دخلت عملية إنقاذ الطفل ريان، العالق منذ أكثر من 60 ساعة في بئر عميقة لا يتجاوز قطرها 30 سم، في ضواحي مدينة شفشاون، شمالي المغرب، مرحلة حاسمة، بعد الانتهاء من الحفر العمودي وبدء الحفر الأفقي إيذاناً بتنفيذ خطة الوصول إليه.
ولجأ رجال الإنقاذ بعد انتهاء عملية الحفر العمودي في حدود الساعة الثانية من صباح الجمعة، إلى الانتقال إلى أصعب مرحلة في أعقد عملية إنقاذ يعرفها المغرب، بمباشرة الحفر الأفقي والاستعانة بأنابيب من أجل بلوغ مكان الطفل ريان وتجنب وقوع انهيار ترابي.
وقضت فرق الدفاع المدني وسائقو الجرافات والمهندسون والتقنيون الطبوغرافيون وقوات الأمن ليلة بيضاء في سباق ضد الزمن لإنقاذ الطفل ريان، الذي سقط في بئر مهملة لا ماء فيها، بمنطقة تمروت، التابعة لمحافظة شفشاون عصر الثلاثاء الماضي، فيما حبس المغاربة أنفاسهم ترقباً لنجاح الجهود الحثيثة لإنقاذه.
وعرفت عملية الإنقاذ لحظات عصيبة، بعد توقف اضطراري لأشغال الحفر لثلاث مرات متتالية، جراء انهيار صخري طفيف، قبل أن تستأنف عملية الحفر في الساعة الأولى صباح الجمعة، إثر قيام فريق مكون من مهندسين وتقنيين طوبوغرافيين بتحديد مكان الطفل بدقة تفادياً لوقوع أية مفاجأة.
وبينما كانت فرق الإنقاذ تقود عملية الحفر في سباق مع الزمن، كانت الأخبار الرائجة تشير إلى أن الطفل ريان لا يستطيع الحركة لكنه ما زال على قيد الحياة.
وبالتوازي مع عمليات الحفر؛ وضعت السلطات طاقماً طبياً على أهبة الاستعداد لتقديم الإسعافات الأولية للطفل ريان بمجرد انتشاله، كما تم توفير مروحية إسعاف تابعة للدرك الملكي، مجهزة بكل وسائل الإنعاش والإسعاف. إلى جانب سيارة إسعاف طبية وفريق صحي يضم طبيباً مختصاً بالإنعاش والتخدير، وممرضين مختصين بالإنعاش والتخدير قادمين من المستشفى الإقليمي وثلاثة ممرضين تابعين للمركز الصحي بالمدينة.
ومنذ عصر الثلاثاء شدت قصة سقوط الطفل ريان بشكل عرضي في البئر، ومحاولات إخراجه من غياهب الجب أنظار المغاربة والعالم، في حين كان لافتاً حجم التضامن مع عائلته.
واستعانت فرق السلطات المغربية، منذ صباح الأربعاء، بست آليات ثقيلة والعشرات من عناصر الوقاية المدينة والسلطات المحلية والقوات المساعدة ورجال الدرك، في عملية الإنقاذ، في حين تقوم الآليات بالحفر بالموازاة مع الثقب المائي.
ووفق ما كشفه عضو في خلية اليقظة لتدبير جهود الإنقاذ، لـ"العربي الجديد"، فإن عملية الإنقاذ والإخراج تطلبت وقتاً ودقة بالنظر إلى هشاشة التربة بالمنطقة، وإن عمليات الحفر والجرف كانت صعبة ومختلفة من عمق إلى آخر بسبب اختلاف مكونات التربة أو وجود أحجار، مشيراً إلى أن المنقذين يعملون ليلاً على حفر نفق طوله ثلاثة أمتار واستعمال أنبوب لإخراج الطفل.
وفي وقت سابق، تمكنت فرق الإنقاذ من إدخال كاميرا إلى البئر لتتبع حال الطفل، الذي أبدى تفاعلاً بتحريك إحدى يديه في أولى العلامات على أنه ما زال على قيد الحياة بعد ساعات طويلة من سقوطه في البئر. كذلك يتم إنزال الأوكسجين ومياه وطعام إلى الطفل لكن لا تأكيدات على تناوله أي شيء منذ سقوطه في البئر.
وليلة الأربعاء، تطوع متخصصون في الاستغوار لإنقاذ الطفل ريان، لكن محاولاتهم باءت بالفشل بسبب ضيق قطر البئر، والذي لا يتجاوز 30 سم، علما بأنه يزداد ضيقاً عند النزول. وتمكن أحد المتطوعين بالفعل من الوصول إلى عمق 28 متراً حتى صار بإمكانه سماع أنين الطفل وبكائه لكنه لم يستطع مواصلة عملية الإنقاذ. وقبل ذلك، نزل متطوع آخر إلى عمق 30 متراً.
ومع فشل محاولات الإنقاذ عبر البئر؛ لجأت السلطات إلى الاعتماد على الجرافات، في سباق محموم ضد الوقت للحفر على مقربة من البئر إلى عمق يتيح لفرق الإنقاذ الوصول إلى طفل عبر نفق بطول مترين.