قصص لاجئين سوريين يعيشون في رعب خشية ترحيلهم من لبنان

28 ابريل 2023
سباق إعلامي وسياسي بالتحريض على السوريين في لبنان؟
+ الخط -

قبل سنوات، لجأ سامر وعائلته إلى لبنان هرباً من الحرب في بلاده، لكن الأمن الذي سعوا إليه ترافق مع ظروف معيشية صعبة وغالباً مع خطاب عنصري ضد اللاجئين السوريين، وصولا إلى هاجس الترحيل. فالأسبوع الماضي، انقطعت أخبار شقيقه بعد أن سلمه الجيش اللبناني إلى السلطات السورية التي أوقفته.

وشنّ الجيش، خلال الأسابيع القليلة الماضية، حملات مداهمة واسعة لتوقيف سوريين لا يملكون إقامات أو أوراق ثبوتية أسفرت عن توقيف نحو 450 شخصا، جرى ترحيل أكثر من ستين منهم إلى سورية، وفق ما أفاد مصدر في منظمة إنسانية مطلع على ملف اللاجئين.

وشملت المداهمات في إحدى ضواحي بيروت منزل شقيق سامر المتواضع، ورافق الجيش سامر وزوجته وطفليه إلى الحدود، حيث سُلّموا إلى قوات الأمن السورية التي أطلقت بعد أيام قليلة سراح الزوجة والطفلين، وأوقفت الزوج، وفق رواية شقيقه.

يقول سامر (26 عاماً) الذي طلب استخدام اسم مستعار خشية على سلامته، لوكالة "فرانس برس"، "نخاف أن نعيش المصير ذاته، أن يرحلونا إلى سورية حيث لا نعرف متى يمكن أن يجرى اعتقالنا أو حتى إخفاؤنا".

ويضيف الشاب الذي كان وشقيقه في عداد من شاركوا في الثورة ضد النظام السوري عند اندلاعها العام 2011: "نخاف أن يصبح شقيقي في عداد المفقودين" في سجون النظام.

وبعد اندلاع الحرب في سورية المجاورة، لجأ عدد كبير من السوريين إلى لبنان. وتقدّر السلطات حالياً وجود أكثر من مليوني لاجئ على أراضيها، بينما عدد المسجّلين لدى الأمم المتحدة يتجاوز بقليل عتبة 800 ألف.

ومنذ استعادة الجيش السوري السيطرة على الجزء الأكبر من مساحة البلاد، تمارس بعض الدول ضغوطاً لترحيل اللاجئين من أراضيها بحجة تراجع حدّة المعارك. لكن ذلك لا يعني، وفق منظمات حقوقية ودولية، أن عودة اللاجئين باتت آمنة في ظل بنى تحتية متداعية وظروف اقتصادية صعبة وملاحقات أمنية تشمل اعتقالات تعسفية وتعذيباً.

في لبنان، تنوّعت الضغوط على اللاجئين السوريين من حظر تجول في أوقات معينة وتوقيفات وترحيل قسري، إلى مداهمات وفرض قيود على معاملات الإقامة. بينما تنظر السلطات إلى ملف اللاجئين بوصفه عبئاً وتعتبر أن وجودهم ساهم في تسريع ومفاقمة الانهيار الاقتصادي المتواصل منذ 2019.

"تعبنا"

يقول سامر: "نحن أيضاً تعبنا ونريد حلاً. لا نريد أموالاً ولا نريد أي شيء من لبنان". ويوضح: "يتهموننا أننا نأخذ مساعدات من الأمم المتحدة بالدولار، لكن ذلك غير صحيح".

وتؤكد مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أن المسجلين لديها يحصلون على مساعدة نقدية بالليرة اللبنانية فقط، وأن التمويل المتوفر لديها يغطي 43 في المائة من اللاجئين المحتاجين.

وأشارت المفوضية مؤخراً، في تصريح لوكالة "فرانس برس"، إلى ارتفاع في عدد المداهمات في مناطق يقطن فيها لاجئون سوريون في منطقتي جبل لبنان والشمال، بينها 13 مداهمة على الأقل في شهر إبريل/نيسان.

وتحدثت المنظمة عن تقارير تفيد بأن بين الموقوفين والمرحلين لاجئون مسجلون لديها. وأوضح المصدر المتابع للملف، لوكالة "فرانس برس"، أنه في بعض الحالات، فُرّق أطفال عن عائلاتهم.

وأعرب عدد من السوريين عن خوف يتملكهم في الأيام الأخيرة يمنعهم حتى من الخروج إلى الشارع.

ويقول أبو سليم الذي طلب استخدام اسم مستعار: "منذ أيام أجلس ونحو عشرين عاملاً سورياً آخر في مستودع المكان الذي نعمل فيه خشية توقيفنا".

ويخاف أبو سليم أن يُسلّم للسلطات السورية بعدما عانى ست سنوات في سجونها، حيث تعرّض لتعذيب شديد، على حدّ قوله.

ويضيف: "لا أريد أن أعيش تجربة الاعتقال مجدداً، إذا دخلت السجن مجدداً، فلن أخرج منه".

"لماذا الكراهية؟" 

وترأس رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الأربعاء، اجتماعين لبحث ملف اللاجئين السوريين، جرى التأكيد خلالهما على مواصلة تدابير الجيش والقوى الأمنية "بحق المخالفين، خصوصا لجهة الداخلين بصورة غير قانونية وغير الحائزين على الوثائق الرسمية والقانونية".

واعتبر وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار، الشهر الحالي، أن الموضوع بات "قضية حياة وموت"، محذراً من "تغييرات ديمغرافية خطيرة وسنصبح لاجئين في بلدنا".

وارتفع خلال الأسابيع الماضية مجدداً خطاب الكراهية تجاه السوريين، وطالب لبنانيون كثر عبر وسائل التواصل الاجتماعي بإخراجهم من لبنان.

ويتساءل عمار (31 عاماً)، اللاجئ السوري في لبنان منذ 2014، "لِمَ كل هذه الكراهية تجاهنا؟ نحن شعب لجأنا إلى هنا هرباً من الموت، ماذا فعلنا لكم؟".

ويعيش عمار، الوالد لطفل رضيع، في حيرة من أمره منذ بدء المداهمات الأخيرة.

ويقول: "لم أخرج من المنزل منذ أن سمعت عن الترحيل، لكنني أخاف أيضاً أن يقتحم الجيش بيتي ويسلّمني، كما أنني مضطر إلى العودة إلى العمل لأشتري الحليب لطفلي الرضيع".

كان عمار يأمل أن يتخرج من كلية إدارة الأعمال، لكن النزاع في بلده دفعه للجوء إلى لبنان حيث يعمل في خدمة التوصيلات.

ويضيف: "لو كنت أعرف أن الأمور ستصعب بهذا الشكل، لما تزوجت ودمرت حياة عائلتي معي".

ومع استمرار تدهور الأوضاع المعيشية في سورية، بات كثر يعبرون إلى لبنان عبر طرق التهريب أملاً في ركوب قوارب هجرة غير قانونية أصبح لبنان نقطة انطلاق لها نحو أوروبا منذ مدة.

ويقول عمار: "قد أجد الأمل في البحر، لكن في سورية لم يعد هناك من أمل". ويضيف: "أفضّل الموت في البحر على العودة إلى سورية".

(العربي الجديد، فرانس برس)

ذات صلة

الصورة
عبد الله النبهان يعرض بطاقته كلاجئ سوري شرعي (العربي الجديد)

مجتمع

تنفذ السلطات التركية حملة واسعة في ولاية غازي عنتاب (جنوب)، وتوقف نقاط تفتيش ودوريات كل من تشتبه في أنه سوري حتى لو امتلك أوراقاً نظامية تمهيداً لترحيله.
الصورة
تحقيق التجنيد1

تحقيقات

يكشف التحقيق كيف تُستنزَف موارد اليمن البشرية، إذ يُجنّد المتحاربون شباناً في سنّ الجامعة، وبدلاً من تحقيق أحلامهم في حياة كريمة وبناء الوطن، يعودون جثثاً هامدة
الصورة

مجتمع

ناشد لاجئون سوريون السلطات الأمنية العراقية وقف حملة الترحيل القسري بحقهم إلى سورية على الرغم من امتلاكهم وثائق رسمية عراقية تمكنهم من البقاء...
الصورة

منوعات

أعلنت السلطات الأمنية التركية، الأربعاء، أنّها أوقفت 27 مديراً ومحرراً صحافياً لحسابات إلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد "قيامهم بترويج خطابات تحريضية تحرّض على الحقد والكراهية في المجتمع".