بحث الملتقى الدولي لإدماج ذوي اضطرابات طيف التوحد الذي عقد يوم أمس الجمعة في تونس، مشاكل وصعوبات الإدماج المدرسي والاجتماعي للأطفال الذين يعانون من اضطرابات طيف التوحد. وأكدت رئيسة الملتقى غادة السعداوي لـ"العربي الجديد"، أن الملتقى "نظر في تجارب دول شقيقة كالمغرب وليبيا وبلدان متقدمة كسويسرا، التي تُعَدّ رائدة لناحية دمج الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات طيف التوحد". أضافت أنه "نظر في إشكالات الإدماج المدرسي والاجتماعي بين النظري والتطبيقي، وبين ما هو منشود وما هو موجود، منذ الطفولة المبكرة وحتى سن الرشد، وذلك بحضور متخصصين وخبراء تربويين ووزارة الصحة".
ولفتت إلى أن "أولى الصعوبات التي تعترض العائلة هي التشخيص ثم العلاج، وخصوصاً في رياض الأطفال ودمج الأطفال المصابين بالتوحد"، مشيرة إلى أن "الأهل غالباً ما يتساءلون عن كيفية دمج الطفل في المؤسسة التربوية وفي المرحلة الابتدائية".
أضافت السعداوي: "يقدم ملفّ مدرسي وآخر طبي للمؤسسة التربوية بالتنسيق مع الإدارة الجهوية للتربية ومجموعة من المتخصصين، لتقييم الطفل من الناحية المعرفية والنفسية. كما يخضع الطفل لاختبار قياس الذكاء، ويحدد المتخصصون ما إذا كان قادراً على الاندماج". وتوضح أنه "بعد قبول الطفل، يُحدَّد ما إذا كان يحتاج إلى مرافق مدرسي، وإعداد امتحانات خاصة له. وفي حال الرفض، يوضع في مراكز متخصصة"، مشيرة إلى أن السن القانونية للقبول في المدرسة 10 سنوات".
ولفتت إلى أن "العائلة تواجه صعوبات عدة، لأن البرنامج البيداغوجي المدرسي لا يتلاءم مع الطفل، والعائلة تواجه مشاكل لتقبل طفلها هذا البرنامج"، مبينة أن "الطفل الذي لا يعاني من أية اضطرابات غير قادر على تقبل البرنامج البيداغوجي".
وأفادت بأن "التجارب العربية في ما يتعلق بالأطفال المصابين باضطرابات طيف التوحد متشابهة لناحية المشاكل والصعوبات، والفرق كبير بينها وبين البلدان الأوروبية التي توفر لهؤلاء الأطفال مدارس متخصصة". وأكدت أنه "لأول مرة في تونس، سيتم إنشاء مدرسة متخصصة في جهة قمرت، ستكون قادرة على استيعاب 100 طفل، وتكوين المكونين بالتنسيق مع فريق متخصص من سويسرا، وخصوصاً أن هناك نقصاً في الإطار المشرف ومثل هذه المراكز في المناطق الداخلية. وسيتم تعميم التجربة وفتح مدارس مماثلة في بقية الجهات وبقية بلدان المغرب العربي". وأشارت إلى أنه "سيتم العمل على تكوين برنامج دراسي خاص بهم لمساعدتهم على الدراسة".
من جهته، رأى الخبير التربوي عثمان الميموني أن "الوعي حول اضطرابات طيف التوحد ما زال منقوصاً"، مؤكداً في حديثه لـ"العربي الجديد" أن "عائلات هذه الفئة تعاني من صعوبات عدة عندما يتعلق الأمر بالاندماج المدرسي". وأشار إلى أن "هناك نقصاً كبيراً في المراكز الحكومية المختصة. أما كلفة تلك الخاصة، فهي مرتفعة".
تابع الميموني، قائلاً إن "البحث عن فضاء آمن أمر صعب. والضغوط التي يعاني منها الأهل تؤثر بالطفل"، مضيفاً أن "الاهتمام والحميمية العائلية تقلصا، وبات الأطفال ينشغلون بالأجهزة الإلكترونية. وهذا من شأنه أن يفاقم عزلتهم".