موجات حرّ تقتل عشرات الآلاف من الناس دفعة واحدة، وفيضانات لا تدمّر الممتلكات فحسب، بل تنشر مرضي التيفوئيد والكوليرا، وأمراض ينقلها البعوض، مثل حمى الضنك والملاريا، في مناطق لم تشهد مثل هذه الأمراض من قبل، وغيرها الكثير، ليست سوى عدد قليل من الآثار الصحية الهائلة المحتملة لتغير المناخ الذي لا يمكن وقفه، ليس خلال 50 عاما أو قرنا من الآن، لكنّ ربّما خلال العقد المقبل، بحسب موقع "ديفيكس".
وتناقش مؤتمرات القمة العالمية بشكل روتيني الديناميات متعددة الأوجه لتغير المناخ، بدءاً من التداعيات الاقتصادية للكوارث الطبيعية وصولاً إلى النزاعات الناتجة عن نقص الموارد الأساسية، ولم تحظ العلاقة بين تغير المناخ وصحة الإنسان بالقدر نفسه من الاهتمام.
ووجدت دراسة حديثة أعدّها باحثون في جامعة هاواي في مانوا أن 58 في المائة من الأمراض زادت بالفعل بسبب زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. وحلّل العلماء أكثر من 70 ألف ورقة علمية، واكتشفوا أن 218 من 375 مرضا معينا تأثرت بتغير المناخ. والسبب أن ارتفاع درجات الحرارة والبيئات الرطبة ستؤدي إلى تكاثر البعوض والبراغيث والطيور، وبالتالي انتشار الأمراض.
كما سيؤدي التطرف المناخي إلى زيادة لاجئي المناخ، الأمر الذي سيجعلهم على اتصال بمسببات الأمراض الجديدة كالمياه على سبيل المثال، وإضعاف أجهزتهم المناعية الضعيفة أصلاً.
ويقول المؤلف الرئيسي للدراسة كاميلو مورا: "نظراً إلى العواقب الكبيرة وواسعة الانتشار لوباء كورونا، كان من المخيف حقًا اكتشاف الضعف الصحي الهائل الناتج عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. هناك عدد كبير جدًا من الأمراض ومسارات الانتقال، بالتالي يصعب حقاً التكيف مع تغير المناخ". وهذا يسلط الضوء على الحاجة الملحة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على مستوى العالم. لكن العكس هو ما يحدث.
وتقول المديرة التنفيذية للتحالف العالمي للمناخ والصحة جيني ميللر: "لم يُحرز أي تقدم مطلقاً بشأن الالتزام بالتخلص التدريجي الكامل من الوقود الأحفوري خلال مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ، الذي عقد في مدينة شرم الشيخ في مصر في نوفمبر/ تشرين الأول الماضي. ومن دون معالجة السبب الجذري الرئيسي لأزمة المناخ، لا يمكننا حماية الصحة بشكل كامل".