منذ بداية شهر مايو/ أيار الجاري، يتتالى تسجيل إصابات بجدري القرود في بقاع مختلفة من العالم. وبحسب آخر بيانات منظمة الصحة العالمية، فإنّ المرض رُصد في 11 بلداً لم تعرفه من قبل، مع تأكيد 80 إصابة تقريباً، في حين أنّ نحو 50 أخرى ما زالت قيد التحقيق.

• ما هو جدري القرود؟

بحسب منظمة الصحة العالمية، يُصنَّف جدري القرود مرضاً فيروسياً نادراً حيواني المنشأ، ويظهر عادة في المناطق النائية الواقعة في وسط أفريقيا وغربها، بالقرب من الغابات الاستوائية المطيرة. وقد اكتُشفت الإصابة الأولى بجدري القرود بين البشر في عام 1970، في جمهورية الكونغو الديمقراطية عند طفل يبلغ من العمر تسعة أعوام. 

وينتقل فيروس جدري القرود عبر تماس مباشر مع دماء حيوانات مصابة بعدواه، أو سوائل أجسامها، أو آفاتها الجلدية، أو إفرازاتها المخاطية. ومن المحتمل أن يشكّل تناول اللحوم غير المطهوّة جيداً من الحيوانات المصابة بعدوى المرض عامل خطر للإصابة به. ولا ينتشر المرض بسهولة بين البشر، وتماثل أعراض إصابته تلك التي كان يشهدها مرضى مصابون بالجدري في الماضي إنّما بأقلّ حدّة.

• متى يشفى مريض جدري القرود؟

وتراوح فترة حضانة جدري القرود، أي الفترة الزمنية ما بين مرحلة الإصابة بالعدوى وظهور الأعراض، ما بين ستة أيام و16 يوماً، ويمكنها كذلك أن تراوح بين خمسة أيام و21 يوماً. ويُعَدّ الأصغر سنّاً أكثر حساسية للإصابة بجدري القرود.

• ما أعراض جدري القرود؟

وتراوح أعراض الإصابة بالمرض، بحسب منظمة الصحة العالمية، في خلال فترة الغزو، ما بين الحمى والصداع، تضخّم العقد اللمفاوية، والشعور بآلام في الظهر أو في العضلات، وفقدان الطاقة والشعور بالوهن الجسدي. وفي فترة الظهور، يبدأ الطفح الجلدي على الوجه في أغلب الأحيان ثمّ ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم.

Image

• ما علاج جدري القرود؟

لا يتوافر علاج أو أدوية لمكافحة عدوى جدري القرود، كذلك لا يتوافر لقاح مضاد له. لكنّ اللقاح المضاد للجدري ناجع بنسبة 85% في الوقاية من جدري القرود، علماً أنّ هذا اللقاح لم يعد متاحاً للعامة بعد أن أوقفت عملية التحصين به في أعقاب اجتثاث الجدري من العالم.  يُذكر أنّ السلطات الصحية البريطانية راحت تؤمّن أخيراً لقاحات مضادة للجدري حتى تزوّد بها الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بجدري القرود. كذلك باشرت السلطات الصحية الإسبانية بشراء آلاف من تلك اللقاحات بغية مكافحة المرض على أراضيها.

• هل للميول الجنسية علاقة في الإصابة بجدري القرود؟

وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أنّ حالات كثيرة مبلّغ عنها حالياً، تظهر عند أشخاص مثليّين أو من ذوي الميول الجنسية المزدوجة. ونقل موقع "يورو نيوز" الإخباري عن البروفسورة سوزان هوبكنز من وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة، حثّها الرجال المثليين وذوي الميول الجنسية المزدوجة "على أن يكونوا على دراية بأيّ طفح جلدي أو آفات غير عادية وأن يتّصلوا بخدمة الصحة الجنسية من دون تأخير".

ويعلّق خبراء صحيون بريطانيون على سرعة استنتاج انتقال فيروس جدري القرود من خلال الاتصال الجنسي، غير أنّ هذا الاحتمال ممكن. ويقول خبير الأمراض المعدية في جامعة "نوتنغهام" الإنكليزية كيث نيل إنّ "انتقال العدوى لم يحدث ربّما من خلال الاتصال الجنسي، بل عبر الاتصال الوثيق المرتبط بالجماع".

من جهته، شدّد المركز الأميركي لمكافحة الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) على أنّ أيّ شخص، بغضّ النظر عن ميوله الجنسية، قادر على نشر فيروس جدري القرود من خلال ملامسة سوائل الجسم أو القروح أو مشاركة الملابس أو الفراش. 

These #monkeypox cases are from non-endemic countries.
WHO continues to receive updates on the status of ongoing outbreaks in endemic countries through established surveillance mechanisms https://t.co/CBDuiLtHo4 https://t.co/oVThPVuZUe

— World Health Organization (WHO) (@WHO) May 20, 2022

وتنقل وكالة "رويترز" عن المتحدثة باسم مجموعة عمل مكافحة جدري القرود في البرتغال مارغاريدا تفاريس، قولها إنّ هيئة الصحة قلقة، وإنّ من المهمّ اتّخاذ القرارات الصحيحة لكسر سلاسل انتقال العدوى، غير أنّ الخطر منخفض، إذ إنّ المرض لا ينتقل بسهولة. من جهته، يقول الطبيب كولين براون من وكالة الأمن الصحي البريطانية إنّ مخاطر الفيروس على الصحة العامة منخفضة. 

• كيف ينتقل جدري القرود؟

وتشير رئيسة قسم الأمراض الجرثومية في المركز الطبي للجامعة اللبنانية الأميركية - مستشفى رزق ببيروت، رولا حصني سماحة، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "وتيرة انتقال فيروس جدري القرود من إنسان إلى آخر بطيئة، وبالتالي يأتي عدد الإصابات قليلاً". تضيف أنّ "الانتقال من إنسان إلى آخر يكون عبر الإفرازات التنفسية أو عبر الاتصال القريب، من دون أن يحدث الانتقال عبر الهواء. ويمكن بعض الحالات أن تشفى تلقائياً من دون ظهور أعراض".

وتلفت حصني سماحة إلى أن "اللقاحات المضادة للجدري كانت توفّر مناعة ضدّ فيروس جدري القرود، وأنّ التوقّف عن منح تلك اللقاحات بشكل عام في العالم أدّى إلى انخفاض مناعة الأشخاص ضدّ فيروس جدري القرود، الأمر الذي يساهم في ظهور تلك الحالات حالياً". لكنّها تقول إنّ "من غير الممكن التنبؤ بمدى خطورة الوضع أو القلق الذي يثيره ظهور فيروس جدري القرود في هذه المرحلة في العالم. أمّا في لبنان، فلا حالات مسجلة حتى الآن، ويجب على الأطباء التنبّه لبعض الأعراض في حال ظهورها، في محاولة للكشف المبكر عن الإصابات".

• ما سبل الوقاية من جدري القرود؟

من جهتها، تقول رئيسة برنامج الترصّد الوبائي في وزارة الصحة العامة اللبنانية الدكتورة عاتكة برّي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "فيروس جدري القرود خطر، إذ يتوفى من جرّائه شخص واحد من بين كلّ عشرة مصابين"، لافتة إلى أنّ "حركة الطيران العالمي تسهّل انتقال الأوبئة بطريقة أسرع بين مختلف دول العالم، لذا من الضروري عدم السماح للأشخاص المصابين ومخالطيهم بالسفر". 

وتؤكّد برّي "عدم تسجيل أيّ إصابات في لبنان (حتى الآن)"، موضحة أنّ "وزارة الصحة العامة ستوصي وزارة الزراعة بأهمية منع استيراد الثدييات والقوارض من البلدان التي ينتشر الفيروس فيها". كذلك توصي برّي "الأشخاص المسافرين من البلدان التي ينتشر فيها الفيروس بضرورة المحافظة على النظافة الشخصية وعدم مشاركة الأغراض الشخصية مع الآخرين"، مشيرة إلى أنّ "الأجيال السابقة التي تلقّت لقاحاً مضاداً للجدري محميّة من فيروس جدري القرود بخلاف الأجيال التي لم تتلقَّ اللقاح".

صحة

التحديثات الحية

جدري القردة يُعيد بعض الخوف إلى الدول المُصابة

• هل يمكن الحدّ من انتقال عدوى جدري القرود؟

بحسب منظمة الصحة العالمية، ترتكز رسائل التثقيف بشؤون الصحة العامة في مكافحة فيروس جدري القرود بشكل عام، على الحدّ من خطر انتقال العدوى من إنسان إلى آخر، من خلال تجنّب المخالطة الجسدية الحميمة للمصابين بعدوى جدري القرود، والحدّ من خطر انتقال المرض من الحيوانات إلى البشر من خلال، على سبيل المثال، طهو المنتجات الحيوانية جيّداً في البلدان حيث يستوطن الفيروس ووضع قفازات وارتداء ملابس حماية عند مناولة الحيوانات المريضة أو ذبحها. 

وقد يسهم تقييد عمليات نقل الثديات الأفريقية الصغيرة والقرود أو فرض حظر على نقلها في إبطاء وتيرة اتّساع نطاق انتشار الفيروس إلى خارج أفريقيا. كذلك تزوّد المنظمة الدول الأعضاء بالدعم اللازم لترصد الفاشيات ومواجهتها في البلدان المتضررة.