أفغانيات بلا رعاية بعد الزلزال

22 أكتوبر 2023
نجون من زلزال أفغانستان للعيش وسط الألم والحزن (محسن كريمي/ فرانس برس)
+ الخط -

تؤكد الأمم المتحدة أن 90 في المائة من ضحايا الزلزال المدمّر الذي ضرب ولاية هرات غربي أفغانستان، وأسفر عن أكثر من 2500 قتيل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، هم من النساء والأطفال الذين كانوا داخل المنازل حين حصل الزلزال، بينما كان معظم الرجال في الخارج يؤدون أعمالاً أو في الحقول. وهكذا كان عدد الضحايا الرجال أقل، ومعظمهم من كبار السن الذين يلازمون المنازل بسبب صحتهم الضعيفة.
وتلخص الأمم المتحدة أوضاع النساء الناجيات من الزلزال بأنهن يعانين من فقدان الرجال، أكان زوجاً أو أخاً أو أباً، وبعضهن أصبن بجروح من انهيار المنازل، ويواجهن مشكلات الصدمات النفسية التي حلّت بهن.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وكان رئيس مكتب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في ولاية هرات، صديق إبراهيم، قد قال في بيان أصدره في 14 من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري إن "النساء والأطفال كانوا على الأرجح في المنازل حين حصل الزلزال صباحاً، ما جعلهن يشكلن معظم الضحايا مقابل نسبة أقل من الرجال الذين كان معظم ضحاياهم من كبار السن. والمشكلة الأساسية التي تسببت في سقوط خسائر بشرية كبيرة تمثلت في اعتقاد كثيرين مع بداية الزلزال بأنه انفجار ضخم، ما جعلهم يهرعون للاحتماء داخل المنازل بدلاً من الفرار إلى الخارج، وهو ما يحصل بسبب ضعف البنية التحتية لهذه المنازل.
ومن بين الكثير من القصص المفزعة التي خلّفها الزلزال تلك لشاه بي بي (32 عاماً) التي توفيت ابنتاها بعدما سقط عليهما سقف المنزل، وهي نجت لتحيا مع منكوبين كثيرين الآلام والحزن من رحيل ابنتيها عن الدنيا، وتواجه حالياً مصير التعايش مع الواقع المرير لفقدانهما من جهة، ومن جهة أخرى متابعة مسيرة الحياة وسط الفقر، علماً أنها حالياً مع أولادها وزوجها داخل خيمة في مركز إيواء مؤقت أنشأته مؤسسة خيرية.
ويعلّق الناشط محمد عثمان بالقول لـ"العربي الجديد": "تضررت النساء من كل الجوانب جراء الزلزال، فهن يعانين من فقدان الأزواج والأطفال، ومن إصابتهن بجروح قد يتفاوت حجمها ودرجات خطورتها وتأثيراتها على حياتهن اليومية الصعبة أصلاً، ومواجهتهن التأثيرات النفسية للزلزال بدرجة أكبر من الرجال، علماً أنهن في العادة أكثر تفكيراً بمستقبلهن ومستقبل أولادهن".

الصورة
خلّف الزلزال صدمات نفسية كبيرة للأفغانيات (ميرواز أمير/ الأناضول)
خلّف الزلزال صدمات نفسية كبيرة للأفغانيات (ميرواز أمير/ الأناضول)

ومن بين من أصبن بجروح الفتاة نور التي لم تتجاوز الـ24 من العمر. وقد تعرضت لكسور في ساقها وظهرها، وأجريت لها عمليتان جراحيتان في مستشفى هرات المركزي، ولا تزال تحتاج إلى علاج، في حين توفي والدها زر محمد بعدما سقط الجدار عليه.
تقول نور لـ"العربي الجديد": "دفن هذا الزلزال الكثير من الناس والأقارب والجيران، وأفقدني الكثير من أحلامي بحياة سعيدة في المستقبل، بعدما تزوجت ابن عمي قبل عامين، والذي كان يعمل في مدينة هرات. لكن في لحظة واحدة مفاجئة تغيّرت حياتي وعالمي. كان أبي سندي رغم أنه ربانا فقيراً بشق نفسه بعدما مارس مهناً مختلفة وصعبة. والآن رحل بعدما ربانا في ظل قسوة الحياة، علماً أنه كان يتمتع بصحة جيدة. لم نتوقع أن زلزالاً مدمراً سيحل ويأخذ منا الكثير من أسباب السعادة والسرور في حياتنا".
تضيف: "يقول الأطباء أنني سأشفى لكنني لا أزال أحتاج إلى رعاية كبيرة، مع ضرورة التعامل بحذر مع وضعي الصحي الدقيق، لأنني خضعت لعمليات جراحية في ظهري وساقي اليمنى، والوضع المعيشي لأسرتي سيئ، لذا أتوقع أن أواجه أياماً صعبة في المستقبل".

وفي تعليقها على وضع النساء المنكوبات بالزلزال، تقول الناشطة صفية وزيري لـ"العربي الجديد": "تعاني المرأة الأفغانية منذ أربعة عقود، فهي ضحية الحروب والأعراف والتقاليد، والآن الزلزال والكوارث الإنسانية. فعلياً تتقاسم المرأة بعض الأزمات مع الرجال لكن الفرق أنها محاصرة في منزلها، ولا تستطيع أن تحصل على الكثير من حقوقها حتى في الرعاية الصحية، بخلاف حال الرجال. والآن نشاهد أن المرأة تضررت نفسياً من الزلزال مع ما حلّ بها جسدياً من الإصابة وفقدان الأهالي وانهيار المنازل، لكن لا تُبذَل أي نوع من الجهود لتوفير علاج نفسي للمرأة، في حين هناك ضرورة ملحة لفعل ذلك".

المساهمون