العراق: عادات وتقاليد تساعد مغتصبي الأطفال على الافلات من العقاب

13 نوفمبر 2024
ضعف تطبيق القانون من أسباب تكرار حوادث التحرش بالأطفال في العراق (علي يوسف/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهد العراق تزايدًا في حالات اغتصاب الأطفال والتحرش الجنسي بهم، نتيجة لعوامل مثل عمالة الأطفال وتعاطي المخدرات وضعف تطبيق القانون، مما يستدعي تغليظ العقوبات.

- تؤكد منظمات حقوقية على أهمية التوعية المجتمعية ودور الأسرة، مشيرة إلى الآثار النفسية والجسدية طويلة الأمد، وتدعو لتحديث القوانين وزيادة التوعية في المدارس.

- يواجه المجتمع تحديات بسبب العادات والخوف من الفضيحة، لكن الجهود الحكومية مستمرة في القبض على المتورطين، مع عقوبات تصل للسجن المؤبد أو الإعدام.

تطالب منظمات حقوقية إنسانية وناشطون عراقيون، بتغليظ عقوبات اغتصاب الأطفال والتحرش الجنسي بهم، بعد تسجيل العامين الماضيين سلسلة من الحوادث داخل المجتمع، سببت جدلا واسعا بوصفها ظواهر دخيلة على المجتمع، فاقمتها مشاكل انتشار عمالة الأطفال والمخدرات وضعف تطبيق القانون.

ومنتصف الشهر الماضي، أعلنت وزارة الداخلية العراقية اعتقال ثلاثة أشخاص ظهروا في مقطع مصور وهم "يغتصبون طفلا صغيرا" في إحدى مناطق بغداد، وأكدت الوزارة في بيان رسمي أن "المتهمين عمدوا إلى تصوير الطفل أثناء اغتصابه".

 

الطفلة (س.أ) ذات السبعة أعوام من ذوات الهمم تعرضت للاغتصاب من قبل شخصين في أحد المنازل السكنية قيد الإنشاء في منطقة الراشدية شمالي بغداد. والد الطفلة يروي ما تعرضت له ابنته في منتصف النهار بعد أن اقتادها اثنان من أمام منزلها بحجة شراء الحلوى لها، يقول والد الطفلة لـ"العربي الجديد": "اتصلت بي والدة ابنتي التي انفصلت عنها منذ أعوام وأبلغتني بما جرى لابنتي. ذهبت مسرعا إليها لاصطحابها إلى المستشفى والكشف على حالتها، بعد أن رفض أكثر من مستشفى استقبالها، إلا بأمر من قاضي محكمة، خوفا من تحمّل مسؤولية حالتها". مضيفا: "كان الجانيان شابين، أحدهما اغتصبها والآخر كان يراقب له، تحسبا لوجود أو حضور أحد ما، ومن ثم أعاداها قرب المنزل؛ حيث وجدتها والدتها التي لا تزال تعيش حالة نفسية صعبة بسبب ما تعرضت له ابنتنا".

مرصد الدفاع عن حقوق المرأة والطفل، شخّص أسباب تزايد حالات اغتصاب الأطفال في العراق، حيث تقول مسؤولة المرصد لينا علي لـ"العربي الجديد"، إن "تعاطي المخدرات أبرز أسباب اغتصاب الأطفال، فضلا عن الميول البيدوفيليا (اضطراب الولع بالأطفال، واضطراب اشتهاء الأطفال، وهو اضطراب نفسي يتميّز بالانجذاب والميول الجنسية للأطفال من كلا الجنسين)". مشيرة إلى أنه "من الصعب جدا حصر عدد الأطفال الذين تم اغتصابهم؛ سواء الذكور أو الإناث، وذلك خشية الأهل من خدش مشاعرهم، ولكن نؤكد أن هذه المشكلة في تزايد، ونخشى تحوّلها إلى ظاهرة ما لم يتم السيطرة عليها".

 

وأوضحت أن الدور الذي يقوم به المرصد توعوي لكل مشكلة اجتماعية قد تتحول إلى آفة تضر المجتمع، ولكن هذه الحملات غير كافية، ويجب أن يكون هناك قانون رادع حقيقي بعيدا عن عقوبات السجن، لأن المتعاطي قد يرى السجن ملجأ للمشرب والمأكل، وهذا ما أثبته استطلاع لنا". 

اغتصاب الأطفال.. آثار نفسية لا تنتهي

أما الآثار النفسية التي يتركها اغتصاب الأطفال، فيقول الطبيب النفسي أحمد المفرجي إن "الطفل يجد صعوبة في التعبير عن هذه الإساءة التي تعرّض لها، ولكنها ستبدو واضحة عليه من خلال أفعاله"، مضيفا أن "هذه الآثار سترافقه لسنوات طويلة، وقد تستمر مدى الحياة، ومنها اضطرابات النوم وتحدي الوالدين والانطواء، ومن ثم تتحول إلى سلوك جنسي لا يتوافق مع عمره، فضلا عن الصراعات النفسية"، مؤكدا أن "الاغتصاب لا يسبب أمراضاً نفسية فقط، بل جسدية أيضا وتكون خطرة على الطفل وتهدد حياته".

ومن جانبها، تقول الباحثة في الشأن الاجتماعي إيمان الأسدي لـ"العربي الجديد"، إن "تعرّض الطفل لهكذا أفعال يدمر نفسيته ويظل عقدة تلازمه لسنوات، لأن ذلك يطعن في كرامته وإنسانيته، وليس من السهل التخلص من هذه العقد حتى مع مرور سنوات". موضحة أن "للأسرة دورا كبيرا من خلال توعيتهم والحديث معهم عن القضايا التي تخص الجنس وما قد يتعرض له الطفل. كما من الضروري أيضا تضمين المنهاج التدريسي في المدارس العراقية كيفية محافظة الطفل على جسده وأن يمنع كل من يحاول الاقتراب منه"، مشيرة إلى "أهمية زيادة عدد الباحثين الاجتماعيين في المدارس لزيادة الوعي، وأن يكون هناك درس خاص للتوعية الصحية".

الناشط الحقوقي أحمد عباس: العادات والتقاليد والخوف من الفضيحة أسباب لإفلات المجرمين من العقاب

فيما يعتبر الناشط الحقوقي أحمد عباس أن العادات والتقاليد والخوف من الفضيحة أسباب لإفلات المجرمين من العقاب، مضيفا لـ"العربي الجديد"، "تُفضل بعض الأسر السكوت، خاصة إذا كان الضحية طفلة وليس طفلا، وتحاول التكتم وعدم الذهاب للشرطة، لكن هذا يساعد في إفلات المجرمين من العقاب، ويساعد على وقوع ضحايا آخرين على أيديهم". معتبرا أن "تصرّف وزارة الداخلية العراقية مهم ومهني في التعامل مع هكذا حالات بسرّية وحفظ هوية الطفل الضحية وأهله، لذا لا يجب القلق من هذا الجانب".

ويرى القانوني علي ماجد أنه "من الصعوبة معرفة رقم محدد لضحايا الأطفال الذين تم الاعتداء عليهم خلال السنوات السابقة، وذلك لعدم وجود اعترافات وشكاوى بكل من تم الاعتداء عليهم، بحسب ما تقوله المحاكم ومجلس القضاء الأعلى". ويشير إلى أن "مجلس القضاء الأعلى أعلن عن تسجيل 421 حالة تم التبليغ عنها خلال السنة الماضية، وهناك حالات في الأحياء والمدن الفقيرة لم يتم التبليغ عنها بصفة رسمية"، لافتا إلى أن "القوانين العراقية تحتاج إلى التحديث والوقوف بصورة جدية أمام هكذا ظواهر باتت تنتشر في المجتمع ". وعن النص القانوني لحالات الاغتصاب يتابع ماجد أنه "بحسب قانون العقوبات العراقي سنة 1969، نصت المادة 193 على أن تكون عقوبة الجاني (السجن المؤبد) أو المؤقت للمعتدين، واعتبرت الفقرة الثانية من المادة ذاتها، أن العقوبة تكون الإعدام في حال أفضت للموت".

وبين وقت وآخر تُعلن وزارة الداخلية العراقية، القبض على متحرشين ومعتدين على الأطفال، وتؤكد إحالتهم للقضاء؛ حيث ينص القانون العراقي على عقوبات تصل إلى السجن مدة تصل إلى 20 عاما، غير أن حالات اغتصاب أطفال ثم قتلهم حصلت خلال الفترة الماضية، وتم إدانة المتورطين بها بالإعدام.

المساهمون