تنديد حقوقي مصري بانتهاك حقوق سجناء "بدر" بعد وفاة مسنّ

08 أكتوبر 2022
نُقل عدد كبير من السجناء السياسيين إلى سجن بدر الجديد قبل أشهر (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -

أصدرت حملة "حتى آخر سجين" بياناً صحافياً دانت فيه بشدّة الانتهاكات التي ترتكبها السلطات المصرية بحقّ السجناء السياسيين في مركز الإصلاح والتأهيل أو سجن بدر الجديد، لا سيّما بعد وفاة سجين فيه، هو الأوّل منذ نقل عدد كبير من السجناء إليه قبل أشهر.

ودانت الحملة كذلك الممارسات الأمنية التي تُمارَس بحقّ محتجزي مركز الإصلاح والتأهيل في مصر مذ نُقل سجناء سياسيون إليه في يونيو/ حزيران الماضي، والتي انتهت بوفاة محمد عبد الحميد الصيفي (61 عاماً)، المصاب بسرطان المعدة، في الخامس من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، نتيجة الإهمال الطبي.

وبحسب ما ذكر مركز "الشهاب لحقوق الإنسان"، فإنّ الصيفي، وهو من قرية ههيا بمحافظة الشرقية في دلتا مصر، توفي بسبب الإهمال الطبي في سجن بدر 3، علماً أنّه كان مصاباً بالسرطان ومُنع من العلاج المناسب إلى أن تفاقمت حالته ونُقل إلى مستشفى ليتوفى فيه.

وأوضحت حملة "حتى آخر سجين" أنّ الأجهزة الأمنية المصرية مستمرّة في نهجها القائم على الانتقام من السجناء السياسيين بشتّى أنواع سوء المعاملة الإنسانية. وطالبت السلطات المصرية بوقف كلّ أشكال التنكيل بحقّ السجناء وتنفيذ الحقوق المنصوص عليها في الدستور وقانون تنظيم السجون.

وأفادت الحملة في بيانها بأنّه "منذ منتصف العام الجاري (2022)، تمّ نقل المحتجزين من سجن طرة شديد الحراسة (العقرب) إلى سجن بدر الجديد. ومنذ لحظة وصولهم، تعرّضوا للتجريد من كافة متعلقاتهم الشخصية، واحتجازهم في زنازين ضيّقة فيها كاميرات مراقبة تعمل 24 ساعة في الزنازين الجماعية والانفرادية، كما يتمّ تسليط كشافات ضوئية على السجناء السياسيين ما يمنعهم من النوم كأحد أساليب التعذيب الجماعي"، مضيفة أنّ ذلك "أدّى إلى تعرّض العديد منهم للانهيار العصبي، خصوصاً السجناء القادمين من سجن العقرب الذين لم يتعرّضوا للشمس ولا للضوء لفترات طويلة. كذلك تعمل شفاطات الهواء طوال اليوم، ما يجعل درجات الحرارة شديدة الانخفاض لدرجة تجعل السجناء غير قادرين على النوم وفي حالة برودة شديدة".

أضافت الحملة في بيانها أنّ "ذوي المحتجزين (عانوا) منذ بداية نقل السجناء أشدّ أنواع المعاناة، حيث تمّ نقل ذويهم دون إخطارهم بمكان احتجازهم الجديد، فكان بعض الأهالي في اليوم الواحد يتنقلون بين منطقة سجون طرة في جنوب القاهرة إلى سجن أبو زعبل في شمال القاهرة وسجن بدر في شرق القاهرة بحثاً عن أقاربهم في السجون. وبعد أن تأكدوا من وجودهم في سجن بدر الجديد، منعت إدارة السجن الزيارات عن السجناء السياسيين، خصوصاً المحتجزين منهم بسجن بدر 3، ومنعت ذويهم من توصيل الطعام (الطبلية) والملابس والكتب والورق وأدوات النظافة، ومنعت المراسلات، ما دفع أحد ضباط السجن إلى القول لذوي المحتجزين في سجن بدر 3: ليست لديهم أيّ حقوق".

من جهة أخرى، رصدت الحملة الانتهاكات التي يتعرّض لها المحامون الموكلون بالدفاع عن المسجونين السياسيين في سجن بدر، إذ تُعقد المحكمة في داخل أسوار السجن الواقع عند أطراف القاهرة، ولا وسيلة مواصلات مباشرة إليه، وقد يستغرق الوصول إلى المحكمة أكثر من ساعتَين، بالإضافة إلى أنّ قاعة المحكمة ضيّقة جداً ولا تستوعب أعداد المحامين. يُذكر أنّ هذه القاعة أصغر من قاعات محكمة سجن طره.

وعلى صعيد المحاكمات، رصدت الحملة كذلك النظر في قضايا السجناء السياسيين المحبوسين احتياطياً بتقنية "فيديو كونفرانس"، ويُنقل السجناء السياسيون المطلوب تجديد حبسهم من زنازينهم إلى غرفة معينة في كلّ سجن، من دون أيّ إشراف قضائي أو حضور أيّ من أعضاء النيابة العامة. وبحسب ما شرحت الحملة المحاكمة، فإنّ "السجين (يقف) أمام كاميرا فيديو ليظهر أمام القاضي على شاشة، لتبدأ إجراءات المحاكمة الافتراضية التي لا تضمن أيّ استقلالية ولا حرية للمتهم تمكّنه من الدفاع عن نفسه. كما يُحرم من التواصل مع محاميه، في انتهاك صارخ لأبسط قواعد العدالة. ويُضاف إلى الانتهاكات السابقة ما يُمارَس في جلسات الموضوعي، إذ يكون السجناء في داخل قفص زجاجي بقاعة المحكمة، ممنوعين من التواصل مع المحامين، ويقتصر تواصلهم مع القضاة عبر كاميرا فيديو وميكروفون في داخل القفص".

وشدّدت الحملة على رفضها القاطع هذه الممارسات، إذ رأت أنّها "لم تتغيّر على الرغم من الدعاية الإعلامية التي قامت بها السلطات المصرية مطلع العام الجاري، إلى جانب تعديل القوانين لتشمل تغيير اسم السجون إلى مراكز الإصلاح والتأهيل"، مؤكدة أنّ "السياسة الأمنية واحدة لم تتغيّر بحقّ السجناء، خصوصاً المحبوسين منهم على خلفية سياسية".

وطالبت الحملة بوقف هذه الاعتداءات فوراً والتحقيق في ملابسات الوفاة الأولى لسجين في داخل السجن، وتفعيل دور النيابة والمجلس القومي لحقوق الإنسان في الإشراف القضائي على السجون من دون إنذار مسبق.

تجدر الإشارة إلى أنّ حملة "حتى آخر سجين" الحقوقية تستهدف تسليط الضوء على عدد السجناء السياسيين الهائل في مصر، والذين يقبعون في السجون لسنوات، سواء أكانوا محبوسين احتياطياً أم محكوماً عليهم، بالإضافة إلى المخفيين قسراً. والحملة أطلقها عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان، ترفع مطلب سرعة إطلاق سراح العدد الهائل من هؤلاء السجناء السياسيين. وتطالب الحملة بالتعامل بجدية مع ملفات السجناء السياسيين جميعاً من دون استثناء وحتى آخر سجين سياسي في مصر، وفق مجموعة من الضوابط الحاكمة.

المساهمون