باكستانيون يفقدون بصرهم بسبب دواء محليّ الصنع.. والسلطات تحقق

إسلام أباد
avata
صبغة الله صابر
صحافي باكستاني؛ مراسل "العربي الجديد" في مناطق أفغانستان وباكستان.
25 سبتمبر 2023
باكستانيون فقدوا بصرهم بعد استعمال دواء محلي الصنع.. ما القصة؟
+ الخط -

فرضت الحكومة المحلية في إقليم البنجاب الباكستاني حظراً لمدة أسبوعين على بيع واستخدام دواء مصنّع محلياً، على شكل حقنة، تسبب في فقدان عدد من المرضى البصر، في الإقليم الواقع شرقي باكستان، وشكّلت لجنة لتقصّي الحقائق وإجراء تحقيق في القضية.

وبحسب بيان صادر عن الحكومة المحلية، فإنّ عدد الأشخاص المصابين بمرض السكري الذين فقدوا بصرهم بصورة كلية أو جزئية يتراوح ما بين 14 و20 حالة، وقد أوضح أنّها (الحكومة) تحقّق في صحّة أن تكون الحقنة التي تسوَّق باسم "أفاستين" (بيفاسيزوماب) قد تسبّبت فعلاً في ذلك.

ومن المتوقع أن تقدّم اللجنة المستحدثة، التي تضمّ كبار الأطباء وأعضاء الكادر العلمي في الجامعات الباكستانية، نتائج تحقيقها خلال أيام قليلة إلى الحكومة، لكي تتمكّن من اتخاذ مزيد من الإجراءات اللازمة في هذا الشأن.

وذكر بيان حكومة إقليم البنجاب أنّ حقنة "أفاستين"، المصنّعة من قبل شركة محلية، وُصفت لمصابين بمرض السكري في مناطق لاهور وكاسور وجهنك لمعالجة تلف شبكية العين. لكن بدلاً من ذلك، تسبّبت هذه الحقنة في فقدان ما بين 14 و20 شخصاً البصر إمّا جزئياً وإمّا كلياً.

وقال رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال في إقليم البنجاب محسن نقوي في منشور له على منصة "إكس" (تويتر سابقاً)، أمس الأحد، إنّه عقد اجتماعاً حاسماً مع وزارة الصحة والأطباء لمعالجة حالات العمى المرتبطة بـ"أفاستين"، وقد وُضعت خطة عمل للتعامل مع الأمر فوراً وبطريقة مناسبة. وتشمل الخطة اتّخاذ إجراءات صارمة فورية ضدّ مفتشي الأدوية المسؤولين عن الحقن غير المعقّمة، مع إجراء تحقيقات فورية وانتظار نتائجها، بالإضافة إلى حظر مبيعات "أفاستين" لمدّة أسبوعَين وحظر استخدامه في طبّ العيون إلى حين صدور نتائج فحص الجودة.

وشدّد نقوي على أنّ الحكومة كفيلة بتقديم العلاجات المجانية لجميع المتضررين، وملاحقة المتورطين في القضية. وقد كُلّفت الشرطة بذلك، إلى جانب تشكيل اللجنة المشار إليها سابقاً.

من جهته، صرّح وزير الصحة الفيدرالي في حكومة تصريف الأعمال نديم جان بأنّ الحقنة المصنّعة محلياً والتي يُزعَم أنّها تسبّبت في تلف رؤية عدد من المرضى في البنجاب، قد سُحبت من السوق، وقد رُفعت دعوى في حقّ المعنيّين.

وقال جان، في حديثه إلى وسائل الإعلام في إسلام أباد، مع وزير الصحة في حكومة إقليم البنجاب جمال ناصر، إنّ ثمّة تقارير بخصوص هذه الحقن وردت من ملتان وكاسور ولاهور وصادق أباد ومناطق أخرى من إقليم البنجاب، وإنّ القضية تخضع للبحث والتحقيق. وشدّد: "نحن جميعاً ننتظر النتائج ونتعامل بكل جد مع كل من يتلاعب بصحة المواطنين".

وأكد جان أنّ الحقن التي تؤثّر سلباً على العيون سُحبت من السوق، وقد رُفعت دعاوى ضدّ اثنَين من التجار، وسوف يكون هناك تحقيق شفاف وإعلان للنتائج. أضاف أنّه بعد التحقيق، سوف تُتَّخذ إجراءات تأديبية وفقاً للقانون، و"نؤكد أنّنا سوف نتّخذ إجراءات ضدّ كلّ من ارتكب هذه الجريمة". ووعد جان بتكفّل الحكومة بعلاج المرضى، وتقديم الدعم الكامل لهم، وتعويض خسائرهم، وتوفير أفضل المرافق الطبية لهم.

في هذا الإطار، يقول الطبيب محمد خرم، من مدينة لاهور مركز إقليم البنجاب، لـ"العربي الجديد"، إنّ ذلك "وقع بلا شك في مناطق مختلفة من إقليم البنجاب، وقد يكون عدد المصابين أكثر"، مشيراً إلى أنّ "الأمور سوف تتّضح في الأيام المقبلة".

ويتحدّث خرم عن تفسيرات عديدة لذلك، من بينها "وجود مصانع أدوية غير معيارية وغير مدروسة، وهي تمارس العمل من دون رقابة"، مؤكداً "وهذا ما نراه يومياً. فالأدوية المتوفرة في الأسواق تشير إلى ذلك، لا سيّما مع التفاوت الكبير في الأسعار". يضيف أنّ "ثمّة أدوية في السوق، نعلم جميعاً أنّها تُصنَّع في المنازل وليس في المصانع، وهذه الظاهرة موجودة في كلّ باكستان"، متسائلاً "لماذا لا تبحث الحكومة عن حلول جذرية بدلاً من العمل الآني الذي لا طائل من ورائه؟".

ويشدّد خرم على أنّ هذه الحوادث "مؤسفة جداً وقد برزت نظراً إلى ضخامتها، لكنّ حوادث كثيرة أخرى لا يسلط الضوء عليها". ويشرح أنّ "ثمة من فشلت كليتاه بسبب الأدوية الفاسدة، وثمّة من تعطّل كبده للسبب نفسه، والحلّ ليس في التحقيق في قضية بعينها. نحن نحتاج إلى مراجعة آلية تصنيع الأدوية واستيرادها وعمل المصانع، لكنّ الإدارة التي تراقب تنطوي للأسف على فساد كبير".

بدوره، يقول الطبيب محمد سهيل المتخصص في الجراحة العامة، في مدينة بشاور شمال غربي باكستان، إنّ "عمليات تصنيع الأدوية متدنية الجودة تتمّ تحت أعين الحكومة. على سبيل المثال، ثمّة أسواق في مدينة بشاور تُباع فيها الأدوية التي تُصنَّع منازلياً بأسعار رخيصة جداً"، مشدّداً على أنّ "المشكلة أكبر ممّا نتصوّر".

ويلفت إلى أنّ "ثمّة عمليات منزلية كذلك لتصنيع أدوية تُهرَّب إلى أفغانستان"، لكنّه يقدّر أن تكون قد توقّفت "بعد فرض حركة طالبان قيوداً مشدّدة على الحدود".

ذات صلة

الصورة

مجتمع

يُواجه أطفال معوّقون في غزة مصائب عديدة، فهم محاصرون من دون طعام كاف يسدّ الرمق، أو أدوية تكفي لعلاج حالتهم في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية.
الصورة
غزة (محمد عبد/ فرانس برس)

مجتمع

ينذر تراكم النفايات في شوارع غزة بكارثة صحية وبيئية، وسط تحذيرات أممية من تفشي الأمراض والأوبئة بين السكان الذين يشكون عدم قدرة البلديات على التخلص منها.
الصورة
تكتظ مراكز الإيواء بالنازحين (مجدي فتحي/Getty)

مجتمع

عمد الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية العدوان الحالي إلى استهداف المنظومة الصحية في غزة، ومنع إدخال الأدوية والمستلزمات الطبية
الصورة
أطفال فلسطينيون جرحى في غزة (أشرف أبو عمرة/ الأناضول)

مجتمع

يمثّل غياب اللقاحات الدورية عن محافظَتي غزة وشمال غزة خطراً إضافياً يهدّد حياة الأطفال الفلسطينيين، إلى جانب القصف الإسرائيلي المتواصل منذ نحو 98 يوماً.
المساهمون