يتابع أهالي أحد البلدات الكبرى في محافظة السويداء جنوب سورية، أحداث مونديال قطر 2022 في الصالة الاجتماعية للبلدة، مقابل رسم دخول رمزي يعود ريعه لدعم الفقراء.
تعتبر بلدة "عتيل" الواقعة شمال مدينة السويداء من أشهر البلدات في المحافظة وفي سورية خلال السنتين الأخيرتين، بعد أن انتفض الأهالي في 26 يوليو/ تموز الماضي ضد إحدى العصابات التي سيطرت على البلدة بدعم من الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري. وتمكن الأهالي من استعادة السيطرة على البلدة بعدما عانت الويلات من قتل وتعذيب على يد أفراد العصابة.
م. العربيد، من أهالي البلدة قال لـ"العربي الجديد" إن الفكرة طرحها حارس مرمى النادي العربي نسيم معروف، عبر منشور على صفحته الشخصية، حيث اقترح أن تكون الصالة الاجتماعية المكان الذي يجمع الأهالي، ويتساعد الجميع بالاشتراك لشراء خدمة الاشتراك بكأس العالم، واستئجار باقي التجهيزات، مع تأمين مولدة وبنزين، على أن يكون الدخول بمبلغ رمزي لتسديد كل النفقات.
وأضاف العربيد أن الفكرة كانت بمثابة إعلان فرح في البلدة بعد أشهر طويلة من الحزن، فسارع شبابها لتنفيذ المطلوب رغم الصعوبات والوضع المادي السيئ للجميع، مشيراً إلى تشكيل لجنة من الشباب وتقسيم العمل، والذهاب إلى دمشق لتفعيل خدمة كأس العالم، وتأمين المكان بالكراسي والطاولات، وأجهزة الصوت، واستئجار شاشة عرض، ومولد، لتكتمل التحضيرات بشكل كامل بعد يومين من انطلاق البطولة العالمية.
ورصد "العربي الجديد" تبرع عدد من الأشخاص بالمعدات والبنزين، والاتفاق على الدخول الرمزي البالغ ألف ليرة سورية، والسماح بجلب المشروبات الساخنة كالشاي والقهوة فقط. وكان لافتاً خلال مباراة البرازيل الأولى حضور عدد من شبان القرى المجاورة، وتواجد كثيف من كافة الأعمار، وحضور العائلات، وسط تنظيم جيد للقاعة، وتشجيع حضاري.
صاحب الفكرة والمنفذ لها نسيم معروف قال إن الأموال التي تدخل صندوق الفعالية سوف يتم من خلالها إرجاع المال لكل من دفع، والباقي يعطى للفعاليات الأهلية كي تتصرف به دعماً للفقراء أو المدارس، مضيفا "بعد كل الظروف التي مرت فيها بلدتنا "عتيل"، من الجميل خلق هذه الفعالية لتجمعنا ومن يحب من القرى المجاورة".
وأشار معروف إلى المحظورات داخل الصالة الاجتماعية "ممنوع دخول السلاح، والخمور، والنارجيلة، ويسمح بدخول من لا يمتلك المال، هي فرصة للتعاون والمحبة، والترابط الاجتماعي".
يذكر أن أهالي بلدة عتيل سبق وبنوا مدرسة للثانوية العامة على حسابهم الشخصي، مؤلفة من ثمانية غرف صفية، وغرف للإدارة، وكسوها بكل ما تحتاجه، وسلموها لمديرية التربية التابعة للنظام السوري.
الملفت للنظر بحسب الناشط الإعلامي حمزة المعروفي إن عدة قرى تلقفت فكرة شباب عتيل، ونفذتها، وهي برأيه ناتجة عن سوء الخدمات التي يقدمها النظام السوري كانقطاع الكهرباء المتكرر التي لا يتجاوز وجودها أربع ساعات في اليوم الواحد، وكذلك انقطاع المحروقات بكل أنواعها.
وأشار المعروفي في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن سكان محافظة السويداء الجنوبية يتعاطون مع كل ذلك بصبر، وجاء كأس العالم 2022 ليكشف عورة النظام السوري العاجز عن أداء أي خدمة، فيما يتحمل المغتربون في بقاع الأرض مسؤولية دعم الأهالي.