تلتقي تقاليد عيد الميلاد في العالم على كل ما يحبه الناس ويعشقون أن تكون تجمعاتهم في تلك الليلة المميزة حوله. ومن الطبيعي أن تتمحور هذه التقاليد حول الطعام والعائلة والأصدقاء، مع ملاحظة تطوير شعوب عادات ميلادية خاصة بهم يعتبرون أنها رائعة رغم أنها قد تكون غريبة بالنسبة إلى شعوب أخرى.
عند التفكير في طعام عيد الميلاد، تكون فطائر اللحم المفروم والديك الرومي والدجاج على رأس القائمة. والملاحظ أنه في بلدان عدة، في مقدمها الولايات المتحدة واليابان، بات طعام العيد يرتبط بسلسلة "كنتاكي فرايد تشيكن" (كاي إف سي) التي تسجل أكبر حجم مبيعات سنوياً عشية العيد منذ إطلاق حملة تسويقية خاصة بالمناسبة عام 1974.
وبين الأطعمة المميزة أيضاً تحضر حلوى الكريما (بودينغ) بكل النكهات والأشكال، وهي متعة شعبية خاصة بالعيد في بلدان عدة، بينها سلوفاكيا وأجزاء من أوكرانيا. ويعتبرها البعض بين أساليب التنبؤ بالمستقبل، إذ يأخذ أكبر فرد من الذكور في العائلة ملعقة من الكريما ويلقيها في السقف، وكلما زاد عدد أصابع "البودينغ" العالقة في السقف يزداد الحظ الذي يستدعى أيضاً عبر نشاطات أخرى بينها تنظيم يانصيب وطني بمبلغ كبير من المال.
وفي إسبانيا انطلقت هذه العادة في نهاية القرن التاسع عشر، ثم أصبحت حدثاً اجتماعياً ضخماً يجري عادة في 22 ديسمبر/ كانون الأول حين يجتمع الناس وفي حوزتهم عشرات من تذاكر اليانصيب، بأمل أن يكونوا بين الفائزين المحظوظين.
وتنشد جوقة تضم 22 تلميذاً أرقام اليانصيب، ويدخل جميع السكان في حالة تأمل بهدية عيد ميلاد لمدى الحياة.
وبحسب الفولكلور النرويجي، تنطلق عشية عيد الميلاد الأرواح والسحرة في السماء لإبعاد الأذى. ولأن السحرة في القصص والأفلام يستخدمون المكانس كوسيلة نقل مفضلة، تخفي العائلات في النرويج العصي كي لا يستطيع السحرة العثور عليها.
وفي أوكرانيا، يجري تزيين أشجار عيد الميلاد بزخارف تشبه شبكات العنكبوت لجلب الحظ السعيد، استناداً إلى حكاية تروي أن امرأة فقيرة لم تستطع جلب زينة لشجرتها، استيقظت صباح اليوم التالي للعيد، ورأت أن شجرتها مغطاة بشبكات عنكبوت بدت متألقة وجميلة في ضوء الشمس. وفي دول أخرى مثل بولندا أو ألمانيا، يعتبر العثور على عنكبوت أو شبكة عنكبوت في شجرة عيد الميلاد حظاً سعيداً.
بالانتقال إلى تقليد شجرة عيد الميلاد المعتمد في أنحاء العالم، يعتقد أنه بدأ في ألمانيا في القرن السادس عشر، ورمزها الأهم هو "بوتوكوا" وموطنها الأساس نيوزيلندا، وتشتهر بجذورها العقدية وأزهارها القرمزية الزاهية.
وذكر شجرة "بوتوكوا" للمرة الأولى عالم الجيولوجيا النمساوي فرديناند فون هوشستيتر عام 1867، حين وصف تزيين سكان بلاده كنائسهم ومنازلهم بها.
وفي نيوزيلندا توضع صور ورسوم شجرة "بوتوكوا" على بطاقات عيد الميلاد والزينة، ويذكر الأطفال اسمها في ترانيم عيد الميلاد التي ينشدونها في المدارس.
واللافت أن شعوب بلدان عدة يستبدلون نباتات الصنوبريات التي تتضمنها أشجار "بوتوكوا" بأشكال مخللات تخفى داخل أغصان الشجرة غير الطبيعية التي توضع في المنازل.
وتقول إحدى الأساطير إن أشكال المخللات نشأت في إسبانيا عندما احتجز صبيان صغيران داخل برميل مخلل، فأنقذهما القديس نيكولاس وأعادهما إلى الحياة.
وفي بعض البلدان يحصل الشخص الذي يجد أشكال المخللات المخفية على هدية إضافية، أو يقال له إنه سيحظى بحظ جيد كبير.
ويلي نصب شجرة الميلاد وضع الهدايا تحتها. في هولندا يضع الأطفال أحذيتهم بفارغ الصبر بأن يملأها سانتا كلوز بهدايا صغيرة ومكافآت خلال الليل.
وفي إيطاليا، تزور امرأة عجوز تُدعى بيلفانا بدلاً من سانتا كلوز الأطفال لملء جواربهم بالحلوى، وترك الهدايا. وفي أيسلندا من المعتاد أن يحصل كل فرد على ملابس جديدة.
وفي بعض أجزاء العالم، مثل أوكرانيا وبولندا، ينتظر الأطفال مشاهدة ظهور النجمة الأولى في السماء لفتح الهدايا. وإذا كانت السماء ملبدة بالغيوم يقرر شخص متى يحين وقت فعل ذلك.
وبالنسبة إلى صندوق بريد بابا نويل، فتحدد بعض الشعوب عنوانه للأولاد بأنه في القطب الشمالي بكندا، ويبلغونهم أنه يكتب بأكثر من 30 لغة، و"هو مجاني ولا يحتاج إلى طوابع لأن سانتا رائع".
ولا بدّ من استحضار التلفزيون في تقاليد عيد الميلاد بأوروبا. ففي السويد درجت العادة منذ ستينيات القرن العشرين أن يعرض برنامج بعنوان "دونالد داك (شخصية رسوم ديزني كارتونية) سبيشال" ليلة عيد الميلاد، وهو يجمع أفراد العائلات من الأمة كلها لمشاهدته، وما زال 40 في المائة من سكان السويد يتناغمون مع هذا التقليد.
وفي العاصمة الفنزويلية كراكاس، يتزلج الناس على الجليد للوصول إلى الكنيسة صباح يوم الميلاد، ما يحتم إغلاق العديد من شوارع المدينة. وفي فنلندا، يجري تجهيز منازل عدة بغرف "ساونا" (بخار) خاصة وفي وقت عيد الميلاد فتصبح هذه البقعة المريحة مساحة مقدسة مرتبطة بأسلاف ماتوا منذ زمن طويل. وبعد جلسات غرف الساونا، يتوجه الفنلنديون إلى الاحتفالات المسائية، بينما تأخذ أرواح هؤلاء الأجداد مكانها في المياه الفوارة.