بحث يائس عن الأحباء وسط الركام في غزة: "لماذا؟ لم نفعل شيئا يا الله"

12 أكتوبر 2023
456
+ الخط -

بين ركام عمارات سكنية دمّرتها غارات إسرائيلية في غرب مدينة غزة، تجمّع فلسطينيون لرفع كتلة إسمنتية كبيرة أمام ثلاثة مسعفين سحبوا من المكان جثة هامدة. ويصرخ شاب باكياً "لماذا؟ لم نفعل شيئا يا الله".

يحتضنه أحدهم ويأخذه بعيداً من المكان الذي عثر فيه على أحد افراد عائلته. يلفّ المسعفون الجثة ببطانية ويرفعونها على حمالة، قبل أن يصرخ شخص آخر في الجهة المقابلة في حي الشاطئ في غرب مدينة غزة، مناديا المسعفين.

ويقول الشاب ممسكا بيد تحت الركام "تعالوا، ما زال حيّاً". وينجح عدد من الأشخاص الذين هرعوا للمساعدة في إزالة الحجارة والركام عن الجريح، قبل أن يحمله المسعفون والدماء تغطي رأسه.

ووقفت ثماني سيارات إسعاف قرب المكان الذي تجمع فيه عدد من السكان محاولين مساعدة الطواقم الطبية في إجلاء عشرات الضحايا وإزالة الجثث من تحت أنقاض كتل إسمنتية وأسلاك حديدية.

وشنّ مقاتلون من حماس تسللوا إلى إسرائيل برا وبحرا وجوا في السابع من أكتوبر/تشرين الأول هجوما مباغتا على أراض إسرائيلية قتلوا خلاله، وفق السلطات الإسرائيلية أكثر من ألف مدني في الشوارع وفي منازلهم كما في مهرجان موسيقي، وترافق مع إطلاق آلاف الصواريخ في اتجاه إسرائيل التي ترد منذ ستة أيام بقصف عنيف لقطاع غزة.

وتوعّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأربعاء بـ"سحق" حركة حماس.

وقتل أكثر من 1200 شخص في القطاع الفلسطيني في القصف الإسرائيلي، بحسب وزارة الصحة.

وشاهد مراسلو وكالة "فرانس برس" عن بعد عشرات الغارات الجوية صباح الخميس تستهدف على مدى 30 دقيقة مخيم الشاطئ وشمال القطاع المحاصر.

"الجميع مات" 

وكان طفل لم يتجاوز الرابعة من عمره يبكي، بينما حمله والده بعد إخراجه من تحت الأنقاض، وقد غطاه الغبار وسالت الدماء من أجزاء مختلفة من جسمه. وصرخ الطفل "بابا، أين أمي وإخوتي؟".

وبدا جمال المصري مصدوماً وهو يروي "كنا نائمين. فجأة، أصبح الحي بأكمله تحت قصف الاحتلال. دمر منزلي ومنزل أخي وأهلي وعدد من الجيران... تدمّرت بالكامل".

ووصف سكان في مدينة غزة ليلة عنيفة لم تتوقف خلالها الغارات الجوية الإسرائيلية، والقصف من زوارق بحرية إسرائيلية

وتابع وهو ينظر حوله بذهول "خرجت من بيتي، الجميع أصيب. هناك أشلاء، وجثث أبنائي وأطفالهم". وتقاطعه ابنته صارخة "ماذا حدث؟ هل هذا حقيقي؟". ويردّد الرجل المكلوم "الجميع مات". ثم يرد على ابنته "اهدئي"، ويضيف "سنبقى صامدين ولن نخرج من غزة. هذا قدرنا".

ووصف سكان في مدينة غزة ليلة عنيفة لم تتوقف خلالها الغارات الجوية الإسرائيلية، والقصف من زوارق بحرية إسرائيلية.

وكانت مناطق واسعة من قطاع غزة غارقة في الظلام بعد توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة بسبب نفاد الوقود الأربعاء.

كما تعطلت خدمات الإنترنت والاتصالات والمياه على نطاق واسع.

وتعمل الطواقم الطبية والدفاع المدني على نقل الجثث والجرحى من تحت الركام في عدد من مناطق قطاع غزة. وقال الدفاع المدني في بيان إن طواقمه "تعمل بكل إمكاناتها للاستجابة للعدد الكبير من الأحداث ويتم التعامل في الأولوية على إنقاذ الأرواح".

 جثث على الأرض 

واكتظت أروقة مستشفى الشفاء الرئيسي في مدينة غزة بالجرحى ومئات من الفلسطينيين برفقة أقاربهم أو من جاؤوا لتفقد أقارب وأحباء.

أمام قسم الطوارئ، تصل سيارات إسعاف وسيارات مدنية بشكل متواصل مع عشرات الجرحى. وينقل متطوعون الإصابات، بينما يحاول آخرون فتح الطريق أمام سيارات أخرى تطلق أبواقها ليفتح لها مجال المرور.

ويرقد عشرات الجرحى داخل المستشفى على فرشات إسفنجية، وبعضهم على الأرض، لأن أسرة المستشفى مليئة بآخرين.

يرقد عشرات الجرحى داخل المستشفى على فرشات إسفنجية، وبعضهم على الأرض، لأن أسرة المستشفى مليئة بآخرين

وجلس طفلان مصدومان على الأرض قرب رجل لُفّ رأسه وساقاه بضمادات. بينما حمل ممرض طفلا آخر، لينادي إن كان هناك من يتعرّف إليه.

أمام بوابة ثلاجة الموتى، كان العشرات يبكون، وآخرون يحاولون مواساتهم. داخل غرفة الثلاجة، لُفّت عشرات الجثث بأكفان ووضعت على الأرض بعد أن امتلأت الثلاجة بالجثث.

فجأة يخرج شاب عشريني مسرعا من الغرفة ويتجه نحو أقاربه وهو بالكاد قادر على التقاط أنفاسه "ربما لم يستشهد، لم أجد جثته. قد نجده في قسم الجراحة".

(فرانس برس)

ذات صلة

الصورة
جنديان إسرائيليان يعتقلان طفلاً في الضفة الغربية (حازم بدر/ فرانس برس)

مجتمع

بالإضافة إلى الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة، لا يتوقف الاحتلال الإسرائيلي عن التنكيل بالضفة الغربية، فيعتقل الأطفال والكبار في محاولة لردع أي مقاومة
الصورة
مقاتلون من كتائب القسام ينظرون لموقع إسرائيلي، 19 يوليو 2023 (Getty)

سياسة

منذ بداية الاجتياح الإسرائيلي البري لقطاع غزّة، نجحت كمائن كتائب القسام في تكبيد جيش الاحتلال الإسرائيلي خسائر فادحة في الأفراد والآليات
الصورة
علما إسرائيل والإمارات في مبنى القنصلية الإسرائيلية بدبي، يونيو 2021 (كريم صاحب/فرانس برس)

سياسة

اندلعت أزمة دبلوماسية بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة، بسبب 100 كيلوغرام من التمور مع نوى، والتي وصفتها أبوظبي بأنها "صدع" حقيقي.
الصورة
طائرة مسيّرة تحمل علم حزب الله 21- 5-2023 (أنور عمرو/ فرانس برس)

سياسة

مما يستدلّ به على العجز الإسرائيلي إزاء الجبهة الشمالية، هو ما سرّب عن مصدر بالجيش للإعلام، تعقيباً على الاختراق الذي حققته مسيّرة حزب الله في حيفا.
المساهمون