عراقيون يبحثون عن حياة في الخارج

02 نوفمبر 2022
مهاجرون من جنسيات مختلفة من بينهم عراقيون وصلوا لإيطاليا (فاليريا فيرارو/ Getty)
+ الخط -

تستمر مساعي العديد من العراقيين في الهجرة نحو أوروبا وأميركا وكندا بحثاً عن فرصة حياة أفضل والعيش بأمان في ظل ما تعانيه البلاد من سيطرة للأحزاب الدينية والفصائل المسلحة التي تتقاسم الموارد والمناصب والوظائف. وعلى الرغم من سقوط ضحايا كثر نتيجة الهجرة السرية، فهي مستمرة. 
لا يأبه كثير من الشباب العراقيين بخطورة الهجرة عبر البحر بعدما عجزوا عن إيجاد فرص عمل في مجال تخصصاتهم في بلادهم وتحقيق أحلامهم. ويقول خبراء إن هجرة الشباب المتعلم والمتخصص تؤدي إلى خسائر اقتصادية.  
وكشف مسؤول المفوضية السامية للاجئين العراقيين آمانج عبد الله، في بيان أصدره مؤخراً، عن هجرة نحو 75 ألف مواطن عراقي خلال الأشهر العشرة الماضية، مشيراً إلى أنه "خلال الفترة من الأول من يناير/ كانون الثاني 2022 وحتى الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، هاجر قرابة 75 ألف مواطن عراقي إلى الخارج، 38 ألفاً من بينهم من إقليم كردستان". وأوضح أنّ "قرابة 38 شخصاً لقوا حتفهم فيما فُقد 27 منهم، عدا عن وجود أعداد كبيرة في السجون"، مؤكداً أن "أوضاع اللاجئين العراقيين تتراجع باستمرار، وقد انعكست الحرب الروسية الأوكرانية بصورة كبيرة على اللاجئين في أوروبا". وقال عبد الله إنّ "ملف اللاجئين يستخدم كورقة ضغط سياسية من قبل بعض الدول، لأنّ اللاجئ هو الحلقة الأضعف في المراهنات الدولية"، مطالباً أن "تتحمل حكومة إقليم كردستان وبرلمانها والحكومة العراقية الاتحادية مسؤوليتها تجاه اللاجئين لما للخلافات السياسية من تأثير سلبي على أوضاع الشباب العراقي، وانعدام فرص العمل لهم".
من جهته، يقول المسؤول في وزارة الهجرة والمهجرين علي عباس إن "أرقام المهاجرين إلى الخارج غير واضحة. وخلال رحلات الهجرة، غرق مهاجرون وتعرض آخرون للسرقة. هذا واقع أليم ندركه في الوزارة، لكنّنا لا نستطيع منع العراقيين من اختيار البلد الذي يريدون العيش فيه على الرغم من أن دول العالم وتحديداً الأوروبية، تعاني حالياً من أزمات اقتصادية وأخرى مرتبطة بالطالة". ويؤكد في حديثه لـ "العربي الجديد" أنّ "العراق خسر الكثير من الطاقات الشابة والكفاءات في ظل تردي الأوضاع الأمنية والمعيشية، ناهيك عن عدم توفر الفرص للإبداع في مجالات عدة". ويشير إلى أنّ "الوزارة تحاول ضمان عودة الكفاءات العراقية وإرجاع الشباب العراقي إلى بيئة تنسجم مع تطلعاته. وهناك خطة جديدة لمنع استمرار هجرة العراقيين وتحديداً الشباب، من خلال التنسيق بين وزارتي الهجرة والمهجرين والمالية".

بدوره، يقول النائب السابق في البرلمان محمد اللكاش إنّ مهاجرين سريين غرقوا خلال فترات متقاربة زمنياً في وقت ينجو آخرون (ينطلق المهاجرون عادة من بحر إيجه والبحر الأبيض المتوسط بعد الوصول إلى تركيا وغيرها) لكن لا تتحدث السلطات عن الأمر لأنها ستتحمل مسؤولية الأسباب التي تدفع الشباب إلى التفكير بالهجرة. ويؤكد لـ"العربي الجديد" أن "الحكومات والأحزاب العراقية مسؤولة بشكلٍ مباشر عن هجرة العراقيين، وتحملهم مخاطر كبيرة في سبيل الوصول إلى مناطق آمنة والبحث عن حياة أفضل"، مضيفاً أنّ استمرار مشاكل العراق السياسية ومساعي الأحزاب للتناوب على السلطة ستؤدي إلى استمرار هجرة الميسورين". 

مهاجرون من جنسيات مختلفة من بينهم عراقيون وصلوا لإيطاليا (فاليريا فيرارو/ Getty)
نجوا من الغرق (فاليريا فيرارو/ Getty)

إلى ذلك، يقول أبو هيثم المقيم في حي الكرادة ببغداد إن "الهجرة هي الخيار الأفضل بالنسبة للكثير من العائلات العراقية، لا سيما تلك التي لديها أكثر من طفل. ويشير إلى أن "العراقيين لا يخشون الغرق في البحار، لأنّ في ذلك محاولة للخلاص من البلاد التي تحتلها المليشيات والعصابات والسلاح السائب والأحزاب المخادعة، التي تواصل نهش حق العراقيين بالحياة في بلد آمن ومستقر مادياً".
أما عزيز المشهداني، فيشير إلى أن "أصدقاء له هاجروا قبل عامين وقد نجحوا في اجتياز كل المخاطر"، مؤكداً في حديثه لـ "العربي الجديد" أنه "يسعى إلى اللحاق برفاقه، وينتظر آلاف العراقيين الفرصة للخروج من العراق لأن السيطرة المسلحة على البلاد تمنع إنشاء أي دولة توفر حقوق الناس وتمنحهم الاهتمام".

وفي وقتٍ سابق، قال رئيس الوزراء العراقي الحالي محمد شياع السوداني لـ "العربي الجديد" إنّ "الشباب العراقي يمثل الشريحة الكبرى في البلاد، لكنّها شريحة مهمشة بفعل الأخطاء الحكومية والسياسية التي أدت بشكلٍ أو بآخر إلى دفع الشباب للتظاهر والاحتجاج والهجرة والضياع"، معتبراً أنّ "الإخفاقات باستقطاب الشباب، وإشراكهم في سوق العمل، والاستفادة من خبراتهم لتعزيز الاقتصاد العراقي، دفعتهم إلى التفكير باللجوء إلى دول أخرى، بحثاً عن حياة أفضل وبناء مستقبل لهم". ولفت إلى أنّ عموم الأحزاب التي تتشارك السلطة في البلاد تتحمل مسؤولية تراجع المستوى الأمني والاقتصادي وغياب الحلول الواضحة لحلّ هذه المشاكل"، مشيراً إلى أنّ هجرة الشباب العراقي تكبد البلاد، بطبيعة الحال، خسائر اقتصادية وطاقات مهمة.
وساهمت معظم الأزمات السياسية والأمنية في العراق بعد الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003 في زيادة هجرة الشباب هرباً من الحرب تارة، وللبحث عن فرص عمل في تخصصاتهم تارة أخرى. ويبحث هؤلاء عن فرص للخروج من العراق نحو دول الخليج أو الاتحاد الأوروبي.

المساهمون