اختطاف المعارضين في الخارج... نهج سعودي قديم

لندن

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
04 أكتوبر 2018
C12EDE7A-EC42-46B3-9FA5-CCDB555657D6
+ الخط -

تكشّف أمس الأربعاء المزيد من التفاصيل حول اختفاء الإعلامي والصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي، عقب دخوله القنصلية السعودية في إسطنبول، أول من أمس الثلاثاء، مع قول مسؤولين تركيين لـ"رويترز" أمس إنه لا يزال في القنصلية السعودية في إسطنبول التي دخلها لإنجاز معاملة إدارية تمهيداً للزواج من خطيبته التركية التي عرّفت نفسها باسم خديجة أ. من دون أن يخرج منها، فيما تواصل الأخيرة اعتصامها أمام القنصلية السعودية متساءلة "أين جمال؟". لكن وكالة "رويترز" نقلت في وقت لاحق عن مسؤول سعودي لم تسمه، قوله إن التقارير التي تحدثت عن فقدان خاشقجي داخل قنصلية المملكة في إسطنبول "كاذبة". وقال المسؤول إن خاشقجي زار القنصلية "لطلب أوراق متعلقة بحالته الاجتماعية، وخرج بعد فترة قصيرة". غير أن خطيبة خاشقجي نفت ما ذكره المسؤول عن مغادرته القنصلية، مؤكدة أنه فُقد داخلها. وقالت "إذا كان ذلك صحيحاً فأين هو؟"، مضيفة أنه لو كان ذلك صحيحاً فإنها كانت ستعلم هي أو الشرطة التركية. ودعت وزير الخارجية التركي مولو جاووش أوغلو إلى الاتصال بالسفير السعودي لدى تركيا للاستعلام عن مصير خاشقجي وسط مخاوف من أن يكون قد تم نقل خاشقجي إلى السعودية.

ويزخر تاريخ الاستخبارات السعودية باختطاف أو محاولة اختطاف المعارضين المقيمين في الخارج من المواطنين أو حتى الأمراء وإعادتهم للسعودية، مستغلة نفوذ دولتها السياسي وثروتها المالية الضخمة التي تملكها، وهو ما عزز المخاوف بشأن سلامة خاشقجي الذي عُرف بمواقفه النقدية للسياسات السعودية، ما عرّضه لمضايقات خلال تواجده في السعودية، قبل أن يقرر التوجّه إلى الولايات المتحدة تحسباً لاحتمال توقيفه، فيما واصل إبداء آرائه، من خلال كتاباته في صحيفة "واشنطن بوست" أو من خلال مشاركته في الندوات أو على محطات التلفزة.

وتنتهج السلطات السعودية طرقاً عدة في التعامل مع المعارضين في الخارج، إذ تعمد أولاً إلى المفاوضات والإيهام بتقديم التنازلات أو العفو مقابل الصمت والعودة إلى البلاد، وهو ما حدث مع العشرات من المعارضين اليساريين في الثمانينيات ومن الشيعة في التسعينيات وعدد من الإسلاميين في الألفية. وإذا فشلت المفاوضات فإنها تعمد إلى التهديد باعتقال أفراد العائلة أو إيذائهم، وهو ما حدث مع المعارض السعودي في كندا، عمر بن عبد العزيز الزهراني، والذي أوقفت السلطات عدداً من إخوته بعد أن تحوّل إلى صداع في رأس النظام السعودي.
ويأتي الاختطاف كحل أخير للنظام السعودي لا يتوانى عن استخدامه مستغلاً خبرة استخباراته في تقديم الرشاوى لمسؤولي المطارات ومديري الأمن في بعض الدول، بالإضافة إلى الحصانة الدبلوماسية الممنوحة لرجال السفارات التابعين له في أنحاء العالم، إذ يتم اختطاف الكثير من المعارضين عن طريق السيارات الدبلوماسية ويجري نقلهم إلى المطار بحيل مختلفة، منها الإخلاء الطبي بعد الضرب والتخدير.

وقامت الاستخبارات السعودية بدفع أموال طائلة لمليشيات مسلحة كانت تنشط في لبنان عام 1979 لاختطاف المعارض القومي ناصر السعيد ومن ثم تصفيته. كما قام النظام السعودي بمحاولات حثيثة لاسترداد معارضَين إسلاميَين يملكان تأثيراً واسعاً على الشباب في السعودية، هما سعد الفقيه الذي يترأس "حركة الإصلاح الإسلامي"، ومحمد المسعري الذي يترأس حزب "التجديد الإسلامي"، ويعيشان في لندن منذ تسعينيات القرن الماضي بعد لجوئهما إلى هناك هرباً من الاعتقال.


وعمدت مجموعات تابعة للاستخبارات السعودية إلى الاعتداء على سعيد الفقيه بالضرب ومحاولة قتله عام 2003، كما خاض زميله المسعري حرباً قانونية لتجنّب تسليمه للسعودية أو ترحيله من الأراضي البريطانية لأن ذلك يعني أن السعودية ستختطفه فور ذهابه إلى دولة أخرى يمكن لها أن تمارس النفوذ السياسي عليها. وجيّش النظام السعودي العشرات من المستشارين القانونيين والمحامين في سبيل استرداد المسعري واتهامه بالإرهاب والتهرب الضريبي، لكن المحاكم البريطانية استمرت في رفض مطالبهم واتهاماتهم.
واعتُقل ماجد المسعري، ابن محمد المسعري، في الولايات المتحدة عام 2004 بتهمة حيازة مخدرات، قال والده حينها إن السلطات السعودية لفّقتها له، كون ابنه كان متديّناً ومحافظاً. وبعد قضاء ماجد مدة محكوميته، رُحّل عام 2007 إلى السعودية بعد رفض الولايات المتحدة طلب حصوله على اللجوء، ليختفي من الوجود منذ ساعة ترحيله، وتضغط السلطات على المسعري الأب لتسليم نفسه مقابل وعود بمعرفة مصير ابنه.

ولم تقتصر ملاحقات السعودية على المعارضين "العاديين"، بل امتدت إلى الأمراء المعارضين واللاجئين من الأسرة الحاكمة في أوروبا وسط صمت الأجهزة الأمنية هناك. وبحسب وثائقي سابق أعدته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" بعنوان "أمراء آل سعود المخطوفون"، فإن السلطات السعودية قامت بين عامي 2015 و2017 باختطاف ثلاثة أمراء من أراضي دول الاتحاد الأوروبي، بسبب معارضتهم للأسرة الحاكمة، في إطار برنامج تديره الرياض لاختطاف المعارضين لسياساتها، بينهم الأمير سلطان بن تركي والذي اختُطف للمرة الأولى عام 2003 في مدينة جنيف السويسرية بعد قيامه بالحديث عن سجل حقوق الإنسان السيئ في البلاد. حينها استُدعي الأمير سلطان إبان تواجده في جنيف للقاء عبدالعزيز بن فهد، نجل الملك السعودي الراحل فهد بن عبدالعزيز، والذي كلفه بمهمة إدارة البلاد بعد مرضه، وتناول الفطور معه، وحصل على وعد بالعفو مقابل العودة، لكن الأمير سلطان رفض العرض، وادعى الأمير عبدالعزيز بأنه متجه لإجراء مكالمة هاتفية، وبعد لحظات اقتحم رجال ملثمون الغرفة وقاموا بضربه وتخديره وإعادته إلى السعودية من جديد في طائرة طبية بحسب "بي بي سي" التي اطلعت على رواية الأمير سلطان للقضاء النمساوي بعد الحادثة بسنوات. كما اختُطف الأمير سلطان مرة أخرى عام 2016 بعد وصوله إلى أوروبا وانتقاده لسجل حقوق الإنسان السيئ في بلاده ومطالباته بالإصلاح.

كما اختطفت السلطات السعودية أيضاً الأمير تركي بن بندر آل سعود، والذي قدّم طلباً للجوء في فرنسا، وقام بتسجيل مستمر لمقاطع فيديو معارضة للنظام السعودي ونشرها على الإنترنت، لكنه اختفى من الوجود عام 2015 عقب اختطافه ونقله للسعودية. وأشار الوثائقي إلى أنّ خبراً واحداً في الإعلام العالمي، يعود إلى صحيفة "الصباح" المغربيّة، يشير إلى أنّه سجن في المغرب، ثمّ تم ترحيله إلى الرياض بناءً على طلب السلطات السعودية.

واختطفت الاستخبارات السعودية أيضاً الأمير سعود بن سيف النصر بعدما فُبركت له عملية تجارية نُقل على أثرها من روما إلى الرياض، بحسب تصريح الأمير المنشق خالد بن فرحان آل سعود. وبدأ النصر عام 2014 تدوين تغريدات تنتقد النظام الملكي في السعودية، وتدعو إلى مقاضاة المسؤولين السعوديين الذين أيدوا عزل الرئيس المصري محمد مرسي، ثم عام 2015 أيّد دعوة إلى الانقلاب على الملك سلمان بن عبدالعزيز.
ويعرض الوثائقي نفسه شهادات من الأمير خالد بن فرحان آل سعود والذي حصل على اللجوء السياسي في ألمانيا عام 2013. ويقول بن فرحان إنّه يخشى أن يلقى المصير نفسه.

ذات صلة

الصورة
الجزائرية سارهودا ستيتي أكبر الحجاج سنا، 10 يونيو (إكس)

مجتمع

وصلت إلى السعودية، الثلاثاء، الجزائرية صرهودة ستيتي، التي تعد أكبر الحجاج سنّاً في هذا العام، بعمر 130 عاماً. وحظيت باستقبال حافل لدى وصولها على كرسي متحرك.
الصورة
آلاف الحجاج يؤدون صلاة الجمعة بالمسجد الحرام حول الكعبة، 7 يونيو 2024(عصام الريماوي/ الأناضول)

مجتمع

 يتدفّق الحجّاج المسلمون على مكة المكرمة قبل بدء موسم الحج في وقت لاحق من هذا الأسبوع، مع عودة المناسك السنوية إلى حجمها الضخم.
الصورة
بلينكن يلتقي بن سلمان في الرياض

سياسة

قال أنتوني بلينكن، إنه لا يعلم موقف إسرائيل من خطة التطبيع مع السعودية التي تتضمن خريطة طريق لإنشاء دولة فلسطينية، بالإضافة إلى الهدوء في قطاع غزة.
الصورة
مقاتلون حوثيون قرب صنعاء، يناير الماضي (محمد حمود/Getty)

سياسة

بعد 9 سنوات من تدخل التحالف بقيادة السعودية في اليمن، لم يتحقّق شيء من الأهداف التي وضعها هذا التحالف لتدخلّه، بل ذهب اليمن إلى حالة انهيار وانقسام.
المساهمون