"ركض" على الحافلات في دمشق

29 أكتوبر 2021
أمام آلية نقل سرفيس (حسن بلال/ Getty)
+ الخط -

يعيش الدمشقيون في معاناة يومية مع أزمة المواصلات العامة، في ظل تزايد الاختناقات التي تشهدها مواقف الحافلات بسبب النقص في وسائل النقل، والذي يلمسه المستخدمون الكثيرون لهذا النوع من الخدمات، من دون أن تتوافر حلول مناسبة للمشاكل بحسب ما يشير إليه الواقع السائد.
يقول الموظف يوسف رضا (47 عاماً) لـ"العربي الجديد": "أجد يومياً صعوبة أكبر في بلوغ منطقة عملي باستخدام وسائل النقل العام، ما يجبرني على الخروج من المنزل إلى موقف الحافلات في وقت مبكر جداً، لأن الانتظار قد يطول هناك قبل أن يحالفني الحظ بقدوم حافلة تنقلني إلى وجهتي". 
يضيف: "واضح أن المشكلة تتعلق بتراجع عدد الحافلات الموضوع قيد الخدمة. وقبل فترة كانت تتوقف حافلتان عند نقطة الانطلاق في انتظار الحصول على دور لنقل الركاب، ثم انحصر ذلك في حافلة واحدة. وبعدما كانت فترة تتابع الحافلات ربع ساعة باتت كل ساعة تقريباً". 

الأسرع والأقوى
من جهتها، تبدي الطالبة في جامعة دمشق ميساء الميداني (21 عاماً)، في حديثها لـ"العربي الجديد"، استياءها الشديد من عدم التزام سائقي الحافلات التابعين لشركات بتعرفة النقل، "فهم يأخذون 200 ليرة سورية (5 سنتات) بدلاً من 150 ليرة (4 سنتات)، ولا يعطوننا تذكرة في المقابل، ما يجعلني أشعر بأن السائق يسرق مالي الذي أحصل عليه بصعوبة، والذي سيخفف أعباءً عن عائلتي إذا بقي معي، كما يساورني اعتقاد بأن هذا السائق يسرق الشركة أيضاً". 
تضيف: "أحرم على غرار طلاب كُثر من حضور المحاضرات الصباحية الأولى في الجامعة بسبب أزمة المواصلات، ما يعني أن تحصيلنا العلمي سيتأثر بهذا الأمر. ويمكن وصف المشهد في الشارع على مواقف الحافلات اليوم بأنه مرعب، فحين ترى الناس حافلة قادمة ينطلقون ركضاً وراءها، ويتدافعون على بابها، ما يعني أن الأسرع والأقوى سيركب الحافلة، أما أنا فأشاهد من بعيد تصارع الناس على الصعود".            
ومع تفاقم أزمة نقص المازوت الذي يستخدم للتدفئة، أصبح مالكو الحافلات وآليات السرفيس التي تستخدم هذا النوع من الوقود في تنفيذ عمليات النقل، يتاجرون بحصصها التي يباع الليتر الواحد منها بـ4 آلاف ليرة (1.14 دولار) في السوق السوداء، في حين أن السعر الرسمي لليتر محدد بـ500 ليرة (14 سنتاً). 

المحافظة تتدخل
وكان مسؤولو محافظة دمشق قد قرروا بعد سنوات من فوضى تحديد تعرفة النقل الناتجة من غياب تطبيق القانون وفرض المراقبة المطلوبة، حرمان 150 وسيلة نقل عامة من التزود بحصتها من المازوت لمدة 15 يوماً، والتي يعمل بعضها في نقل طلاب وموظفين، ما حتم تراجع خدمة نقل المواطنين في تلك الفترة.   
ويخبر مدير هندسة المرور والنقل في محافظة دمشق، ياسر بستوني صحيفة محلية أن "قرار حرمان وسائل نقل من حصتها من مادة المازوت اتخذ بعد مراقبة المعنيين في أجهزة المحافظة عمل الخطوط، والتأكد من عدم التزام مالكي وسائل النقل المعنية بالقوانين الخاصة باستخدام حصص المازوت الممنوحة لها من أجل تأمين خدمات الخطوط، ومبادرتهم إلى الاتجار بالحصص بعد الحصول عليها بقيمة التعرفة المنخفضة". 

الصورة
مالكو آليات النقل يتاجرون بالمازوت (حسن بلال/ Getty)
مالكو آليات النقل يتاجرون بالمازوت (حسن بلال/ Getty)

يضيف: "نواصل رصد عمل خطوط النقل يومياً تنفيذاً للتوجيهات الصادرة من محافظ دمشق، وسنتخذ استناداً إلى هذه العملية القرارات المناسبة في حق مالكي الحافلات وآليات السرفيس الذين يخالفون القوانين، وبينها تجديد عقوبات وقف عملهم، وتمديد فترة الحرمان من 15 إلى 30 يوماً. ونحن نأمل بالتزامهم القوانين المعتمدة كي يتجنبوا اتخاذ إجراءات أكثر صرامة في حقهم". 
ويشير إلى أن العقوبات المتخذة على الآليات الـ150 المخالفة ستلحظ حرمان دفعة أولى منها من نسبة عمل 15 في المائة على خطوط النقل، وبعدها دفعة ثانية من أجل منع تفريغ الخطوط من الآليات التي تعمل عليها. 
ويؤكد مدير هندسة المرور والنقل أن "العقوبات المتخذة ضد المخالفين طبقت بعد إخضاع الحافلات وآليات السرفيس لمراقبة لمدة شهر، وملاحظة عدم عملها مطلقاً على خطوط النقل، ما أثبت أنها تحصل على مادة المازوت من دون أن تقدم الخدمة المطلوبة للمواطنين. ونحن فعلياً أمام حل وحيد يتمثل في التشدد في فرض العقوبات على الحافلات وآليات السرفيس المخالفة، والتلويح بإجراءات أكثر صرامة ضدها في محاولة لتحقيق الفائدة المنشودة من هذه التدابير عبر جعل عدد كبير من مالكي وسائل النقل يلتزمون بالقوانين والأنظمة المعتمدة في العمل على الخطوط، وهو ما يسعى مسؤولو المحافظة إلى تحقيقه، وتطبيقه على أرض الواقع". 

قضايا وناس
التحديثات الحية

وكانت محافظة دمشق قد نشرت مراقبين تابعين لمديرية هندسة المرور والنقل للقيام بمهمات ضبط عمل حافلات النقل الداخلي العامة والخاصة وآليات الحافلات الصغيرة والسرفيس التي يناهز عددها 5800. وتولى هؤلاء عملية ختم البطاقات الشهرية الخاصة بتزويد هذه الآليات بالمحروقات عن الرحلات التي يقومون بها، والإشراف على عملها على خطوط النقل.

المساهمون