحاكم الدرجة الأولى، و400 درهم (نحو 37 دولاراً) في محاكم الدرجة الثانية، و500 درهم (نحو 45 دولاراً) في محكمة النقض.

وكان وزير العدل عبد اللطيف وهبي قد أفاد في اجتماع سابق بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي) أنّ 95 في المائة من محامي المغرب لا يصرّحون إلا بعشرة آلاف درهم (نحو 900 دولار أميركي) سنوياً لإدارة الضرائب، واصفاً هذا الرقم بـ"المخيف".

وتشهد العلاقات بين الهيئات التي تمثّل المحامين في المغرب ووزير العدل حالياً فصلاً جديداً من التوتّر، بعدما تصاعد الجدال حول مسوّدة مشروع قانون تنظيم مهنة المحاماة وتوالت الانتقادات الموجّهة إلى بنودها وكيفية إعدادها.

وكان المحامون المغاربة قد خاضوا في 21 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي وقفة احتجاجية أمام مقرّ وزارة العدل في الرباط، احتجاجاً على ما تضمّنته مسوّدة مشروع قانون تنظيم المهنة من "تجاوزات خطرة وغير مسبوقة لمقاربة التشارك مع المؤسسات والإطارات (الكوادر) المهنية، ووجّهت ضربات لتعهدات الوزارة سابقاً عدم طرح القانون إلا بعد إصدار القوانين الإجرائية (قانون المسطرة المدنية والجنائية)، تمهيداً لتعزيز استقلالية المهنة وحصانتها، وتوسيع مجالات عمل المحامين".

المساهمون