خلال عودة الشاب المقدسي محمود بركات (30 سنة) من صلاته في المسجد الأقصى، قبل يومين، إلى منزله في حي الشيخ جراح قرب البلدة القديمة من القدس المحتلة، كان عناصر من وحدة "ياسام" في الشرطة الخاصة الإسرائيلية، يتربصون له في الطريق، لينقضّوا عليه من دون سابق إنذار، ويوسعونه ضرباً.
يرفض محمود الحديث إلى وسائل الإعلام عن تفاصيل ما جرى معه، لكن عائلته تروي تفاصيل عملية التنكيل الوحشية التي تعرض لها. يقول والده لـ"العربي الجديد: "هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها ولدي لاعتداء قوات الاحتلال، والمرة الأولى كانت بعد اعتقاله بتهمة الرباط في المسجد الأقصى، ورغم إطلاق سراحه، إلا أن الاحتلال يواصل ملاحقته، ويتكرر اعتداء الجنود عليه من دون سبب".
وحول الاعتداء الأخير، يوضح الوالد: "ضربوه بوحشية، وأصيب بكسور في الأيدي والأرجل، ورضوض في مختلف أنحاء جسمه. حين توجهت إلى ما يسمى بقسم التحقيقات مع أفراد شرطة الاحتلال (ماحش) لتقديم شكوى ضد عناصر الشرطة المعتدين، رفضوا تلقي الشكوى، وطلبوا مثول محمود شخصياً ليشتكي. رفض ولدي الذهاب إليهم لإدراكه أن شيئاً لن يترتب على الشكوى سوى تبرئة المعتدين، كما أنه لم يعد يكترث، بل يرفض الحديث إلى وسائل الإعلام لقناعته بأنها لن تغير من سلوك جنود الاحتلال".
ويتساءل الأب: "لماذا لا يعتقلونه إن كان ما يستدعي بدلا من الاعتداء المتكرر لمجرد أنه يرابط في الأقصى؟ هل الصلاة في الأقصى عقوبتها ما يقترفه جنود الاحتلال بحق المصلين؟ قلت لهم اعتقلوه إن كان عندكم ما يدينه. لا بد من أن يكون هناك من يسمع صوتنا، ويوقف هذا الاستهداف غير المبرر".
ويؤكد شبان مقدسيون يقطنون قرب المسجد الأقصى، وغالباً ما يرابطون في ساحاته، أن هناك استهدافا ممنهجا من قبل قوات الاحتلال لهم، وغالباً ما تقتحم بيوتهم، وتعتقلهم، وتعتدي بالضرب عليهم، أو تفرض عليهم عقوبة الحبس المنزلي، كما هو الحال بالنسبة للفتى عبدالرحمن البشيتي، وهو مريض بالسكري، والذي اعتقل مع أشقائه أكثر من مرة، ويخضع حاليًا للحبس المنزلي في بيت حنينا، بعيدا عن بيت العائلة المطل على المسجد الأقصى.
اعتقل عبدالرحمن نحو عشرين مرة، من منزله، أو من شارع الواد بالقدس القديمة، وكل مرة يتعرض للضرب والتنكيل رغم إصابته بالسكري، وحاجته المستمرة لتناول دوائه بانتظام. وتروي والدة عبدالرحمن، الكيفية التي تم بها اعتقاله في المرة الأخيرة، موضحة أن وحدة "اليمام" الإسرائيلية الخاصة، اقتحمت فجرا منزل العائلة في حي السعدية بالبلدة القديمة، برفقة كلاب بوليسية، وأدوات لخلع الأبواب بعد أن دخلوا المنزل من خلال النوافذ والأسطح المجاورة، في مشهد دب الرعب في قلوب الجميع، ومن الواضح أن هدفهم كان الترويع والإرهاب، والذي كان سببًا في تدهور صحة عبدالرحمن لاحقاً، وإصابته بمرض السكري.