تُبدي السلطات الليبية اهتماماً نسبيّاً بالأشخاص ذوي الإعاقة، من مؤشراته الاستجابة لمطالب ناشطين وجمعيات أهلية لمناقشة المشاكل التي تعترض حياة أفراد هذه الشريحة. في هذا الإطار، التقى النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للدولة محمد عبد النبي بقي بالقائمين على منظمة "تعاونوا" للرعاية الإنسانية وعدد من الأشخاص ذوي الإعاقة مؤخراً. وأوضح أن اللقاء بحث المشاكل التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة وسبل معالجتها. كما وعد عبد النبي بنقل مطالب أصحاب هذه الشريحة بشأن ضرورة العمل على تسهيل دمجهم في المجتمع لمسؤولي المجلس، مشيراً إلى أن اللقاء ناقش وجوب تقديم الخدمات الصحية بما يتناسب مع احتياجات هذه الفئة والبرامج المعززة لدورها بهدف تحويلها لفئة فاعلة بالمجتمع.
وأخيراً، أشرف رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة على توزيع الدفعة الأولى من السيارات المخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة في إطار سعي الحكومة لما وصفته بـ "حل مشكلة المواصلات" لأفراد هذه الشريحة. وخلال حفل التوزيع، أعلن الدبيبة عن "إطلاق مشروع دعم الشرائح غير المشمولة باستلام السيارات بقيمة 50 مليون دينار، تقدم على شكل مشاريع صغرى".
وفي سعي الحكومة لتمكين حصول هذه الشريحة على سيارات خاصة، يؤكد الدبيبة أن فروع الهيئة العامة لصندوق التضامن الاجتماعي في مختلف مناطق ليبيا ستوزع السيارات المخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة (من المستحقين) خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن العدد المستهدف توزيعه في المرحلة الأولى هو 2300 سيارة. كما يشير الدبيبة إلى أن أولوية التوزيع ستكون بحسب نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة المسجلة بكل فرع، موضحاً أن حكومته ستدعم هذه الفئة أيضاً من خلال تمويل المشاريع الصغرى والمتوسطة، بالإضافة إلى تخصيص الحكومة قطعة أرض يملكها لصالح نادي التضامن الرياضي الثقافي لذوي الاحتياجات الخاصة في طرابلس. كما أعلن عن سعيه زيادة الرواتب الأساسية للمستحقين من الهيئة العامة لصندوق التضامن الاجتماعي.
ويعرب عضو ائتلاف مجموعة اتحاد جمعيات الدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة عاطف الفقي عن ارتياحه لهذا التجاوب بعد إهمال استمر طويلاً لهذه الشريحة. في المقابل، ترى ردينة شنينه، وهي من الأشخاص ذوي الإعاقة وعضوة في جمعية "يقين" لدعم المرأة المعوقة، أن هذا الاهتمام هو بمثابة "استغلال لمطالبنا الإنسانية لغرض الدعاية الإنسانية".
وما من إحصائيات دقيقة عن أعداد الأشخاص ذوي الإعاقة بحسب الفقي، الذي يرى أن ضغوط الجمعيات والنشاطات الأهلية والنشطاء كان لها دور في لفت أنظار السلطات لاحتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة.
ويقرّ الفقي بأن الاستجابة لا تزال ضئيلة مقارنة بحجم احتياجات أصحاب هذه الشريحة، لكنه يستدرك قائلاً: "شيء خير من لا شيء، وتفاؤلي مبعثه زيادة التجاوب اذا استمرت الجمعيات والنشطاء في الضغوط من خلال البيانات والمطالبة باللقاءات مع المسؤولين".
ويقول الفقي لـ "العربي الجديد" إنّ "المطالب يجب أن تتدرّج؛ لا يمكننا اليوم المطالبة بقاعدة بيانات مثلاً أو إحصائيات"، مشيراً إلى أن "نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة تزداد كل يوم، وخصوصاً من جراء الحروب". وآخر إحصاء لمعوقي الحرب كان قد أعلن عنه رئيس حكومة الوفاق الوطني السابقة فائز السراج في ديسمبر/ كانون الأول 2021، مشيراً إلى أنهم أكثر من 120 ألف معوق، لكنه إحصاء يتوقف عند نهاية عام 2018. ويؤكد أنّ "هذا الرقم تضاعف بشكل كبير خلال عامي 2019 و2020، حين شهدت البلاد حروباً مختلفة أبرزها الحرب على طرابلس والتي دامت مدة عام ونصف العام، وتضرر بسببها مئات الأشخاص سواء من المشاركين في الحروب أو الأهالي من جراء سقوط القذائف والقصف العشوائي". ويقول إن الزيادة تأتي بسبب عوامل أخرى من بينها حوادث السيارات التي ارتفعت نسبتها خلال السنوات الماضية.
ونسبةً للفوضى السياسية والاضطرابات الأمنية التي تعيشها البلاد، وعدم استقرار الحكومات، يرى الفقي أن التجاوب الرسمي "جيد، ويمكننا رفع مستواه من خلال الضغط والمطالبات، فوضع فئة الأشخاص ذوي الإعاقة كارثي ولا يمكن تسويته كلياً في هذه الظروف".
وتؤكد شنينه أن الاهتمام الحكومي يأخذ شكلين؛ إما بيانات للاستهلاك الإعلامي وإما لاستثمار أوضاعهم وتحقيق مكاسب سياسية. وتقول لـ "العربي الجديد": "خلال الحملات الانتخابية العام الماضي، كانت هناك تسهيلات للأشخاص ذوي الإعاقة للتسجيل في منظومة الناخبين حتى أنهم كادوا يدخلون بيوتنا حتى نسجل". تتابع: "لا شك في أن حل مشكلة المواصلات مهمة بالنسبة إلينا، إلا أن الأهم هو توفير العلاج ودمج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع. وبدلاً من الحديث عن رفع الرواتب، من الأفضل العمل على ضمان وصولها شهرياً. في بعض الأحيان، ننتظر ستة أشهر وأحياناً أكثر للحصول على راتب شهر أو شهرين فقط".