واضطرابات طيف التوحد مجموعة من الاعتلالات المتنوعة. يمكن اكتشاف سمات التوحد في مرحلة الطفولة المبكرة، ولكنه يُشخّص عادةً في مرحلة لاحقة، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.
وتتباين قدرات الأشخاص المصابين بالتوحد واحتياجاتهم، ويمكن أن تتطور مع مرور الوقت، فقد يتمكن بعض الأشخاص المصابين بالتوحد من التمتع بحياة مستقلة، لكن البعض الآخر يعانون من إعاقات وخيمة وبحاجة للرعاية والدعم مدى الحياة.
قررت تشجيع صغيرها على المضي قدما في مجال محاورة الورقة والقلم والألوان
عبد المالك، واحد من بين الأطفال الذين قرروا تحدّي طيف التوحد، بمساعدة أسرته ودعمها، وخاصة والدته آمنة عبد المقصود.
تقول آمنة عبد المقصود، والدة عبد المالك، لـ"العربي الجديد"، إنّ ابنها منذ أن كان في عمر 8 سنوات كان يمسك القلم بشكل صحيح، ويخربش على الأوراق، فانتبهت إلى ذلك، وقررت تشجيع صغيرها على المضي قدماً في مجال محاورة الورقة والقلم والألوان.
وتوضح أنّ "الأمر لم يكن سهلاً بالنسبة إليها، فأطفال التوحد يحتاجون إلى الوقت والصبر للتعامل مع مزاجيتهم وتقلّب أفكارهم. في البدايات، كان التعامل مع طفلي صعباً، واستعنت باختصاصيين، ولكني تمكنت من فهم طبيعة مرضه وكيفية التعاطي معه".
وتتابع آمنة: "كل هذه الصعوبات تلاشت أمام ما ييدعه ابني، فقد بهر عائلته وجميع من يعرفونه من خلال الرسومات التي يرسمها، فهو مبدع وفنان في الرسم من خلال الهاتف النقال والحاسوب والريشة".
وشارك عبد المالك برسمتين في معرض التراث الثقافي الليبي بمدينة سرت، وأوضحت والدته أن اللوحتين لاقتا استحساناً من قبل الزوار، مشيرة إلى أن "إعجاب الجمهور شجعني أكثر للوقوف بجانب ابني".
وتفتقر ليبيا إلى مراكز التعليم الحكومية التي تُعنى برعاية وتأهيل الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد، على الرغم من وعود الحكومة المتكررة بتأمين مراكز مماثلة، ومنها إعلان إنشاء أكبر مركز متخصص في شمال أفريقيا.
وبحسب آخر تقرير لوزارة الصحة في حكومة الوفاق الوطني السابقة، أحصت ليبيا 2383 طفلاً مصابين باضطراب طيف التوحد.
ويتعرض الأشخاص المصابون بالتوحد في كثير من الأحيان للوصم والتمييز وانتهاك حقوق الإنسان. ومن الضروري أن تكون الرعاية التي تستهدف المصابين بالتوحد مصحوبة بإجراءات اجتماعية ومجتمعية لمزيد من التيسير والشمول والدعم، كما توضح منظمة الصحة العالمية.