قال وزراء في الحكومة الفرنسية، اليوم الاثنين، إن حظر ارتداء العباءة في مدارس فرنسا يستجيب لضرورة الاتّحاد في مواجهة "هجوم سياسي"، مبرّرين الإجراء الذي أعلن عنه وزير التربية الوطنية والشباب غابريال أتال أمس الأحد.
وفي مؤتمر صحافي عُقد اليوم في فرنسا تحت عنوان "متّحدون من أجل مدرستنا"، بمناسبة انطلاق العام الدراسي الجديد 2023-2024، صرّح أتال بأنّ المسألة تتعلّق بـ"تشكيل جبهة موحّدة" في مواجهة الهجمات التي تستهدف العلمانية.
من جهته، قال المتحدث باسم الحكومة الفرنسية أوليفييه فيران لقناة "بيه إف إم تيه فيه" التلفزيونية: "إنّه هجوم سياسي، إنّها إشارة سياسية"، مستنكراً ما وصفه بأنّه شكل من أشكال "التبشير" من خلال ارتداء العباءة.
La laïcité est un devoir pour tous et un droit pour chacun : c’est pour cela que nous formerons aux enjeux de laïcité 300 000 personnels par an jusqu’en 2025 et les 14 000 personnels de direction avant la fin de l’année
— Ministère Éducation nationale et Jeunesse (@education_gouv) August 28, 2023
وشرح أتال في مؤتمر اليوم أنّ "تشكيل جبهة موحّدة يعني أن نكون واضحين: لا مكان للعباءة في مدارسنا"، ووعد بتدريب "300 ألف موظف سنوياً في قضايا العلمانية حتى عام 2025"، بالإضافة إلى تدريب جميع الموظفين الإداريين البالغ عددهم 14 ألفاً بحلول نهاية عام 2023.
وشدّد وزير التربية الوطنية على أنّ "مدارسنا أمام اختبار. في الأشهر الأخيرة، تزايدت الهجمات على العلمانية بصورة كبيرة، لا سيّما عبر ارتداء الملابس الدينية مثل العباءات أو القمصان الطويلة التي ظهرت واستمرّت في بعض الأحيان في بعض المؤسسات".
وكان أتال قد تحدّث، مساء أمس الأحد، عن منع العباءة في المدارس استجابة لمطلب مديري المدارس الذين طالبوا بإصدار توجيهات واضحة حول هذا الموضوع المثير للجدال.
وورد في مذكّرة صادرة عن أجهزة الدولة أنّ الانتهاكات التي تستهدف العلمانية في تزايد كبير منذ جريمة قتل المدرّس سامويل باتي في عام 2020 بالقرب من مدرسته، وقد ازدادت بنسبة 120 في المائة بين العامَين الدراسيَّين 2021-2022 و2022-2023. ورأى أتال أنّ "الحزم في استجابة المؤسسات التعليمية يُصار اختباره من خلال هذه الظواهر الجديدة (...) في مواجهة التعديات والهجمات ومحاولات زعزعة الاستقرار. علينا أن نشكّل جبهة موحّدة. وسوف نكون موحّدين".
في هذا الإطار، رأت النقابة الرئيسية في التعليم الثانوي (المدارس المتوسطة والثانوية) أنّ "تخصيص هذا الكمّ من الوقت على العباءة أمر غير متكافئ". وقالت الأمينة العامة للنقابة صوفي فينيتيتاي: "هذه ليست مشكلة بداية العام الدراسي الجديد الرئيسية"، مشدّدة على أنّ المشكلة تكمن في "الأعداد (التلاميذ) في الصفوف، ونقص المعلّمين". وأضافت: "نعلم أنّ الحكومة تبحث كذلك عن دعم اليمين، لذلك لا تخدعنا المناورة السياسية التي تقف خلف ذلك".
Tristesse de voir la rentrée scolaire politiquement polarisée par une nouvelle absurde guerre de religion entièrement artificielle à propos d'un habit féminin. À quand la paix civile et la vraie laïcité qui unit au lieu d'exaspérer ?
— Jean-Luc Mélenchon (@JLMelenchon) August 28, 2023
من جهته، أعرب زعيم حزب "فرنسا الأبية" جان-لوك ميلانشون في منشور على موقع "إكس" (تويتر سابقاً) عن "حزنه لرؤية العودة إلى المدارس عرضة للاستقطاب السياسي، عبر حرب دينية جديدة سخيفة ومصطنعة تماماً حول لباس نسائي".
وفي يونيو/ حزيران الماضي، كان ميلانشون قد صرّح بأنّ العباءة "لا علاقة لها بالدين"، وبأنّ مشكلة المدارس ليست في هذا اللباس، بل في "نقص المعلّمين والأماكن غير الكافية".
لكنّ خطوة وزير التربية الوطنية لقيت، لدى أحزاب يسارية أخرى، ترحيباً باسم العلمانية. فقد أشاد بها النائب الاشتراكي جيروم غويدج، ورئيس بلدية مونبلييه (جنوب) الاشتراكي مايكل ديلافوس، وزعيم الحزب الشيوعي فابيان روسيل.
تجدر الإشارة إلى أنّ المفهوم الفرنسي للعلمانية يُحصَر في المجال الخاص بموجب قانون صادر في عام 1905 يتناول الفصل ما بين الكنيسة الكاثوليكية والدولة.
(فرانس برس)