عاد أسرى فلسطينيون محررون مجددا إلى الاعتصام في الشارع، للمطالبة بحقوق مالية وقانونية استجدت بعد قرار السلطة الفلسطينية دمج الأسرى المحررين بمؤسسات السلطة المدنية والعسكرية لتخطي رفض البنوك التعامل مع رواتبهم عقب تهديدات إسرائيلية.
ومنذ ظهر أمس الأحد، بدأ عدد من الأسرى المحررين اعتصاما أمام مقر مجلس الوزراء الفلسطيني في رام الله، وناموا الليلة الماضية على جانب الطريق، رافعين لافتات تطالب بتنفيذ قرارات الرئيس محمود عباس المتعلقة بحقوقهم، وعلى رأسها إعطاؤهم مسمى تقاعدياً واضحاً لدى هيئة التقاعد الفلسطينية.
وأحيل العدد الأكبر من الأسرى المحررين إلى التقاعد، بينما دمج المئات في المؤسسات الرسمية كموظفين من أصل 7500 أسير محرر، ورغم مرور أكثر من عام على القرار، إلا أن المحررين المتقاعدين لم يحصلوا على قسيمة راتب تقاعدي من وزارة المالية على غرار المتقاعدين من مؤسسات السلطة الفلسطينية المدنية والعسكرية.
وقال أحد المعتصمين، الأسير المحرر محمد الزبن القادم من مخيم جنين شمالي الضفة الغربية، لـ"العربي الجديد"، إن قرار التقاعد الحالي مبهم، إذ لا وجود لمسمى للتقاعد، وهناك تباطؤ في تنفيذ القرارات، وينبغي وجود مسمى تقاعدي، وقسيمة راتب واضحة، إضافة لمطالب أخرى للحفاظ على كرامة الأسرى المحررين.
ويشير الأسير المحرر فراس قدري، الذي أمضى في سجون الاحتلال 17 عاما وقدم إلى الاعتصام من مدينة سلفيت، إلى أن "عدم وجود قسيمة راتب بمسمى وظيفي يعني أنه لا حقوق لنا في أي مؤسسة مدنية أو عسكرية من مؤسسات السلطة الفلسطينية. نطالب بتطبيق قرار الرئيس محمود عباس، والاتفاقات التي تمت مع لجنة من مؤسسات السلطة المختلفة حول قضية الأسرى المحررين، والتي تحوي بنود غلاء المعيشة، والمسمى الوظيفي، والتأمين الصحي للعائلة بعد الوفاة، واعتماد العجز الطبي، وآلية صرف الراتب".
ويتساءل قدري عن المماطلة قائلا: "لا نعرف ما سببها. نعلم بوجود ضغوط على الرئيس عباس من أميركا وإسرائيل لقطع رواتبنا، ونقول له إن الأسرى المحررين هم السد الواقي لك، فنحن أمضينا زهرة شبابنا في السجون، فلماذا نجلس اليوم في الشوارع بدلا من أن نكون مثل أي موظف؟".
ويقول المحرر محمد حشاش، من سكان مخيم بلاطة في نابلس، لـ"العربي الجديد": "نذهب إلى البنوك لنطلب دفتر شيكات، فيجيبوننا بأنه لا يوجد لنا حق في ذلك، ونطلب قروضا لتسيير أمورنا المتعسرة بسبب جائحة كورونا، فيتم رفضها. نعلم أن هناك ضغوطاً على السلطة الوطنية، وقد قال الرئيس سابقا إنه لو لم يبق إلا فلس واحد فسندفعه للأسرى والجرحى وأهالي الشهداء، فلماذا لا يتم تحديد تقاعدنا، وتنفيذ البنود المتفق عليها؟".
ويضيف حشاش: "سمعنا أنه سيتم تحويل الأسرى إلى الشؤون الاجتماعية، ونحن نرفض ذلك كأسرى محررين، ونرفض أن نرى والدة أسير أو شهيد تذهب إلى الشؤون الاجتماعية لتلقي راتب كل ثلاثة أشهر، ونعلم أن الرئيس سيدعمنا، ونعلم أن رئيس الوزراء يعلم بالوجع في قلوبنا، لكننا منذ ثلاث سنوات لم نحصل على حقوقنا كاملة، وهناك وعود كثيرة لم تنفذ".
بدوره، قال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية قدري أبو بكر، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "المعتصمين محقون، ومطالبهم جرى نقاشها مع وزارة المالية ومع سلطة النقد، ووعدوا بالحل منذ أكثر من شهرين، لكن إلى الآن لم يتم ذلك، والبنوك لا تعترف بهم لعدم امتلاكهم قسيمة راتب، وهذه مسألة إجرائية لا أعلم لماذا يتجاهلونها".
وأكد أبو بكر إنهاء ملفات دمج أو تقاعد غالبية الأسرى المحررين، وعددهم 7500، مع بقاء العشرات الذين يتم العمل حاليا على ملفاتهم، مشيرا إلى أن الأمور الأخرى التي تبحثها اللجنة الخماسية سيجرى نقاشها بعد الانتهاء من ملفات كافة الأسرى المحررين، وأن المئات تم دمجهم في المؤسسات العسكرية والمدنية، والباقين أحيلوا إلى التقاعد.
وأوضح أبو بكر أن "الضغوط الأميركية والأوروبية متواصلة على السلطة الفلسطينية لوقف صرف رواتب ومستحقات الأسرى المحررين والأسرى في السجون، كما تواصل إسرائيل الاقتطاع من أموال المقاصة، لكن القرار الفلسطيني هو استمرار الصرف رغم ذلك".
وتعود الأزمة إلى قرار إسرائيلي باقتطاع رواتب ومخصصات الأسرى والجرحى وأهالي الشهداء من أموال المقاصة، ما تسبب بوقف استلام السلطة الفلسطينية في عام 2019 أموال المقاصة كاملة عدة أشهر، ولاحقا صدر أمر عسكري إسرائيلي يمنع البنوك الفلسطينية من التعامل مع تلك الرواتب، لتتخذ السلطة الفلسطينية قرارا بصرف الرواتب عبر مكاتب البريد الفلسطينية، ودمج الأسرى السابقين في مؤسسات السلطة.