غزة: حروق بليغة تنهش أجساد الفلسطينيين

16 اغسطس 2024
الطفل عز الدين البلبيسي ووالداه (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **معاناة الأطفال الفلسطينيين من الحروق البليغة:** يعاني الطفل عز الدين البلبيسي من حروق تغطي 70% من جسده نتيجة استهداف الطائرات الحربية الإسرائيلية لمدرسة، مع نقص الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية لعلاجه.
- **قصص أخرى من الألم والمعاناة:** الطفل بلال أبو حسنين أصيب بحروق وكسر في العمود الفقري جراء قصف منزلهم، مع استشهاد والدته وشقيقه، ونقص الأدوية في المستشفيات.
- **التحديات الصحية في قطاع غزة:** الدكتور محمود مهاني يوضح أن نسبة الحروق المتقدمة تتراوح بين 50% إلى 95%، مع نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، والحاجة للسفر للعلاج في الخارج.

لا يتوقف الطفل الفلسطيني عز الدين البلبيسي عن الأنين بسبب الألم الناتج عن حروق بليغة أصيب بها قبل نحو شهر، بفعل استهداف الطائرات الحربية الإسرائيلية مدرسة أبو عريبان في مخيم النصيرات وسط قطاه غزة، والتي تضم آلاف المهجرين الفارين من ويلات العدوان المتواصل منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. 

وتغطي حروق ما يزيد عن 70% من جسد الطفل النحيل، الذي لا يقوى على تحمل الألم الذي يشاركه فيه آلاف الفلسطينيين الذين يعانون من حروق متقدمة بسبب القذائف الحارقة ولهيب الصواريخ الإسرائيلية. وتأتي معاناة المصابين بمختلف درجات الحروق مع واقع كارثي للقطاع الصحي، الذي يشهد نقصاً شديداً في الأدوية والعلاجات والمستلزمات والمستهلكات الطبية، ما يتسبب في مضاعفة أعداد الضحايا على مدار الوقت نتيجة عدم القدرة على التعامل معهم.

وتقول والدة الطفل عز الدين، تحرير البلبيسي، إنها هجرت برفقة أسرتها من مخيم البريج إلى مدرسة أبو عريبان على اعتبار أنها تقع ضمن المناطق التي يدعي الاحتلال الإسرائيلي أنها آمنة، إلا أنها لم تكن كذلك، إذ استهدفت بالصواريخ بشكل مباشر، ما أدى إلى استشهاد العشرات واحتراق كافة مرافقها. وتوضح في حديثها لـ"العربي الجديد" أن الاستهداف الإسرائيلي تسبب بإصابة زوجها أحمد في أنجاء جسده، وابنها البكر محمد في رأسه، فيما أصيب ابنها عز الدين بحروق بنسبة 70% من جسده، بالإضافة إلى إصابته بشظية في الفخذ تسببت بتهتك العصب و12 سنتيمتراً من الوتر، الأمر الذي قد يؤدي إلى عدم قدرته على المشي مجدداً.

وتشير إلى أن طفلها يحتاج إلى تغذية معينة لمساعدته على التعافي، ومراهم تجميلية، في الوقت الذي تضطر فيه إلى شراء بعض أصناف الأدوية جراء النقص الحاد في العلاجات المتوفرة، نتيجة الإغلاق الإسرائيلي للمعابر ومنع دخول مختلف المواد الأساسية.

أما الطفل بلال أبو حسنين فقد أصيب جراء قصف منزلهم في منطقة البيئة غربي مدينة دير البلح وسط قطاع غزة مطلع شهر يوليو/ تموز الماضي، فيما استشهدت والدته كفاح وشقيقه الكبير عبد الله، وأصيب والده ومعظم أفراد العائلة بجروح متفاوتة وحروق بدرجات مرتفعة.

ويقول خال الطفل عيسى السيلاوي، وهو من منطقة حي الأمل في مدينة خانيونس، إن بلال أصيب بحروق من الدرجتين الثانية والثالثة، وكسر في عموده الفقري، ما قد يهدد قدرته على الحركة. ويشير في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى النقص والشح الشديدين في الأدوية داخل المستشفى جراء الأزمة العامة، ما يجعل العائلات تشتري الأدوية والعلاجات المطلوبة من الصيدليات أو بسطات بيع الأدوية بأسعار مرتفعة في محاولة للتخفيف من آلام أطفالها.

ولم تتمكن أماني شرف من حبس دموعها وهي تروي ما تعرضت له أسرتها النازحة، ما أدى إلى اصابة أفرادها بجروح متفاوتة، كان أخطرها من نصيب زوجها خالد محمد علي الذي أصيب بحروق في معظم أنحاء جسده بنسبة 60%، في الوقت الذي يشهد الواقع الطبي شحاً كبيراً في العلاجات الضرورية، التي من شأنها تعجيل الشفاء.

تغطي الحروق ما يزيد عن 70% من جسده النحيل (العربي الجديد)
تغطي الحروق ما يزيد عن 70% من جسده النحيل (العربي الجديد)

وتبين شرف لـ"العربي الجديد" أن زوجها تلقى العلاجات الأولية بعد ساعات طويلة من إصابته بفعل النقص الشديد في أسرّة المرضى، وأعداد الإصابات الهائل. تضيف: "تعرضنا جميعنا لإصابات مختلفة، على الرغم من امتثالنا لأوامر الاحتلال بإخلاء مدينة غزة والتوجه إلى المناطق الوسطى والجنوبية، حيث تم استهداف مدرسة وسط مدينة دير البلح من دون أي سابق تحذير أو تنبيه".

وفي السياق، يوضح مسؤول قسم التجميل والترميم والحروق في مستشفى شهداء الأقصى محمود مهاني أن نسبة الحروق التي تصل إلى المستشفى مؤخراً متقدمة جداً، وهي من الدرجتين الثالثة والرابعة، مبيناً أن نسبة كبيرة من هذه الحروق المتقدمة تؤدي إلى الوفاة بفعل النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية.

ويقول مهاني لـ"العربي الجديد" إن الحروق الناتجة عن القذائف والصواريخ والقصف الإسرائيلي تتراوح ما بين 50% إلى 90% أو 95% من الجسم، مبيناً أن هذه النسبة المرتفعة من درجات الحرق أو مساحة الحرق تُرصد للمرة الأولى، من دون القدرة على تحديد المواد التي يستخدمها الاحتلال لاستهداف الحالات، والتي تتسبب في إزالة الجلد والأنسجة تحت الجلد والعضل، وصولاً إلى العظام.

ويبين أن شدة الانفجارات والتأثيرات النارية للصواريخ الإسرائيلية تتسبب بإصابة معظم من في المكان المستهدف بدرجات حروق متقدمة، إذ تصل إلى القسم الذي جرى استحداثه داخل المستشفى لتقديم الرعاية غير المتوفرة سابقاً أعداد كبيرة، لافتاً إلى أن المتخصّصين يتعاملون مع الحالات عبر تنظيف الحروق وتقديم العلاجات اللازمة، إلا أن نسبة منهم تفقد حياتها بفعل المضاعفات المترافقة مع ضعف الإمكانيات.

ويلفت مهاني إلى مدى حاجة القطاع الصحي للعلاجات والمستهلكات الطبية والمعدات لمواصلة عمله والتعامل مع الأعداد الكبيرة والنسب المرتفعة للحروق، بالإضافة إلى الحاجة الماسة لعدد كبير من الحالات للسفر إلى الخارج وزيارة المراكز المتقدمة في مجال الحروق.

المساهمون