قرّرت السلطات التونسية، اليوم السبت، تمديد العمل بقرار تقسيط المياه إلى أجل غير مسمى بسبب تواصل الجفاف وتراجع مخزون المياه في سدود البلاد.
وقالت وزارة الفلاحة والموارد المائية في بيان صادر عنها، إن " إجراء تقسيط مياه الشرب والري سيُمدد حتى إشعار آخر".
ويأتي قرار تمديد تقسيط المياه بعد ستة أشهر من اعتماد هذا الإجراء لأول مرة في تاريخ البلاد، إذ بدأت السلطات منذ مارس/ آذار الماضي، في اعتماد نظام ظرفي لتقسيط المياه كان يفترض أن يستمر إلى غاية 30 سبتمبر/ أيلول الجاري.
وبمقتضى نظام التزود الجديد بالماء الصالح للشرب، جرى منع استعماله في الزراعة وسقي المناطق الخضراء وتنظيف الشوارع وغسيل السيارات، بسبب موجة الجفاف الحادة التي خلفت سدوداً شبه فارغة. ويعاقب المخالفون بغرامة مالية والسجن لفترة تتراوح بين 6 أيام و6 أشهر.
وأوكلت وزارة الزراعة إجراءات ترتيب التقسيط في المياه، إلى شركة استغلال وتوزيع المياه الحكومية التي تحتكر وظائف التحكم وتوزيع المياه الصالحة للشراب.
وتمر تونس منذ سنوات بموجة جفاف كبيرة، تسببت في تراجع مخزون السدود الكبرى التي نزل مستوى المياه المخزنة فيها إلى نحو 26 بالمائة، وفق أحدث البيانات الرسمية.
ومنذ اعتماد نظام تقسيط المياه، تعمد شركة استغلال وتوزيع الماء إلى قطعه ليلا في محافظات تونس الكبرى والمحافظات الساحلية، فيما يتواصل القطع لأيام في محافظات الجنوب.
ويستهلك القطاع السّكني في تونس، ما يقارب 14 بالمائة من المياه المتاحة سنويًا، بينما يستأثر القطاع الزراعي بنحو 80 بالمائة من الموارد، كما تحتكر الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه وظائف الجمع والتصرف في المياه الصالحة للرّي والشرب وتعد الجهة المسؤولة عن سياسات اقتصاد استهلاك المياه.
ومنذ أشهر أطلقت الشركة حملات للتوعية عبر الرسائل القصيرة وومضات تلفزيونية تنهى عن تبذير الماء، لكن التونسيين يشعرون بقلق كبير من العطش بينما يحتج المزارعون على تواصل منعهم من ري المحاصيل في المناطق المروية.
وانخفض المخزون العام للسدود التونسية، بنسبة تزيد عن 20 بالمائة، مقارنة بالمعدل المسجل خلال السنوات الثلاث الماضية، بحسب معطيات المرصد الوطني للفلاحة. وذكر المرصد في أغسطس/آب الماضي، أن مخزون السدود بالبلاد انخفض خلال العام الجاري ليبلغ حوالي 694.276 مليون متر مكعب أي بفارق أقل بـ 176.949 مليون متر مكعب.
وأظهر توزيع هذا المخزون بين السدود، أن أكبر كميات المياه تتجمع في 3 سدود رئيسية بتونس التي يعتمد اقتصادها أساسا على الزراعة، والتي تواجه أزمة جفاف حادة مع تراجع نسبة تساقط الأمطار.
وتونس من بين أكثر بلدان المنطقة المتوسطية مواجهة للجفاف وشح المياه، حيث حذر معهد الموارد العالمية، في أحدث تقرير له، من أن 25 بلدا من بينها تونس، مهددة بشح كبير في المياه بسبب "الإجهاد الشديد" لمواردها المائية المتاحة.
ويتواصل انقطاع الأمطار في البلاد منذ شهر يونيو/ حزيران الماضي، رغم دخول فترة الخريف التي تتسم عادة بتساقطات مطرية مهمة يصطلح عليها محليا بـ "طهمة الخريف".