إسرائيل تعتقل الأطفال وتعذّبهم في الضفة

28 يونيو 2024
جنديان إسرائيليان يعتقلان طفلاً في الضفة الغربية (حازم بدر/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- خلال الأشهر التسعة الماضية، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي حملة اعتقالات واسعة النطاق ضد الأطفال الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس المحتلة، معتقلة أكثر من 500 طفل ومعرضتهم لظروف قاسية.
- في بيت أمر، استهدفت الحملات الإسرائيلية أكثر من 250 طفلًا، محاولة زرع الرعب وكسر إرادتهم، لكن ذلك أدى إلى زيادة تصميم الأطفال على المقاومة.
- تستهدف إسرائيل الأطفال بغايات مزدوجة: كسر إرادتهم وربطهم بشبكات عمالة، مواجهة تحديات في تفعيل قضيتهم دوليًا بسبب ازدواجية المعايير العالمية والانتهاكات المستمرة في السجون.

منذ نحو تسعة أشهر، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي استهداف الأطفال الفلسطينيين في الضفة الغربية، وقد اعتقلت منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي أكثر من 500 طفل، وسط ظروف صعبة في المعتقل لا تختلف عن ظروف الأسرى الأكبر سناً. وبحسب مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، فإن عدد حالات الاعتقال التي استهدفت الأطفال منذ السابع من أكتوبر وحتى اليوم بلغ نحو 540 حالة من أصل 8425 حالة اعتقال استهدفت مختلف الفئات في الضفة الغربية والقدس المحتلة. وكان لافتاً خلال الحملات التي تستهدف الأطفال اعتقال عدد من الأطفال أخيراً في بلدة بيت أمر، شمال الخليل، وكان آخرها قبل أيام اعتقال أربعة أطفال تراوح أعمارهم ما بين 13 و15 عاماً، من بينهم طفل مصاب برصاص عناصر جيش الاحتلال. 
يقول منسق اللجان الشعبية في بلدة بيت أمر يوسف أبو ماريا، لـ"العربي الجديد": "أكثر من 250 حالة اعتقال استهدفت الأطفال وطلاب المدارس في بيت أمر، من بينهم أطفال بلغت أعمارهم عشرة أعوام، وبعضهم وجهت إليهم تهم ملفّقة، وآخرون تم تحويلهم إلى ملف الاعتقال الإداري. وهذه مبالغة من الاحتلال لناحية عنف التعامل مع الأطفال لزرع حالة الرعب بينهم ومنعهم من التأثر بالحالة الوطنية المتنامية في البلدة". يضيف أبو ماريا، وهو والد أسير في سجون الاحتلال، أن نجله "اعتقل في السجون الإسرائيلية قبل أشهر عدة وهو قاصر بعمر (17 عاماً)، وقد تجاوز عمره خلال وجوده في سجون الاحتلال الـ18، واعتقل مرّتين خلال الحرب الدائرة. في المرة الأولى وجهت اتهامات له، وفي المرة الثانية أحيل إلى ملف الاعتقال الإداري، بهدف إيصال رسالة إلى أهالي البلدة بأن التعامل مع الأطفال لن يقل سوءاً وإجراماً عن التعامل مع الأسرى الشبان والكبار في السن، في محاولة لإخماد حالة المقاومة التي يتأثر أبناء بيت أمر بها بفعل العدوان الإسرائيلي على غزة وما يشاهده الأطفال من اعتداءات بحقّ البلدة خلال الاقتحامات، ومنع الحركة وإغلاق المداخل، واستهدافهم خلال مغادرتهم أو توجههم إلى المدارس". وبحسب أبو ماريا، "لا تختلف إجراءات التنكيل بحق الأطفال عن أي حالة اعتقال أخرى، كونها تشمل الضرب المبرح، والإهانة والشتائم والحرمان من زيارة المحامين لهم، واستخدام سلاح التجويع بحقهم، واعتقالهم في ظروف غير ملائمة. لكن ذلك لا يخمد ولا يمنع تمدد حالة المقاومة في البلدة، لأن إجراءات الاحتلال تحمل نتائج عكسية تدفع أطفال البلدة للانحياز والاصطفاف في دائرة المقاومة الشعبية الرافضة لإجراءات الاحتلال". ويسأل: "أين دور المؤسسات لدى اعتقال طفل مصاب برصاص الاحتلال، أو عند اعتقاله وضربه أمام والديه لتركهما يعيشان في حالة رعب حول مصيره بعد الاعتقال وظروف عيشه، أو حجب الاحتلال معلومات حول ظروف اعتقالهم وأماكن وجودهم. للأسف، فإن الأسرى الأطفال من بيت أمر ومختلف المناطق بلا دعم حقوقي".  

بدوره، يوضح مدير هيئة شؤون الأسرى والمحررين في شمال الخليل منقذ أبو عطوان، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن حوالي 30 طفلاً من بلدة بيت أمر ما زالوا معتقلين في سجون الاحتلال، منهم خمسة أطفال رهن الاعتقال الإداري، والآخرون وجهت لهم تهم لا أساس لها من الصحة.
وتعتبر بيت أمر منطقة خطيرة بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي كونها تحاذي الشارع الالتفافي (خط 60)، ولا تبعد سوى مئات الأمتار عن مخيم العروب، الذي لا تتوقف فيه المواجهات وتتكرر يومياً، بالإضافة إلى كونها ملاصقة تماماً لمستوطنات كرمي تسور ومجدال عوز وغوش عتصيون المقامة على أراضي الفلسطينيين. كل ذلك خلق حالة المقاومة في البلدة وجعلها عرضة لاستهدافات الاحتلال. 

الصورة
أطفال اعتقلهم الجيش الإسرائيلي (العربي الجديد)
أطفال اعتقلهم الجيش الإسرائيلي (العربي الجديد)

ويسعى الاحتلال في استهدافه أطفال بيت أمر إلى تحقيق غايتين، بحسب أبو عطوان: الأولى ردع الجيل الجديد من خلال كسر طموحه في الانخراط بأعمال مواجهة الاحتلال عبر استهدافهم بالقتل والإصابة والاعتقال ليكونوا رسالة للأطفال الآخرين وعاملاً رادعاً لأي مقاومة ضد الاحتلال. من جة أخرى، يسعى الاحتلال إلى ربط الأطفال والشبّان من بيت أمر بشبكات عمالة من داخل السجون، لمواجهة توسع العمل المقاوم في البلدة عبر جمع المعلومات التجسسية. لكن ذلك لم ينجح بالشكل الذي يسعى الاحتلال إلى تحقيقه، بفعل وجود حاضنة وطنية داخل السجون من التنظيمات الفلسطينية. 

ويشير أبو عطوان إلى أن الهيئة تسعى عبر وسائلها إلى تفعيل قضية الأسرى الأطفال دولياً، من خلال التواصل مع المؤسسات المعنية بحقوق الأطفال رغم علمها بعدم فعالية الخطوة نظراً لازدواجية المعايير العالمية التي ظهرت بعد العدوان على غزة، بالإضافة إلى دفع طواقم المحامين في الهيئة إلى تكثيف زيارة الأطفال الأسرى في السجون.
ويقول المستشار القانوني في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال عامر الجنيدي، لـ"العربي الجديد"، إن ظروف اعتقال الأطفال الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية مأساوية مقارنة بما كانت عليه في السابق قبل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. ولا يوجد التزام إسرائيلي بالمعايير الإنسانية العالمية للتعامل مع الأطفال، ولا توفّر إدارة السجون الحد الأدنى من المتطلبات اللازمة لظروف الاعتقال الإنسانية. 
وعلى الرغم من أن اعتقال الأطفال محرم وفق المعايير الدولية التي تدعو إلى رعاية الطفل الأسير وتأهيله، كما أنه يخالف القانون الإسرائيلي، وفق الجنيدي، إلا أن الاحتلال يحرم الأطفال من الحقوق البسيطة في المعتقل، مثل اللباس، والأكل، وزيارة الأهل والمحامين، وعلاوة على ذلك يتعرضون للضرب والتنكيل والتهديد. ويشير الجنيدي إلى أن الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال تسعى بشكل مستمر لتقديم الدعم اللازم للأطفال في الاعتقال، ومنها التمثيل القانوني، والمرافعة في المحاكم الإسرائيلية، وتوثيق وتسجيل الانتهاكات والشكاوى، لكن ذلك كله يصطدم  بالإجراءات الإسرائيلية الرافضة.

المساهمون