تدهور صحة أسير فلسطيني ومطالبات بتغيير نمط التعامل الدولي مع قضية الأسرى

رام الله

جهاد بركات

جهاد بركات
08 اغسطس 2021
أسرى مضربون
+ الخط -

أفاد نادي الأسير الفلسطيني، اليوم الأحد، بأنّ تدهوراً طرأ على الوضع الصحي للأسير ناصر أبو حميد (49 عاماً) من مخيم الأمعري، جنوب رام الله وسط الضفة الغربية، وجرى نقله، صباح الأحد، من سجن "عسقلان" إلى مستشفى "برزلاي" الإسرائيلي.

وأوضح نادي الأسير في بيان صحافي أنّ الأسير أبو حميد، المحكوم بالسّجن سبع مؤبدات و50 عاماً، والمعتقل منذ عام 2002، يُعاني مؤخراً من مشاكل في الصدر، وتحديداً في الرئتين، وقد تفاقمت حالته جرّاء ظروف الاعتقال القاسية وما يرافقها من سياسات ممنهجة، أبرزها سياسة الإهمال الطبي المتعمد.

ولفت نادي الأسير إلى أنّ أبو حميد هو من بين خمسة أشقاء يواجهون الحكم مدى الحياة في سجون الاحتلال، وقد كان الاحتلال اعتقل أربعة منهم عام 2002، وهم: نصر، ناصر، شريف ومحمد، إضافة إلى شقيقهم إسلام الذي اعتُقل عام 2018، ولهم شقيق سادس شهيد، وهو عبد المنعم أبو حميد، كما أنّ بقية أفراد العائلة تعرّضوا للاعتقال.

يُذكر أنّ قوات الاحتلال هدمت منزل عائلة أبو حميد خمس مرات، كانت آخرها عام 2019، كما حرمت والدتهم من زيارتهم لسنوات، وفقدوا والدهم خلال سنوات اعتقالهم.

في سياق آخر، قالت هيئة شؤون الأسرى والمحرّرين الفلسطينية في بيان صحافي "إنّ وحدات القمع التابعة لإدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي اقتحمت، صباح اليوم الأحد، القسم (2) في سجن النقب الصحراوي، واعتدت على الأسرى، وعبثت بمقتنياتهم الشخصية".

وأكّدت هيئة الأسرى أنّ هذه الهجمة تأتي استمراراً لسياسة التنكيل والانتقام من الأسرى، ومحاولة لفرض سياسة أمر واقع داخل السجون والمعتقلات.

يُذكر أنّ وحدات القمع التابعة لإدارة سجون الاحتلال تضمّ عسكريين ذوي أجسام قوية وخبرات، خدموا في وحدات حربية مختلفة في جيش الاحتلال، وتلقى عناصرها تدريبات خاصة لقمع الأسرى والتنكيل بهم باستخدام أسلحة مختلفة، منها السلاح الأبيض، والهراوات، والغاز المسيل للدموع، وأجهزة كهربائية تؤدي إلى حروق في الجسم، وأسلحة تطلق رصاصاً حارقاً، ورصاص "الدمدم" المحرم دولياً، ورصاصاً غريباً يحدث آلاماً شديدة، وفق ما جاء في بيان الهيئة.

في السياق ذاته، عقدت المؤسسات التي تتابع شؤون الأسرى، اليوم الأحد، مؤتمراً صحافياً أمام مكاتب الأمم المتحدة في رام الله، وسط الضفة الغربية. قالت شهلة حامد، والدة الأسير الفلسطيني المضرب عن الطعام مجاهد حامد، في المؤتمر: "نحن نجلس في منازلنا المكيفة، نشرب الماء البارد، ورغم ذلك نعاني خلال موجة الحر الحالية من الجفاف، فما بالكم بابني الأسير الذي يواصل إضرابه عن الطعام في سجن النقب الصحراوي. أنا قلقة عليه وأريد أن أطمئن على وضعه". وعبّرت حامد في حديثها عن قلقها البالغ على وضع ابنها المعتقل إدارياً والمضرب عن الطعام، وهي لا تعرف شيئاً عن وضعه الصحي منذ عشرة أيام، فيما طالبت المؤسسات المتابعة لشؤون الأسرى بتغيير نمط التعامل الدولي مع قضية الأسرى الفلسطينيين، خاصة المضربين عن الطعام. 

"أم مجاهد"، التي تخشى على حياة ابنها المضرب عن الطعام، تقول لـ"العربي الجديد": "إنّ ابني دخل يومه السابع والعشرين من الإضراب عن الطعام في سجون الاحتلال، لكنني لا أملك أية معلومات عن وضعه الصحي؛ أنا كأم قلبي يؤلمني على ابني، لدي قلق وتوتر وخوف على حياته، أشعر بالخطر لأنه تجاوز فترة ثلاثة أسابيع، ومن يتجاوز هذه المدة يستهلك جسمه الدهون والسكريات وتبدأ العضلات والأنسجة بالتلف، وبعد أربعة أسابيع يبدأ الخطر على القلب والشرايين، والتأثير على نبض القلب والكلى والدماغ، أنا أخشى على حياته".

تؤكّد حامد أنّ المحامين من هيئة الأسرى لم يتمّكنوا، منذ عشرة أيام، من زيارة ابنها مجاهد، أو زيارة 3 من زملائه المضربين عن الطعام الموجودين في سجن النقب، مؤكدة أنّ ذلك يسبّب لها توتراً دائماً رغم قناعتها بأن إرادته قوية وأنّ العزيمة هي التي تمدّه بالقوة في إضرابه، لكنها تتساءل كم سيتحمّل جسده؟

قضى مجاهد حامد تسع سنوات متتالية في سجون الاحتلال، بين 2010 و2019، وخرج من السجن بعد انتهاء محكوميته ليتزوج ويرزق بطفل، لكن حياة الاستقرار تلك لم تدم طويلاً؛ فهو اعتقل وطفله بعمر الشهرين، وتمّ تحويله للإعتقال الإداري بلا أية تهمة لمدة ستة أشهر، وبعد انتهائها، جدّدها الاحتلال له مرة أخرى، وقبل أن تنتهي الفترة الثانية، تمّ تمديدها مجدداً للمرة الثالثة، ليعلن الإضراب عن الطعام من أجل نيل الحرية، كما تقول والدته.

حالة مجاهد حامد هي مثال على قصص 12 أسيراً مضربين عن الطعام حالياً في سجون الاحتلال ضد الاعتقال الإداري، يُضاف إليهم أسير آخر يضرب ضدّ عزله انفرادياً.

تطالب والدة مجاهد حامد الصليب الأحمر الدولي والأمم المتحدة والمؤسسات الدولية بالنظر إلى معاناة الأسرى، منتقدة ما اعتبرته معايير مزدوجة تجاه الأسرى الفلسطينيين مقابل جنود الاحتلال الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية.

خلال المؤتمر الصحافي في رام الله، الذي تزامن مع آخر في قطاع غزة، ومن أمام مقر الأمم المتحدة في رام الله، اعتبر رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس موقف المؤسسات الدولية تجاه قضية الأسرى مراوحاً للنمطية التقليدية التي لا تتجاوز حدود النقد المتلعثم لدولة الاحتلال. وأكّد أنّ عدم ترجمة تلك المواقف إلى سياسات وإجراءات تصل إلى حدّ الضغط على دولة الاحتلال؛ تقرؤه الأخيرة على أنه ضوء أخضر لها للاستمرار بعمليات التنكيل بالأسرى.

وأعلن فارس عن سلسلة فعاليات ستطلق قريباً، وسيتم الإعلان عنها ببرنامج يشمل كافة المناطق الفلسطينية لمساندة الأسرى وتعزيز حالة التضامن معهم، داعياً كل الفلسطينيين للوقوف والتفاعل مع تلك الفعاليات.

وأكّد فارس عقد لقاء، الأسبوع الماضي، لكافة المؤسسات العاملة مع الأسرى، التي قرّرت تكثيف العمل على كافة الأصعدة وعلى رأسها العمل الشعبي، موجهاً رسالة إلى الفصائل الفلسطينية والقوى للتفاعل وتوسيع الفعل ليرتقي إلى مستوى الإضراب المفتوح عن الطعام لكوكبة من الأسرى.

وقال فارس: "إنّ هناك ضرورة لتفعيل وانخراط الجهاز السياسي والدبلوماسي للسلطة الفلسطينية في عمل دؤوب يومي يواكب التطورات التي تحدث في السجون"، مشيراً إلى عقد اجتماع مع وزير الخارجية الفلسطيني وطاقم الوزارة، حيث تمّ الاتفاق على أن يكون العمل متواصلاً ودائماً، وأن يتم تزويد السفراء الفلسطينيين في الخارج ببيانات يومية تضعهم في صورة المستجدات كافة.

وطالب فارس بأن يكون هذا الفعل دائماً، سواء خلال الإضرابات عن الطعام أو بملفات أخرى وعناوين كثيرة، بمقدمتها الأسرى المرضى والإجراءات التعسفية اليومية في السجون.

وحول آخر التطورات والاقتحامات، قال فارس: "إنّ الاحتلال، قام قبل أيام باقتحام القسم 3 بسجن عسقلان، واقتحم اليوم القسم 2 في سجن النقب، بسياسة ممنهجة يتم تدويرها بين السجون تنفيذاً لخلاصة توصيات كانت أوصت بها لجنة إسرائيلية شكّلت خصيصاً من أجل جعل حياة الأسرى لا تطاق، من خلال إجراءات تحمل طابعاً قمعياً ورثتها حكومة الاحتلال الحالية عن السابقة واستمرت بتنفيذها بشكل وحشي".

وتوجد في سجن عسقلان، الذي تمّ اقتحامه مؤخراً، معظم الحالات المرضية الصعبة بحسب فارس، حيث يُعتقل بداخله هؤلاء ليكونوا قريبين من مستشفى برزلاي، وبالتالي نقل الأسرى إليه في حال أي تطور، والأسرى يرفضون بشكل قاطع محاولات إدارة سجون الاحتلال نقلهم إلى سجون أخرى، خصوصاً إن كانت بعيدة عن مستشفيات طبية، وذلك الرفض، كما قال قدورة فارس، "يعني احتمالية عزل أسرى مرضى في الزنازين، ما يزيد أوضاعهم سوءاً"، متوقعاً فترة صعبة على هذا السجن.

وأشار فارس إلى أنّ كل مؤسسات دولة الاحتلال متورطة في القمع، ومنها القضاء الإسرائيلي، إذ رفضت مؤخراً المحكمة العليا الإسرائيلية التماسات قدمت من محامي عدد من المضربين عن الطعام، لتؤكد أنها، كمحكمة، ليست سوى إحدى الأدوات القمعية بيد حكومة الاحتلال، وتتجاوز كلّ محددات القانون الدولي.

 

ذات صلة

الصورة
جنود الاحتلال قرب مقر أونروا في غزة بعد إخلائه، 8 فبراير 2024 (فرانس برس)

سياسة

أقر الكنيست الإسرائيلي، مساء اليوم الاثنين، تشريعاً يحظر عمر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) داخل الأراضي المحتلة.
الصورة
آلية عسكرية إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة، 6 أكتوبر 2024 (ميناحيم كاهانا/فرانس برس)

سياسة

شهر أكتوبر الحالي هو الأصعب على إسرائيل منذ بداية العام 2024، إذ قُتل فيه 64 إسرائيلياً على الأقل، معظمهم جنود، خلال عمليات الاحتلال في غزة ولبنان والضفة.
الصورة
عماد أبو طعيمة لاعب فلسطيني استشهد في غزة 15/10/2024 (إكس)

رياضة

استشهد لاعب نادي اتحاد خانيونس، عماد أبو طعيمة (21 عاماً)، أفضل لاعب فلسطيني شاب في بطولة فلسطين للشباب 2022، وذلك في قصف إسرائيلي جنوبي قطاع غزة.

الصورة
تأثر بشار الشوبكي نجم منتخب فلسطين بتوقف الدوري المحلي (العربي الجديد/Getty)

رياضة

أسفر توقف المنافسات الكروية المحلية على أرض فلسطين المحتلة، عن آثار متفاوتة، خصّت أكثر من ستة آلاف لاعب كرة قدم يمارسون اللعبة في البلاد مع فرقهم.

المساهمون