نفذ أعضاء نقابة المحامين الفلسطينية وقفات احتجاجية واعتصامات داخل أروقة المحاكم الفلسطينية بمشاركة مؤسسات المجتمع المدني وفصائل فلسطينية، مع قرار بتعليق الدوام لمدة يومين، للمطالبة بإلغاء التعديل الأخير الذي أصدره الرئيس محمود عباس على قانون السلطة القضائية، وتشكيل مجلس أعلى للقضاء، وإصدار قرارين آخرين متعلقين بالقضاء وتشكيل المحاكم. وقال عضو مجلس نقابة المحامين الفلسطينيين، داود درعاوي، من داخل مقر مجلس القضاء الأعلى في مدينة البيرة: "أرتدي روب المحاماة الأسود مقلوباً كي أوصل رسالة، فمن أخطر الإجراءات التي يلجأ إليها المحامون الاحتجاج بقلب الروب، وهذا يعني أننا وصلنا إلى حالة لا يمكن التراجع عنها".
وأوضح درعاوي لـ"العربي الجديد"، أن "المحاكم هي الملاذ الأخير للمواطن الفلسطيني، ولذا قررت النقابة أن تكون الاعتصامات التحذيرية داخل أروقة المحاكم كي توصل رسالة بأن المحامين حراس للعدالة، وسيدافعون عن استقلال السلطة القضائية".
وقال نقيب المحامين، جواد عبيدات، لـ"العربي الجديد": "هذه الاعتصامات تهدف إلى إيصال رسالة لكل القضاة الذين تبنت نقابة المحامين الدفاع عنهم، بأن النقابة ستقوم بواجبها القانوني والأخلاقي تجاه منظومة العدالة والسلطة القضائية، لكون المساس بهذه السلطة سيؤدي إلى تغول واضح، والنقابة لا يمكن أن تعود عن مطالبها بإلغاء القرارات أو تجميدها على الأقل إلى حين عرضها على المجلس التشريعي، ولا سيما مع قرب موعد الانتخابات".
وعلق المحامون الدوام في المحاكم اليوم الأربعاء، وغداً الخميس، بعد تعليقه الاثنين الماضي، وعقدت اجتماعات للنقابة مع مؤسسات المجتمع المدني وفصائل فلسطينية؛ أعلنت خلال مؤتمر صحافي أمس، رفض القرارات الأخيرة المتعلقة بالقضاء.
ويرى درعاوي أن القرارات "جاءت لإعادة الهيمنة داخل المؤسسة القضائية ارتباطاً بالانقسام في الساحة الفلسطينية. المتنفذون الذين صاغوا تلك القرارات كان هاجسهم الوحيد كيفية توسيع الرقعة التي يقفون عليها للتأثير في مستقبل السلطة القضائية لاعتبارات شخصية، واعتبارات نفوذ. تشكيل مجلس القضاء الحالي، الذي اعتبرته نقابة المحامين غير شرعي، وأعلنت مقاطعته؛ رسالة سلبية تستبق اجتماع القاهرة الذي سيضم الأمناء العامين للفصائل لبحث قضايا الانتخابات".
وقال: "إذا كان لدى المتنفذين إمكانية عرقلة العملية الديمقراطية من خلال المؤسسة القضائية، فسيكونون المتحكمين في سير تلك العملية. عندما يعيد مسؤول غير شرعي إنتاج محكمة طعون انتخابات غير شرعية، فإنه يهدد العملية الديمقراطية برمتها".
ويتخوف المحتجون من التأثيرات المباشرة للقرارات على القضاة من خلال الإجراءات التي فرضتها، والعقوبات التي يمكن فرضها. ويوضح درعاوي أن "كثيراً من النصوص التي وردت في القرارات الأخيرة تطاول المواطن بالدرجة الأولى، وخاصة عندما تُوضع 8 آليات لمعاقبة القضاة وجعلهم تحت التجربة لثلاث سنوات، وتطبيق هذا النص بأثر رجعي على القضاة الحاليين، وهذا سيجعل القاضي مكبلاً في قضايا الحقوق والحريات وحرية الرأي والتعبير، لأنه إذا خرج عن الإطار الذي رسمته السلطة التنفيذية، فسيجد نفسه خارج القضاء".
وقال أمين سر نادي القضاة، فاتح حمارشة، خلال الوقفة الاحتجاجية، لـ"العربي الجديد"، إن القرارات الأخيرة انهيار لمبدأ الفصل بين السلطات واستقلال القضاء، كذلك فإنها "فُصِّلت على مقاس رئيس مجلس القضاء الأعلى الانتقالي، ليعود إلى رأس السلطة القضائية، في تضارب مصالح مفضوح، حيث استُثني من شرط سنّ التقاعد، فضلاً عن أن المواطن سيُحرَم اللجوء إلى قاضٍ لا يخضع للترغيب والترهيب، فالقوانين الجديدة تضمنت أكثر من ست حالات عزل للقضاة خلافاً للمعايير الدولية".
واعتبر حمارشة أن القرارات استمرار للإجراءات التي اتخذها سابقاً مجلس القضاء الأعلى الانتقالي بشكل مخالف للمبادئ الدستورية، وانتهاك لضمانات استقلال القضاء، وصولاً إلى التزاوج غير الشرعي بين المجلس الانتقالي والمجلس الحالي، والنتيجة إحكام السيطرة على السلطة القضائية من قبل السلطة التنفيذية، وتحويلها إلى دائرة حكومية خاضعة للسلطة التنفيذية".
وأصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الأسبوع الماضي، قرارات جديدة تتعلق بالشأن القضائي، وقانون السلطة القضائية، وتشكيل محاكم نظامية جديدة، وإنشاء قضاء إداري مستقل على درجتين، وقراراً بقانون بإدخال تعديلات على قانون السلطة القضائية، وقرر ترقية عددٍ من قضاة البداية إلى قضاة استئناف، وإحالة ستة قضاة على التقاعد المبكر بناءً على تنسيب من مجلس القضاء الأعلى الانتقالي.