المغرب من "الطوارئ المائية" إلى الانقطاع

22 يوليو 2024
المغاربة في وضع مائي مقلق (فاضل سنّا/ فرانس برس)
+ الخط -

يلقي شبح العطش بظلاله على عدد من مدن ومناطق المغرب، وزاده أخيرا قطع المياه الصالحة للشرب عن بعضها، ما ينذر بأزمة كبيرة خلال فصل الصيف الحالي، والتي ستتفاقم أيضاً بضعف مخزون المياه في السدود.
وبدا لافتاً، خلال الأيام الماضية، ارتفاع طلبات توفير المياه الصالحة للشرب في العديد من مناطق المملكة، كما الحال في إقليم تاونات حيث اشتكى السكان من نقص كبير في المياه، رغم أن الإقليم يملك موارد مائية تستطيع تلبية احتياجات السكان.
أيضاً، تعيش مناطق أخرى على وقع انقطاعات المياه، بعضها في إقليم تاونات (شمال) حيث أطلق سكان جماعة سيدي المخفي صرخة استغاثة من تكرر انقطاعها، في حين باتت مدن عدة مهددة بمواجهة أزمة كبيرة بسبب جفاف السدود، أبرزها في الدار البيضاء ومراكش والجديدة وسيدي بنور وسطات وبرشيد.
وظهرت مؤشرات هذا التهديد من خلال قطع الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء وتدبير التطهير السائل (مؤسسة عامة) في مدينتي الجديدة وسيدي بنور المياه الصالحة للشرب يومياً من الساعة العاشرة والنصف ليلاً إلى الساعة الخامسة والنصف صباحاً بحجة عدم توفر الكميات الكافية.
ترافق ذلك مع كشف إحصاءات أصدرتها وزارة التجهيز والماء في المغرب تراجع نسبة ملء السدود بنسبة 29.74 في المائة حتى العاشر من يوليو/تموز الجاري.
ومنذ يوليو 2022، يعيش المغرب في ظل حالة "طوارئ مائية"، بعدما أعلنت الحكومة ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة النقص الحادّ في الموارد المائية، والذي قالت إنه يضع الأفراد في وضعية مقلقة تؤثر في قدرتهم على الحصول على الكميات اللازمة للاستعمال اليومي، وأيضاً في أنشطتهم الاقتصادية، وتضرّ بجهود التنمية.

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويصف رئيس جمعية "المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ" مصطفى بنرامل، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أوضاع السدود في المغرب بأنها "حرجة نوعاً ما رغم أن المغرب شهد تساقطات أمطار خلال فصل الربيع الماضي، لا سيما في مارس/ آذار وبداية إبريل/ نيسان الماضيين. وقد أنقذت هذه التساقطات الموسم الزراعي، ورفعت نسبة التخزين في السدود لكنها لم تحل مشكلة قلة المياه في وسط البلاد، وتحديداً في مناطق الشاوية وعبدة وسوس والجنوب الشرقي والجنوب التي تعاني من انخفاض في كميات المياه ومواردها، وأيضاً من انقطاع المياه في بعضها لا سيما في المناطق الجبلية والقاحلة".

يضرّ النقص الحاد في الموارد المائية بجهود التنمية (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
يضرّ النقص الحاد في الموارد المائية بجهود التنمية (فتحي بلعيد/ فرانس برس)

يضيف: "يتطلب هذا الوضع اتخاذ السلطات والقطاعات الحكومية (وزارة التجهيز والماء وباقي القطاعات المعنية) إجراءات لتزويد سكان هذه المناطق بالمياه الصالحة للشرب من خلال وضع صهاريج مياه في تصرفهم، وحفر آبار ومواصلة التدابير المتخذة لتوفير المياه من خلال السدود المجاورة لهذه المناطق".
ويتوقع بنرامل أن تزداد حاجة المدن الكبرى، خاصة تلك الساحلية، إلى توفير المياه من طريق تحلية مياه البحر.
ويرى أنه "في وقت يستمر إنجاز مشاريع لتوفير المياه التي لا تلبيها تلك المنجزة، يجب تسريع برامج التحكّم بالمياه وتوزيعها بعدالة في مختلف المناطق، والتشدد في تطبيق القوانين المعتمدة لتحقيق العدالة المائية".

ويعّد المغرب من بين البلدان التي تواجه شحاً كبيراً في كميات مياه الشرب. وهو يقترب، بحسب البنك الدولي، بسرعة من الحدّ المطلق لندرة المياه البالغ 500 متر مكعب للفرد سنوياً. 
ووفق البنك الأفريقي للتنمية، "يعاني المغرب من جفاف للعام السادس على التوالي، وهذه حقيقة يجب أن يتكيّف معها البلد في ظل تأثيراتها الكبيرة على كل نواحي النشاط الاقتصادي، أتعلّق الأمر بالفلاحة أو الصناعة أو الخدمات أو السياحة".
ولفت البنك الأفريقي للتنمية، في مقال نشره في مارس/ آذار الماضي، بعنوان "الضغط المائي مصدر قلق كبير في المغرب"، إلى أن "الموارد المائية في المغرب تعاني من وضع صعب بسبب انخفاض مستويات المياه الجوفية، وضعف امتلاء السدود. وبات المواطن يستهلك أكثر بقليل من 600 متر مكعب من المياه سنوياً، أي ربع ما كان يستهلكه قبل أقل من 60 سنة".

المساهمون