تدل المؤشرات في إسرائيل على أنه في حال تشكيل الحكومة الجديدة رسمياً بتحالف يضم الحركة الكهانية وحركة الصهيونية الدينية والأحزاب الدينية الحريدية المتشددة، فإنه ستحدث تحولات جذرية في مناهج التعليم، استناداً إلى منطلقات دينية وأيديولوجية.
وكان النائب آفي معوز، رئيس حزب "نوعم" الديني، أحد مركبات تحالف الكهانية والصهيونية الدينية، بشكل لا يقبل التأويل، قد ذكر أنه سينظر مع زملائه في قيادة التحالف في برامج تعليمية كثيرة تعتمدها المدارس الإسرائيلية لمعاينة مدى انسجامها ومراعاتها متطلبات الحفاظ على الهوية اليهودية للنشء الإسرائيلي.
وقال: "يجب تنقية المؤسسة التعليمية من ثلاثة آلاف برنامج أدرجت في المناهج لا يمكن أن يوافق عليها أولياء الأمور". وبين البرامج التي تعهد معوز إلغاءها تدريس مواد حول الأعياد المسيحية.
ومن أجل ضمان تطبيق هذا المخطط، سيصرّ معوز على تولي منصب حكومي يمنحه القدرة على فعل ذلك، مثل منصب نائب وزير التعليم أو حتى منصب وزير التعليم.
ورغم أن معوز لم يوضح تفاصيل البرامج التعليمية الثلاثة آلاف التي يطالب بإعادة النظر فيها، تدل تصريحاته على أنه حتى لو تم أُلغي أو عُدِّل بعض هذه البرامج، فهذا يعني أن إعادة صياغة مناهج التعليم الإسرائيلية في عهد الحكومة المقبلة ستحصل في شكل جذري.
وما يزيد فرص تمكن تحالف الصهيونية الدينية والكهانية ذي التوجهات الدينية المتطرفة من تحقيق مخططات التأثير بمضامين مناهج التعليم، كشف صحيفة "يديعوت أحرنوت" في عددها الصادر يوم الأحد في السادس من الشهر الجاري، أن رئيس الوزراء المكلف بنيامين نتنياهو يتجه إلى منح حقيبة وزارة التعليم لبتسلال سموطريتش، زعيم تحالف الصهيونية الدينية؛ وهو أحد أكثر النخب المتدينة تطرفاً.
وكتب الصحافي تومر بريسكو أن "سموطريتش ذكر خلال اجتماع ضم قيادات من التيار الديني قبل ثلاث سنوات، أنه يجب التعامل مع الفلسطينيين وفق الكلام المنسوب إلى الحاخام موشي بن ميمون، عاش في القرن الثاني عشر، الذي وضع ثلاثة خيارات أمام غير اليهود الذين يقطنون في "أرض إسرائيل"، هي: قبول العمل خدماً لليهود، أو المغادرة أو القتل". وتابع بريسكو: "خلال اجتماع حزبي عقد العام الماضي، أقرّ سموطريتش أيضاً أن أحد أهم الأهداف التي ستعمل الصهيونية الدينية على تنفيذها، تطبيق أحكام التوراة بدلاً من القوانين المرتبطة بالأوضاع السائدة".
إلى ذلك، تملك حركة "شاس" بقيادة الحاخام آريي درعي، وحركة "يهدوت هتوراة" بقيادة الحاخام يتسحاك غولدكنفوف، اللتان تمثلان التيار الديني الحريدي، مطالب واضحة تتعلق بمضامين مناهج التعليم.
وذكر موقع صحيفة "يديعوت أحرنوت" يوم السبت في الخامس من الشهر الجاري، أن الحريديم يطالبون بإلغاء الخطة التي أقرتها الحكومة المنتهية ولايتها في شأن زيادة المخصصات المالية للمدارس التابعة للتيار الحريدي لإلزامها بتدريس المواد الأساسية، الإنكليزية والعلوم والرياضيات. وقد بلور هذه الخطة وزيرا المالية والتعليم في حكومة تصريف الأعمال أفيغدور ليبرمان وشوشانا بيطون، بهدف مساعدة الشباب الحريدي على الاندماج في سوق العمل الذي لا يساهم غالبيتهم فيه، ويكتفون بالاعتماد على قائمة من مخصصات الضمان الاجتماعي التي حصلوا عليها بفعل مشاركة أحزابهم في حكومات تتابعت على إدارة شؤون إسرائيل منذ وصول الليكود إلى الحكم عام 1977.
وتشير "يديعوت أحرنوت" أيضاً إلى أن الحريديم يطالبون بأن تستأنف الحكومة تمويل تدشين دور إقامة، ومساكن لطلاب المعاهد الدينية.
وإلى المطالب المتعلقة بالتعليم، يطالب الحريديم أيضاً بإلغاء قانون التجنيد، الذي أقر في عهد الحكومة الحالية، والذي يلزم عدداً كبيراً من أتباع التيار الحريدي بأداء الخدمة العسكرية.
ورغم أن الحكومة والجيش لم يبديا حرصاً كبيراً على تطبيق هذا القانون على أتباع التيار الحريدي، إلا أن الأحزاب الحريدية تطالب بشطبه.
أيضاً يعتزم الحريديم عدم السماح بالتأثير في أنماط التغذية الخاصة بهم. وتشير "يديعوت أحرنوت" إلى أن الأحزاب الحريدية تطالب بإلغاء الضريبة التي فرضتها الحكومة السابقة على المشروبات المحلاة بهدف تحسين الأوضاع الصحية للإسرائيليين، وتقليص مخاطر الإصابة بمرض السكري. وهي تعتبر إلغاء هذا القانون شرطاً مهماً لدخولها الائتلاف الحاكم، باعتبار أن استهلاك المشروبات المحلاة رائج في التجمعات الاستيطانية التي يقطنها أتباع التيار الحريدي.
وأثارت مطالب الحريديم هذه حفيظة عدد من كبار المعلقين في إسرائيل. وقالت ميراف روزلروف، المعلقة البارزة في صحيفة "ذي ماركير" الاقتصادية، لإذاعة "103 أف أم": وتيرة النمو السكاني العالية للحريديم ستجعلهم يشكلون ثلث السكان بحلول عام 2065، ما يعني أنّ إسرائيل ستتحول من الناحية الاقتصادية إلى دولة من العالم الثالث، لأن الحريديم لا يعملون ولا يتعلمون".
ويتضح أن ممثلي كل من تحالف الصهيونية الدينية والكاهانية والأحزاب الحريدية معنيون بحسم المواجهة ضد فئات جماعية، وتحديداً المثليين. وقال معوز لإذاعة الجيش إن "الحكومة مطالبة ببحث إمكان سنّ تشريع قانوني يمنع المثليين من تنظيم مسيراتهم السنوية في المدن الإسرائيلية".
وقد سارع نتنياهو إلى تأكيد عدم المسّ بالمثليين، إلا أنه لفت إلى أن حكومته ستحافظ على الوضع القائم، ما يعني أنها لن تستجيب لمطالب الجمعيات التي تمثل المثليين على صعيد زيادة رقعة الحقوق التي يمكن أن تمنح لهم.