- بلدية طولكرم بقيادة رياض عبد الكريم شكلت خلية طوارئ لإزالة آثار الدمار وإعادة تأهيل البنية التحتية، في محاولة لتخفيف معاناة السكان.
- السكان والمسؤولون أظهروا إصراراً على إعادة الإعمار والتأكيد على حق العودة، معتبرين الأحداث تزيد من صلابة الشعب الفلسطيني وتمسكه بحقوقه.
يشبّه ناشطون فلسطينيون ما جرى في مخيم نور شمس على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي بدمار ناتج عن زلزال قوي ضرب المكان، وأحاله إلى أكوام متناثرة من الأنقاض، وخلف الاجتياح 14 شهيداً، وجرح واعتقال عشرات آخرين وفق الإحصائية الإجمالية لوزارة الصحة الفلسطينية، كما ركزت العملية على تدمير البنية التحتية، وطاول الدمار عشرات المنازل ومسجد المخيم الكبير، وعشرات المركبات التي كانت متوقفة على جوانب الطرق داخل المخيم وفي محيطه.
يقول رئيس بلدية طولكرم، رياض عبد الكريم، لـ"العربي الجديد": "لم يتوقف هدير الجرافات العسكرية الضخمة طيلة فترة اقتحام المخيم، وعملت على تجريف عميق للشوارع الرئيسية، والطرق الموصلة إليه من جميع الجهات، والشارع الرئيسي المعروف باسم شارع (طولكرم- نابلس)، إضافة إلى التخريب الممنهج لشبكات المياه والكهرباء والاتصالات والصرف الصحي، وتدمير أكثر من عشرين منزلاً مأهولاً، وعشرات المحال التجارية والمطاعم، وتقدر الخسائر بعشرات الملايين".
ويلفت عبد الكريم إلى أن "البلدية شكلت خلية طوارئ مع كل المؤسسات الرسمية في محافظة طولكرم ووزارة الأشغال العامة والدفاع المدني، وظيفتها الأولى إزالة آثار الدمار الذي خلّفه الاحتلال في المخيم، وحصر الأضرار. يفترض أن تكون المخيمات تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، لكن الحمل ثقيل، والأضرار كبيرة، ونحتاج إلى عمل آني وسريع لإصلاح ما يمكن إصلاحه، والتخفيف عن المواطنين الذين صمدوا داخل المخيم، ورفضوا مغادرته".
شكلت بلدية طولكرم خلية طوارئ لإزالة آثار العدوان على مخيم نور شمس
يتابع: "بدأ العمل بردم الحفر الكبيرة التي أحدثتها جرافات الاحتلال، ويتزامن ذلك مع إعادة شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي إلى العمل، فيما تولت طواقم شركات الاتصالات إصلاح شبكاتها. مثل هذه الجرائم، والعدوان المتكرر على مخيم نور شمس ومخيم طولكرم، وعلى مدينة طولكرم وجميع بلدات المحافظة وقراها، لن تزيد الشعب الفلسطيني إلا مزيداً من الثبات على الأرض، ولن ينجح عدوان الاحتلال على المخيمات في تغيير هذا الواقع، فهي الشاهد الأول على النكبة، وتمثل حق العودة وقضية اللاجئين".
ويشير الناشط الأهلي في مخيم نور شمس، خالد أبو صلاح، إلى أن "الاحتلال أصيب بحالة من الجنون بعد فشله في اغتيال قادة كتيبة طولكرم، فصب جام غضبه على المخيم وسكانه، وبعد انسحاب جزئي لقواته من المخيم فجر الجمعة الماضي، عادت قوات أكبر لاقتحامه ومعها ثلاث جرافات استباحت شوارعه الضيقة وأزقته محدثة دماراً هائلاً في بيوت المواطنين".
يضيف أبو صلاح لـ"العربي الجديد"، أن "إمكانية إعادة إعمار المخيم هو اختبار جدي للجهات الرسمية، فرغم فداحة ما جرى في مخيم نور شمس، لكنه لا يقارن بما يجري في قطاع غزة، حيث دمر الاحتلال أكثر من 75 في المائة من المنشآت السكنية والتجارية. أهداف الاحتلال تتلخص في تكبيد الناس خسائر مادية من أجل دفعهم إلى الرحيل، أو إجبارهم على قبول التهجير عن طريق جعل حياتهم اليومية مليئة بالمعاناة".
ويقول مدير خدمات مخيم نور شمس، نهاد الشاويش، إن "إحصاء خسائر المخيم المادية وتقييم الأضرار بدأ فور انسحاب الاحتلال، والتقدير الأولي يشير إلى تضرر أكثر من 30 منزلاً كلياً أو جزئياً، في حين تعرض منزلان للحرق بالكامل من جراء قصفهما بالقنابل بزعم تحصن مقاومين فيهما، كما تضرر أكثر من 40 محلاً تجارياً، وما زلنا نحصي الأضرار في البيوت والمحال، والأرقام سترتفع بالتأكيد".
ويقع مخيم نور شمس على مسافة ثلاثة كيلومترات شرقي مدينة طولكرم، على الشارع الرئيسي الواصل بين مدينتي نابلس وطولكرم، وبحسب تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (حكومي)، بلغ عدد سكانه في منتصف عام 2023 نحو 7083 لاجئاً. وأُقيم المخيم في عام 1952، على مساحة تقارب 230 دونماً، وقبل عام 1952، عاش هؤلاء اللاجئون داخل خيام في وادي جنين بالقرب من منطقة "جنزور"، إلى أن دمرت عاصفة ثلجية خيامهم في عام 1950، بعدها لجأ السكان إلى المناطق المحيطة بوادي الشاعر، بما في ذلك السجن البريطاني القديم المعروف باسم "نور شمس"؛ وبدأت وكالة أونروا ببناء مساكن المخيم في عام 1956.
وتعود أصول اللاجئين في مخيم نور شمس إلى القرى الواقعة في محيط مدينة حيفا، وهي الكفرين، وقنير، وصبارين، وأم الزينات، واجزم، وعين غزال، وعرعرة، والغبية، وأم الشوف، واللجون، والشقيرات، وأم الفحم. وأطلق على المخيم هذا الاسم نسبة إلى اسم معتقل نور شمس الذي استخدمه الإنجليز منذ احتلالهم فلسطين في عام 1919، لاحتجاز أصحاب الأحكام الكبيرة ومن حكم عليهم بالإعدام أو السجن مدى الحياة.