لقطاع السياحة في تركيا أهمية كبيرة. وتحرص البلاد على التميّز، مستفيدة مما لديها من جمال طبيعي وغنىً حضاري. واهتمّت تركيا بتطوير السياحة العلاجية لتحتلّ مراكز متقدمة عالمياً، إثر اعتماد أحدث الأجهزة والمعايير الدولية واستخدام تقنية الروبوت خلال العمليات الجراحية، وكسرها لأسعار الاستشفاء الأوروبية بأكثر من 40 في المائة والأسعار الأميركية بنحو 90 في المائة، خصوصاً في قطاعات جراحة التجميل وعلاجات الإخصاب في المختبر أو أطفال الأنابيب وزراعة الشعر.
واستغلّت تركيا عام كورونا بعد تراجع سفر الأثرياء إلى فرنسا وإسبانيا، لتصبح مقصداً، إلى جانب كرواتيا واليونان، لليخوت منذ ثلاث سنوات، بحسب مجلة "فوربس" الأميركية، التي وصفت تركيا بـ"الجنة الجديدة" بعد جذب مياهها أفخر يخوت العالم خلال عام كورونا، كيخت "شهرزاد" و"فلاينج فوكس" المملوك لرجل الأعمال الأميركي، جيف بيزوس، مؤسس موقع "أمازون".
وكشف موقع "Aviasales" (يقدم خدمات البحث عن السفر حول العالم) عن أكثر 10 بلدان أماناً للسائحات اللواتي يسافرن بمفردهن، لتأتي أنطاليا ضمن اختيار 35 ألف امرأة شملهن الاستطلاع، إلى جانب سوتشي الروسية وميلان الإيطالية ومدريد الاسبانية وميونخ الألمانية ومدن أخرى في قبرص والبرازيل واليابان وفنلندا. ويعزو مدير شركة "أونجو أنقا" إياد صيّاه، دخول تركيا هذه التصنيفات إلى سببين: الأوّل برنامج "السياحة الآمنة والصحية دائماً" الذي اعتمدته تركيا خلال تفشي كورونا، الذي يضمن سلامة السياح في المرافق من خلال سلسلة تدابير وقائية للتعامل مع وباء كورونا. وعمد المعنيون إلى الاهتمام بنظافة المرافق والحرص على التباعد الاجتماعي بالتعاون مع وزارات الصحة والنقل والبنية التحتية والداخلية والخارجية. ويفرض البرنامج، بحسب صيّاه، مجموعة من التدابير على جميع المواطنين الأتراك والأجانب الذين سيقضون عطلتهم في تركيا. وحصلت منشآت على شهادة السياحة الصحية، بعد اجتيازها فحص شركات دولية متخصصة ومؤسسات معنية بالمراقبة والتفتيش واستيفاء 132 معياراً خاصاً بأمور أساسية، بدءاً من دخول السائح البلاد والعزل الصحي، بالإضافة إلى 120 معياراً خاصاً بالأماكن المخصصة للطعام والشراب، و44 معياراً خاصاً بمركبات التنقل والتجول.
والثاني، بحسب صيّاه، أن أنطاليا استقطبت أكثر من 3.5 ملايين سائح العام الماضي رغم انتشار وباء كورونا.
وبحسب رئيس جمعية مشغلي الفنادق في أنطاليا، أولكاي أطاماجا، كان الروس في مقدمة السياح العام الماضي، تبعهم الأوكرانيون ثم الألمان. ويشير إلى أن أنطاليا، المعروفة بكونها عاصمة السياحة التركية، أضافت خدمة "برنامج السياحة الآمنة"، ما جعلها عنواناً لعطلة سياحية "صحية وآمنة وممتعة" خلال فترة انتشار الوباء، خاصة بعد احتلالها المرتبة الأولى في تصنيف الهيئة الدولية لشواطئ الراية الزرقاء لعام 2020.
ويقول مدير شركة "مكان أوزجان" السياحية أوزجان أوزون، أن أنطاليا شهدت ارتفاعاً في نسبة السياحة النسائية، وهو ما لم تشهده أي ولاية تركية أخرى. وهي لا تجذب نساء روسيا وألمانيا وبريطانيا فقط، بل المنطقة العربية أيضاً، وقد وفرت كل ما تحتاجه السائحات الآتيات بمفردهن. على سبيل المثال، هناك فندق في أنطاليا يُعَدّ من أكثر المناطق رفاهية، ويمتد على مساحة 120 ألف متر مربع، وعادة ما تقام فيه حفلات المشاهير، وتديره نساء فقط. ويشير في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن ولاية أنطاليا باتت مركز حفلات الأعراس الجماعية. كذلك إن الكثير من العرائس، خصوصاً البريطانيات، يقترنّ بشباب أتراك ويقمن حفلات زفافهن في أنطاليا.
ويلفت أوزون إلى أن أنطاليا عُدّت ضمن المدن الأكثر أماناً بالنسبة إلى السائحات بمفردهن، علماً أن كل الولايات التركية تعد آمنة على حد قوله، وما من أخبار عن تحرش بالنساء. وهذا برأيه مستمد من أمرين: الأول هو الدين الإسلامي، والثاني حرص الأتراك على سمعة بلادهم وجذبها للسياح.
وخلال السنوات الأخيرة، خصصت تركيا فنادق وشواطئ للنساء لمنحهن الحرية والخصوصية، وليس من قبيل التفرقة، كما يقول أوزون. ويوضح أن بعض النساء الشرق أوسطيات، وحتى الأوروبيات الآتيات بمفردهن، يفضلن الخصوصية، مشيراً إلى أن في البلاد الكثير من الشواطئ التي لا يرتادها الرجال. كذلك، كل طواقم الإنقاذ والفرق الطبية والأمن والشرطة التنظيمية من النساء. وتضم بعضها أماكن للتنزه وتناول الطعام ومساجد للعبادة. ولاقت هذه المشاريع رواجاً، نظراً للهامش الواسع الذي توفّره للنساء المحجبات أو المحافظات أو غير الراغبات بالاستجمام في شواطئ مختلطة.
ومن تلك الشواطئ "بويراز كوي" في منطقة بيكوز شماليّ مدينة إسطنبول، وشاطئ "إيسين كوي" في منطقة يالوا، وشاطئ "محافظة تكيرداغ" على البحر الأسود غرب إسطنبول.