العراق: مساعٍ لإقرار قانون العنف الأسري

10 يوليو 2023
رفض للعنف ضد النساء في العراق (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
+ الخط -

بدأ برلمانيون عراقيون وناشطون حقوقيون حراكاً للدفع باتجاه طرح مشروع قانون مكافحة العنف الأسري أمام البرلمان للتصويت مرة أخرى، في ظل تزايد حالات العنف الأسري في العراق، وغياب القوانين الواضحة والحازمة لحل المشكلة.
وأقرت الحكومة العراقية السابقة في عام 2020، مشروع قانون مناهضة العنف الأسري داخل مجلس الوزراء، وأرسلته إلى مجلس النواب الذي لم يتمكن من إقراره وسط تجاذبات ومخاوف وعراقيل من قبل الكتل السياسية المتنفذة التي تنطلق من أيديولوجيات دينية، بحجة أن القانون تقليد لقوانين غربية، ويمنح المرأة حق الحصول على رعاية حكومية، وهو ما تراه تلك الأحزاب يشجع النساء على التمرد.
ويعمل أعضاء في البرلمان منذ أسابيع، على خلق رأي مساند للتشريع، وإقناع الكتل السياسية المتخوفة من إقراره، والمضي نحو تمريره داخل مجلس النواب أثناء الدورة البرلمانية الحالية رغم الصعوبات التي تواجههم، مؤكدين أن النجاح في تمريره سيكون انتصاراً للمجتمع. 

تقول عضو لجنة منظمات المجتمع المدني، النائبة نور نافع الجليحاوي: "مطلع العام الجاري، جمعنا تواقيع من أعضاء مجلس النواب اقترب عددهم من المائة، وتقدمنا بطلب رسمي لرئيس المجلس لعرض قانون الحماية من العنف الأسري من أجل إقراره. لم يلق الطلب حتى الآن استجابة جدية، ولا يزال القانون غير مدرج على جدول أعمال للمجلس، على الرغم من أهميته، وخطورة استمرار التعنيف داخل الأسر. صعوبات تشريع القانون ليست مجتمعية كما تدعي كتل سياسية، بل تأتي من جراء جهل هذه الكتل بمشروع القانون، إذ رفضته قبل أن تطلع عليه، واتهمت من يريد تشريعه بأنه يعمل على تفكيك الأسر وإفسادها، ونقل ثقافات لا تتناسب مع المجتمع العراقي".
وتضيف: "كررنا أن ذلك ليس صحيحاً، وأن من يريد أن يصيغ قانون يتناسب مع المجتمع والبيئة العراقية فيستطيع أن يدرس مشروع القانون، ويعرضه على كل الفعاليات المجتمعية والدينية، وتكون النتيجة قانوناً مناسباً للجميع حتى يتفق مجلس النواب على تمريره، وإيجاد قانون رادع لحالات العنف الأسري الخطيرة والمتزايدة في أوساط المجتمع العراقي بشكل مؤسف خلال الفترة الأخيرة. هذا القانون سيكون حماية للأسر والعائلات العراقية التي باتت مهددة بخطر التفكك الأسري".

مطالبة بالحد من العنف (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
مطالبة بالحد من العنف (أحمد الربيعي/ فرانس برس)

من جهته، يؤكد عضو منظمة "أرض الأمل" الحقوقية، صفاء الغراني، أن محافظات الوسط والجنوب تسجل ارتفاعاً في حالات العنف بالتزامن مع استمرار عدم وجود قانون رادع. ويقول لـ "العربي الجديد"، إن "عشرات الحالات تسجل بشكل يومي في المحافظات، وتتركز الحالات في محافظات الوسط والجنوب، تليها مدن إقليم كردستان. بحسب الإحصائيات، فالأشهر الخمسة الأولى من هذا العام، سجلت ما يقارب 7 آلاف حالة عنف أسري بحق النساء والأطفال وكبار السن، وتركزت غالبيتها في المحافظات الوسطى والجنوبية والمناطق الفقيرة. هذه الإحصائيات قد لا تكون دقيقة لأن العدد الأكبر من المعنفين لا يبلغون عن تعرّضهم للتعنيف، وخصوصاً النساء. لكن الرقم مؤشر خطير لو قارناه بأرقام العام الماضي الذي سجلت فيه أقل من 15 ألف حالة".

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

بدوره، يقول مدير قسم الشرطة المجتمعية في محافظة الديوانية (جنوب)، الرائد عباس مردان، لـ "العربي الجديد"، إن برنامج الحكومة الحالي يركّز على الشرطة المجتمعية لحل المشاكل بشكل أساسي، بعيداً عن المحاكم والمراكز، في ظل الحساسية الاجتماعية. أما تلك المشكلات التي لا يمكن حلها مجتمعياً، فتحال إلى المحاكم. 
يضيف مردان: "المشاكل العائلية تسبب الطلاق والتشرد والأمية وضياع مستقبل الأبناء، وهناك ارتفاع بنسب الطلاق في المحافظة بنحو 7 آلاف حالة شهرياً. أوجدنا حلاً لهذا الموضوع من خلال فتح قسم لمعالجة المشاكل الأسرية عبر الإصلاح والحل المرضي لمنع تكرارها، لكن نحن بحاجة لسن قانون لمناهضة العنف الأسري، وحينها يمكن فتح مركز تأهيل للناجيات. بهذه الطريقة، لن تعرض أي حالة على القاضي، ولن يُتخذ أي إجراء إلا بعد إحالة المرأة إلى مركز التأهيل، وذلك بمساعدة المعالجين النفسيين والأطباء قبل اتخاذ قرار مباشر من قبل المحاكم. لكن لدي ملاحظات على مشروع القانون الموجود، إذ يفتقر إلى وجود محكمة خاصة للعنف الأسري، وقاضيات ومدعيات عامات".

المساهمون