استمع إلى الملخص
- **تفاوت مستوى الرعاية الصحية بناءً على القدرة المالية للمرضى**: تلقى بديع أبو صافي عناية ممتازة في مستشفى الباسل بدمشق مقابل مبالغ مالية، بينما يعاني مرضى آخرون من سوء التعقيم ومضاعفات صحية خطيرة.
- **الفساد وسوء الإدارة يفاقمان مشكلة العدوى في المستشفيات**: الوفيات الناجمة عن العدوى تعود إلى الفساد وسوء إدارة الموارد، مع استخدام أدوات مستعملة وانتشار جراثيم خطيرة.
سجلت مستشفيات واقعة في نطاق سيطرة النظام السوري عدداً كبيراً من الوفيات بسبب الصدمة الإنتانية نتيجة الإهمال في التعقيم والنظافة داخل مرافق المشافي. ووفق ما كشفه موقع "أثر برس" المقرب من النظام السوري، نقلاً عن شعبة الإحصاء في مستشفى المواساة، فإن عدد الوفيات المسجل في الشهر الأول من العام الجاري بلغ 197 حالة، منها 47 حالة وفاة ناتجة عن الصدمة الإنتانية، حيث تشكل وفيات الصدمة الإنتانية حوالي 24% من إجمالي الوفيات المسجلة في المستشفى خلال ذلك الشهر.
وترتبط الوفيات الناتجة عن الصدمة الإنتانية (انخفاض حاد في ضغط الدم) ارتباطاً وثيقاً بالتعقيم والنظافة في مستشفيات سورية، حيث تعاني مستشفيات القطاع العام ضمن مناطق سيطرة النظام إهمالاً في هذا المستوى ومستويات الرعاية الصحية، في ظل تفشي الفساد.
بديع أبو صافي، أحد مرضى القلب الذين خضعوا للعلاج في مستشفى الباسل لجراحة القلب، مرّ بمرحلة صعبة، لكنه نال عناية صحية ممتازة في المستشفى بدمشق، على حد وصفه. وقال لـ"العربي الجديد": "البعض قد يظن أن العناية التي تلقيتها في المشفى هي نابعة عن الاهتمام فيه، لكن على العكس تماماً، الممرضة كانت تستبدل الأغطية وتعقم كل شيء بعناية، في حين كانت المنظفة تمسح الأرض وتعقمها، ولكن هذا الاهتمام كان مقابل المبالغ المالية التي كنت أدفعها، ولولا ذلك لما استبدلت الأغطية أبداً، ولم تعقم الغرفة".
أضاف أبو صافي: "زوجتي وأشقائي كانوا يحرصون على دفع المال للممرضات والكادر الصحي لقاء التنظيف والتعقيم حرصاً على العناية بي لعدم إصابتي بأي عدوى في المشفى، وذلك كان واضحاً قبيل خروجي من المشفى، الغرفة المجاورة لي كانت سيئة للغاية والاهتمام فيها معدوم".
في المقابل، أوضح وائل الحمدي لـ"العربي الجديد" أن والده البالغ من العمر 85 عاماً، الذي خضع لجراحة منذ عدة أشهر في المشفى الوطني بحمص، يعاني في الوقت الحالي نتيجة سوء التعقيم، مضيفاً: "في الوقت الحالي يعاني تقرحات في المعدة والتهابات في الدم. في المشفى لم يعترفوا بأي خطأ، لكن نتيجة سؤالنا الأطباء أكدوا لنا أن الأمر ناجم عن إهمال التعقيم".
وأوضح مصدر طبي في دمشق لـ"العربي الجديد" أن الوفيات الناجمة عن العدوى في المستشفيات أو الصدمة الإنتانية تعود لأسباب واضحة، في مقدمتها "مستويات النظافة المتدنية للغاية. الأمر مرتبط بالفساد في توفير المعقمات، والشركات التي يتم التعاقد معها لتنظيف وتعقيم المشافي، هذه مشكلة في المشافي ضمن مناطق سيطرة النظام التي لا توجد فيها عمالة متخصصة ضمن هذا المجال، والأجور البخسة التي يتقاضاها العمال في هذا المجال، وهناك سرقة لمواد التعقيم أيضاً من قبل إدارة هذه المشافي".
أضاف المصدر: "من الجراثيم الشائعة الانتشار في المشافي، والتي تقاوم المضادات الحيوية وتشكل تهديداً على حياة المرضى الكلبسيلة الرئوية، البكتيريا العقدية الرئوية، الزائفة الزنجارية، المطثية العسيرة، المكورات المعوية.. إضافة إلى أنواع أخرى، التخلص منها يحتاج إلى عناية بالغة وتعقيم بمواد خاصة". وتابع: "من مدة أظهرت عمليات الفساد مشافي تعتمد على أدوات مستعملة في عمليات الجراحة القلبية، وهذا أمر كارثي أيضاً على المرضى، وقد يكون سبباً مباشراً في الوفاة".
وفي خصوص الإنتانات في المستشفيات، نقل الموقع عن رئيس الشعبة الإنتانية والمسؤول عن لجنة ضبط العدوى في مشفى الأطفال الجامعي، عصام أنجق، قوله إن "الإنتانات تكون عبارة عن جراثيم مقاومة للمضادات الحيوية"، مردفاً أن "العصيات الزرقاء كانت واحدة من المشاكل، واليوم هناك مجموعة من الجراثيم منها (الإيكولاي، الأسينيتوباكتر، الأنتيروباكتر) خطورتها مساوية لخطورة العصيات الزرقاء، ويمكن أن تؤدي إلى الوفاة".
وأكد تقرير للأمم المتحدة أن عدد الوفيات الناتج عن إصابات إنتانية بلغ 1700 في عام 2019، بسبب مقاومة مضادات الميكروبات، بالإضافة إلى 6400 حالة وفاة مرتبطة بها، حيث تحتل سورية المرتبة 96 من حيث معدل الوفيات المعدل بحسب العمر لكل 100,000 نسمة المرتبط بمقاومة مضادات الميكروبات بين 204 دول.