بريطانيا: تشدّد في جرائم السرقات البسيطة

01 سبتمبر 2023
أوامر للشرطة البريطانية بعدم التهاون مع أي نوع من الجرائم (فوك فالسيس/ Getty)
+ الخط -

أصدرت وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان تعليماتها إلى إدارات الشرطة بملاحقة كل خطوط التحقيق الممكنة بدقة في الجرائم البسيطة، مثل سرقة متاجر ومنازل، وشدّدت على أهمية تسخير أجهزة الأمن كل الموارد المتوفرة للنظر في الأدلة المحتملة، مثل لقطات كاميرات المراقبة وأجراس الأبواب وكاميرات القيادة، إضافة إلى تتبع الهواتف إذا كان يمكن أن تساهم في إلقاء القبض على جناة.
وفي مقابلة مع شبكة "سكاي نيوز" الإخبارية، أكدت برافرمان أن "المبادرة تهدف إلى ضمان الاعتراف بخطورة كل جريمة، والقضاء على فكرة اعتبارها من دون أهمية"، ورأت أنه "من الضروري تزويد الشرطة بالموارد اللازمة للوفاء بالتزامها الخاص بمتابعة كل خط تحقيق معقول"، كما لفتت إلى توظيف 20 ألف ضابط شرطة إضافي لهذه المهمات. 
وتظهر أرقام وزارة الداخلية أن عدد رجال الشرطة الحاليين زاد بنحو 3500 فقط عن عام 2010، علماً أن عددهم انخفض نحو 20 ألفاً بين عامي 2010 و2018، قبل حملة التوظيف الأخيرة التي أجرتها الحكومة.
وفي مقابلة أخرى مع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، رفضت برافرمان فكرة أن دعم الشرطة للتحقيق في الجرائم البسيطة سيخفض الموارد المخصّصة لتحقيقات أكثر تعقيداً وجدية.
ووفقاً لبيانات أصدرها مكتب الإحصاءات الوطنية لعام 2023، ارتفع عدد المركبات المسروقة في إنكلترا وويلز بنسبة 24.9 في المائة على أساس سنوي، وسُرقت 130.389 مركبة العام الماضي مقابل 104.435 عام 2021.
إلى ذلك، كشفت شركة خدمات التأمين "AA" أن سرقات المركبات زادت أيضاً بنسبة 9.9 في المائة العام الماضي، واستهدفت 212.900 شخص مقابل 193.647 عام 2021.
واعتبرت أرقام سرقات الهواتف صادمة، إذ جرى الإبلاغ عن سرقة هاتف محمول في لندن كل ست دقائق العام الماضي. ووصل عددها إلى 90.864، ما يعادل 250 يومياً تقريباً في أنحاء العاصمة، وذلك وفقاً لإحصاءات قدمتها الشرطة التي كشفت أيضاً أن منطقة وستمنستر اعتبرت النقطة الأكثر سخونة لسرقة الهواتف في لندن، إذ شهدت سرقة 25.899 هاتفاً محمولاً، أي نحو 30 في المائة من إجمالي المسروقات في أنحاء العاصمة.

إلى ذلك، ترافقت عمليات السطو على المنازل مع تجارب مرعبة وصادمة نتجت عنها أعباء مالية كبيرة. وتحدثت بيانات أصدرها مكتب الإحصاءات الوطنية عن تنفيذ عملية سطو على منزل كل 106 ثوان تقريباً، مشيرة إلى أن متوسط النفقات المرتبطة بالسطو على منزل واحد في المملكة المتحدة يبلغ 3030 جنيهاً إسترلينياً (3850 دولاراً)، وأن لندن خسرت نحو ثلاثة أضعاف الأموال المنهوبة، بسبب عمليات السطو على منازل مقارنة بأي مقاطعة أخرى في المملكة المتحدة.
وفي ما يتعلق بسرقة المتاجر، سجلت وثائق الشرطة 275.076 سرقة في إنكلترا وويلز العام الماضي، ما مثل زيادة ملحوظة بنسبة 24 في المائة مقارنة بعام 2021. ونتج هذا الارتفاع في عمليات السرقة من المتاجر عن ضغوط ارتفاع تكاليف المعيشة، وهو ما ظهر في تصاعد نفقات الطاقة وتضخم أسعار المواد الغذائية. 
وما يشير إلى تفاقم أزمة المعيشة المسح الذي أجراه مكتب الإحصاءات الوطنية للفترة من 8 فبراير/ شباط إلى الأول من مايو/ أيار الماضيين، والذي أظهر أنّ واحداً من كل 20 شخصاً بالغاً (5 في المائة)، نفد طعامهم، ولم يستطيعوا تحمل المزيد.

تزيد ضغوط ارتفاع تكاليف المعيشة السرقات في بريطانيا (ماتيو هوروود/ Getty)
تزيد ضغوط ارتفاع تكاليف المعيشة السرقات في بريطانيا (ماتيو هوروود/ Getty)

وفي شهادات أدلى بها مواطنون لـ"العربي الجديد"، قال بول، من منطقة إيلينغ، غربي لندن: "ارتفعت معدلات السرقات مع تساهل الشرطة، وحدث بعضها في وضح النهار، وإحداها حصلت مع صديقي الذي حطّم شابان مقنّعان سيارته، وسرقا سماعات الرأس وحقائب وبضع جنيهات. أما ميتشيل، فقالت إن منزلها تعرّض لسرقة عند الساعة الرابعة صباحاً بعدما تسلّل لص إليه عبر البوابة الجانبية لجيرانها، ودخل من النافذة الأمامية. واتضح لاحقاً أنه سرق أجهزة إلكترونية ووثائق شخصية ونقوداً. 
أمّا أنّا، فأخبرت بأنّ عدداً من جيرانها تعرضوا لسرقات خلال أغسطس/ آب الماضي في منطقة أوسترلي، غربي لندن، وذلك خلال فترتي النهار والليل معاً، لذا نصحت الناس بتوخي الحذر والتأكّد من إقفال جميع الأبواب والنوافذ قبل مغادرة المنازل أو النوم، ووضع جهاز الإنذار في كل منزل لتفادي التعرّض للنهب. 
في المقابل، شدد غانثر على ضرورة أن يتخذ الناس جميع الاحتياطات اللازمة، لكنّه تساءل عن دور الشرطة التي قال إنها تكتفي بإعطاء أي شخص يبلغ عن سرقة رقماً مرجعياً لاستخدامه في ملاحقة إجراءات التأمين الخاصة به، وقال: "لا يهتم رجال الشرطة بملاحقة اللصوص الذين يحصلون على أموال بسهولة من دون عواقب، أما من يوقف سيارته في مكان من دون أن يدفع ثمن تذكرة الوقوف يجري تغريمه في غضون 5 دقائق". 

طلاب وشباب
التحديثات الحية

في المقابل، أضيفت خطوة وزيرة الداخلية إلى التزام الشرطة العام الماضي بحضور كل عملية سطو على المنازل ضمن مجموعة جديدة من التدابير، ووافق ريك بريور، نائب رئيس اتحاد شرطة لندن، على توجيه وزارة الداخلية الأخير بمتابعة الشرطة جميع "خطوط التحقيق المعقولة". ورداً على المخاوف من التداعيات المحتملة على الجرائم الأكثر خطورة، لمّح بريور إلى احتمال إعادة ترتيب أولويات الشرطة في الخطوط الأمامية. 
وفي وقت سابق من أغسطس/ آب الماضي، نشرت وزارة العدل مسودة جديدة لقواعد ممارسة السلطات الأمنية هدفت إلى تنظيم كيفية تعامل الشرطة مع الجرائم البسيطة. وبموجب مقترحات السرقة من المتاجر، كانت حيازة المخدرات بين أنواع الجرائم التي يمكن أن يتلقى مرتكبوها للمرة الأولى تحذيراً بدلاً من إرسالهم إلى المحكمة.

المساهمون