تحول حصول عشرة من أفراد الفريق الرئاسي و16 نائباً لبنانياً وعدد من موظفي البرلمان على لقاح فيروس كورونا إلى فضيحة جديدة، أركانها شخصيات سياسية خالفت آليات ومعايير الحصول على اللقاح، وتجاوزت مبدأ العدالة والشفافية الذي شدد عليه البنك الدولي كشرط لاستمرار تمويل الخطة الوطنية للتلقيح.
وكشف مكتب الإعلام في الرئاسة اللبنانية، مساء الثلاثاء، أنّ الرئيس ميشال عون وعقيلته ناديا عون تلقيا اللقاح مع عشرة من أعضاء الفريق الملازم للرئيس، موضحاً، في بيان، أنهم "سجلوا أسماءهم وفقاً للأصول على المنصّة الخاصّة بالتلقيح"، وأنه "يدعو اللبنانيين إلى الإقبال على تسجيل أسمائهم على المنصة لتلقي اللقاح والمساهمة في مكافحة انتشار هذا الوباء"، على حد تعبيره.
مكتب الاعلام في الرئاسة: الرئيس عون واللبنانية الأولى تلقيا اللقاح ضد "كورونا" مع عشرة من أعضاء الفريق اللصيق والملازم للرئيس الذين سجلوا أسماءهم وفقا للأصول على المنصة الخاصة بالتلقيح
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) February 23, 2021
واستغرب لبنانيون الإعلان المتأخر الذي جاء بعد ساعات من الكشف عن تلقيح نواب في البرلمان بالمخالفة للمعايير، وسأل ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن أسباب عدم إعلان تلقي الرئيس اللقاح سابقاً، والتكتم على أسماء فريقه اللصيق، وما إذا كانوا ضمن الفئات ذات الأولوية تبعاً لأعمارهم وحالتهم الصحية، معبّرين عن غضبهم من التمييز في حين أن هناك من ينتظر دوره من المسنين، ومن يعانون من أمراض مزمنة.
وهدّد المدير الإقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي ساروج كومار جا، صباح الثلاثاء، بتعليق تمويل شراء لبنان للقاحات، في حين لوَّحَ رئيس اللجنة الوطنية للقاح عبد الرحمن البزري بالاستقالة، قبل أن يعدل عن موقفه.
وأوضح الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر أنّ النواب الـ16 تلقّوا اللقاح بوجود فريق من وزارة الصحة والصليب الأحمر اللبناني، وأنّ أسماءهم موجودة على المنصة الرسمية، وقد حان دورهم حسب الفئة العمرية، لكنه لم يعلن أسماء النواب الذين تلقّوا اللقاح.
وتسربت أسماء عدد من النواب الذين تم تلقيحهم، وبعضهم ليسوا من كبار السن، ومن بينهم النواب عبد الرحيم مراد، ومحمد كبارة، ومصطفى الحسيني، ونقولا نحاس، وإيلي فرزلي، وسليم سعادة، وغازي زعيتر، وياسين جابر، وأسعد حردان، وأنيس نصار، وهبة قاطيشا، وألبير منصور، وأنور الخليل، وميشال موسى.
ونشر رئيس "حزب الكتائب" النائب المستقيل سامي الجميل مقطع فيديو، صوّره قبل أكثر من أسبوع، يكشف فيه أنّه تلقى اتصالاً من مجلس النواب لطلب بطاقة هويته وبطاقات هوية أفراد عائلته للتسجيل في الدفعة الأولى لتلقي اللقاح، وقال إنه رفض ذلك لأنه لا تتوفر فيهم المعايير المطلوبة، وأنّ تلك الاتصالات وصلت إلى جميع النواب، وحتى المستقيلين.
هذا ما سجلته الاحد منذ ٩ ايام لكن تريثت في نشره بانتظار التأكد من المعلومات. لكن بعد ما سمعت دكتور بزري يتحدث عن بدء #التلقيح في #مجلس_النواب، اعيد نشر التسجيل كما هو.#NoWasta pic.twitter.com/SSerB2P8Ys
— Samy Gemayel (@samygemayel) February 23, 2021
واعتبر رئيس اللجنة الوطنية للقاح عبد الرحمن البزري ما جرى في مجلس النواب "أحد التجاوزات التي تضرب الخطة الوطنية للتلقيح"، واستنكر أن تأتي المخالفة من نواب يفترض بهم أن يكونوا مسؤولين أمام الشعب، ومثالاً للالتزام، مشيراً إلى أن النواب لم يتواصلوا مع اللجنة، وتلقوا اللقاح خارج إطار التراتبية، وفي مكان غير مخصص للتلقيح.
وأكد البزري، في مؤتمر صحافي عقده في منزله بعد ظهر الثلاثاء، أنه "لا يجوز إعطاء اللقاح داخل مجلس النواب، وعلى النواب الذهاب إلى المراكز المخصصة للتلقيح، وهناك حالات استثنائية مرتبطة بظروف صحية لا تتوافر في النواب يمكن عندها إجراء التلقيح في المنزل، وهناك عيادات متنقلة من أجل ذلك. وزارة الصحة عليها تبرير مخالفة إرسال جرعات إلى مجلس النواب. نطلب من الناس الذهاب إلى المراكز، ثم يشاهدون نواباً يتلقون اللقاح داخل البرلمان".
وأضاف: "ردّ فعلي الأول كان الاستقالة، ولكن بعد التباحث مع أعضاء اللجنة، قررت الرجوع عنها، لأن من شأنها أن تفشل المجهود الذي تقوم به اللجنة، وسنعقد اجتماعاً غداً لمناقشة كل التطورات وخطة التلقيح. هناك ثلاث هيئات رقابية، الأولى هي البنك الدولي بالتعاون مع الصليب الأحمر الدولي، والذي سجل الملاحظة وراسل البنك بالخلل، والثانية لجنة نحن بصدد تشكيلها لمتابعة شفافية العملية، ثم منصة التسجيل الخاضعة لرقابة ديوان المحاسبة".
وأضاف البزري أنه تلقى اتصالاً من المدير الإقليمي لدائرة المشرق في مجموعة البنك الدولي، وجرت مناقشة الخلل الذي حصل، وتقديم تأكيدات على أنه لن يتكرّر، كما قدم اعتذاراً عن الخلل الذي حصل في مجلس النواب، و"الذي من شأنه أن يزعزع استقرار الخطة وثقة المواطن اللبناني"، كما قال.
من ناحيته، أوضح الصليب الأحمر اللبناني، في بيان، أنّ "فرقه موجودة في كافة مراكز التلقيح، حصراً لمساعدة أو إسعاف المواطنين من الفئة العمرية 75 سنة وما فوق، وذلك في حال حدوث أي طارئ".
وقال المدير الإقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي ساروج كومار جا في تغريدة له على "تويتر"، بالتزامن مع بدء شيوع خبر تلقي عدد من النواب اللقاح، أنه "في حال جرى تأكيد حصول انتهاك، قد نعلّق تمويل اللقاحات ودعم الاستجابة الصحية لمكافحة كوفيد-19 في أنحاء لبنان. أناشد الجميع بغض النظر عن المناصب التسجيل، وانتظار الدور".
وخصّص البنك الدولي 34 مليون دولار لمساعدة لبنان في شراء اللقاحات والمباشرة بحملة تلقيح وطنية تغطي مليوني شخص، ما يجعله البلد الأول الذي يستفيد من مبادرة البنك، وفق تأكيد كومار جا خلال إطلاق حملة التلقيح.