استمع إلى الملخص
- الإنفاق على الحيوانات الأليفة: ارتفع الإنفاق على القطط والكلاب بنسبة 3.2% ليصل إلى 280 مليار يوان، ومن المتوقع أن يصل إلى 361 مليار يوان بحلول 2026، مع تزايد عدد الحيوانات الأليفة في المناطق الحضرية.
- صناعة مربحة وآراء متباينة: زواج الكلاب أصبح شكلاً من التفاعل الاجتماعي، حيث ينفق الشباب مبالغ كبيرة على حفلات زفافها، بينما تتباين الآراء حول أهمية هذا الإنفاق.
شهدت الصين خلال السنوات الأخيرة اتساع ظاهرة تنظيم حفلات زفاف الكلاب، في وقت تعاني من انخفاض قياسي في معدلات الإنجاب والزواج بين الجنسين. ويطرح ذلك تساؤلات حول تصنيف الظاهرة باعتبارها موضة أو صناعة جديدة للاعتناء بالحيوانات الأليفة، كما تثير مخاوف حكومية من انجذاب الشباب نحو هذه الظاهرة، وتفضيلهم تربية الكلاب والقطط على الزواج والإنجاب.
يأتي ذلك في ظل عجز السياسات الحكومية عن تشجيع وتحفيز الشباب على الزواج، إذ بات واضحاً أن المجتمع الصيني يتقدم في العمر بسرعة. ومع تراجع عدد السكان تظل معدلات الزواج والإنجاب منخفضة.
ويُرجع خبراء ازدياد زيجات الكلاب إلى شعبية اقتناء الحيوانات الأليفة، ووجود استعداد أكبر في الإسراف في الإنفاق عليها، حيث يؤجل الشباب الزواج وإنجاب الأطفال ويفضلونهما على اقتناء القطط والكلاب للمؤانسة وقتل الوحدة. وفي شنغهاي نظم مالك كلب أخيراً حفل زفاف أثار ضجة كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، بعدما أحضر مصورين محترفين وصمّم دعوات الزفاف، واشترى كعكة مصنوعة خصيصاً للمناسبة بقيمة 800 يوان (110 دولارات)، كما صمّم زينة فاخرة للكلبين العروسين.
وبرر ذلك قائلاً: "يُقيم الناس حفلات زفاف، فلماذا لا يفعلون ذلك للكلاب أيضاً. نظمنا حفل زفاف لبري وبوند (اسم الكلبين) كي نمنحهما شعوراً بالسعادة".
ويكشف الكتاب الأبيض لصناعة الحيوانات الأليفة في الصين الذي صدر العام الماضي أن الإنفاق على القطط والكلاب ارتفع بنسبة 3.2 في المائة وصولاً إلى 280 مليار يوان صيني (40 مليار دولار)، ويتوقع أن يقفز إلى 361 مليار يوان (51 مليار دولار) بحلول عام 2026.
وبدءاً من عام 2023، كان هناك أكثر من 116 مليون قطة وكلب في المناطق الحضرية في الصين، ما يعني أنه إذا جرى توزيع هذه النسبة بالتساوي على سكان المناطق الحضرية في الصين، يملك نحو واحد من كل ثمانية صينيين قطة أو كلباً، وغالبية مالكي الحيوانات الأليفة من فئة الشباب وتحت سن الأربعين.
صناعة مربحة
يقول لونغ وانغ الذي يملك متجراً لبيع إكسسوارات الزفاف الخاصة بالقطط والكلاب في مدينة شينزن، لـ"العربي الجديد": "زواج الكلاب شكل جديد من أشكال التفاعل الاجتماعي الذي يشهد اجتماع البشر والحيوانات الأليفة في مناسبة سعيدة. ويعزز ذلك المشاعر الإنسانية، ويجعل البشر أكثر لطفاً ورفقاً بالحيوانات الأليفة".
ويوضح أن أصحاب الكلاب ينفقون ما لا يقل عن ألف يوان (150 دولار) شهرياً، أو ما يصل إلى عشرات آلاف من اليوان لمنح كلابهم حفل زفاف لا يُنسى. ويلفت إلى أن "إقامة حفل زفاف عادي للكلاب تكلّف نحو 300 دولار، لكن إذا احتاج صاحب الكلب شيئاً أكثر فخامة من الطبيعي أن يرتفع السعر. وعلى سبيل المثال قد تصل تكلفة فساتين زفاف كلاب إلى 6 آلاف دولار، ومتجري يتعاون مع منصات إلكترونية مختصة في تنظيم حفلات زفاف الكلاب وتشرف أحدها على أكثر من 1500 زيجة في العام الواحد".
يضيف: "تحصل معظم الزيجات في المدن الصناعية الكبيرة مثل بكين وشنغهاي وشينزن وكوانجو، ومعظم الزبائن من الشباب ذوي الطبقة المتوسطة في المجتمع الصيني. ونتوقع أن تصبح حفلات زفاف الكلاب أكثر شعبية في المستقبل. ومع تطور صناعة الحيوانات الأليفة يرغب مزيد من الأشخاص في تربية كلاب وقطط، ما قد يؤدي إلى زيادة الطلب على بعض الخدمات المتعلقة بهذه الصناعة، لذا ستصبح حفلات زفاف الحيوانات الأليفة أكثر شعبية مع توسّع السوق في المستقبل".
آراء متباينة
وتقول لي شيا، الطالبة في جامعة "صن يات سن"، لـ"العربي الجديد": "أسمع للمرة الأولى بأن كلاباً تتزاوج في حفل زفاف، وأنا مهتمة جداً بهذا الأمر الذي أرى أنه مقبول طالما أنه لا يؤثر على الآخرين. لا أعترض على رغبة بعض الأصدقاء في تدليل كلابهم والإنفاق عليهم".
من جهتها، تقول يانغ، وهي سيدة أربعينية: "أحترم رغبة صاحب كلب في إقامة حفل زفاف لكلبه، لكنني أرى أنه من الأجدى إنفاق المال في مكان أكثر أهمية، مثل تخصيصه لإنقاذ مزيد من القطط أو الكلاب الضالّة".
تضيف: "إذا كان لا بدّ من هذه الخطوة يجب ألا نكون مسرفين إلى درجة تستفز المجتمع، خاصة الطبقة الفقيرة التي تغطي بالكاد تكاليف معيشتها اليومية".
وتلفت إلى أن "أناساً يحبون الكلاب وآخرين لا يحبونها، ما قد يخلق صراعات مصطنعة غير ضرورية".
ولا تزال السلطات الصينية تكافح من أجل حث الشباب على الزواج والإنجاب في ظل تراجع معدلات المواليد وارتفاع نسبة العنوسة. وعلى سبيل المثال، افتتحت الجامعة المهنية الصينية للشؤون المدنية هذا العام أول دورة تدريب متخصصة في الزواج بالصين.
وأخيراً، نفِذ التعديل الأكثر جدالاً حول لوائح تسجيل الزواج التي صاغتها وزارة الشؤون المدنية الصينية، والذي نصّ على أن تسجيل الزواج لم يعد يحتاج إلى إحضار سجل الأسرة، كما لا يتطلب العودة إلى مسقط رأس الزوج أو الزوجية. ولا يزال من غير الواضح إذا كان تدخل الحكومة الصينية سيكون فعالاً، في المقابل يبدو أن الاتجاه نحو زيادة استثمار الناس في الحيوانات الأليفة يزداد في شكل واضح.