استقالة الحريري... اشتباك سعودي إيراني واستنفار سياسي داخلي

بيروت

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
طهران

فرح الزمان شوقي

avata
فرح الزمان شوقي
04 نوفمبر 2017
3DCDC6E3-E833-40D5-BA56-AD2B9F393078
+ الخط -


بُعيد إعلانها بشكل مفاجئ، لقيت استقالة سعد الحريري من رئاسة الحكومة اللبنانية، اليوم السبت، ردود فعل متباينة، لا سيما من قبل السعودية التي أطلقت مواقف منسجمة مع كلام الحريري، وإيران التي قابلتها بانتقادات للخطوة، ما يشي باشتباك إيراني سعودي ساخن على الساحة اللبنانية التي شهدت أيضاً حالة استنفار سياسي داخلي. 

وأعلن الحريري، اليوم السبت، من الرياض، حيث يجري زيارة هي الثانية له خلال أسبوع، استقالته، وذلك في أثناء إلقائه خطاباً حادّاً فتح فيه النار على إيران و"حزب الله"، محذّراً من أنّ لبنان تسوده أجواء شبيهة بتلك التي سبقت اغتيال والده، رئيس الحكومة الأسبق، رفيق الحريري.

وقال الحريري، في كلمة له مباشرة على الهواء عبر شاشة قناة "العربية" السعودية، إنّ "الأجواء السائدة في لبنان شبيهة بالوضع قبيل اغتيال رفيق الحريري، ولمست محاولات لاستهداف حياتي ولأنني لا أرضى أن أخذل اللبنانيين أو أقبل بما يخالف مبادئ قوى الرابع عشر من آذار أعلن استقالتي من رئاسة الحكومة، مع علمي أن إرادة اللبنانيين أقوى وسيكونون قادرين على التغلب على الوصاية".

وبعد أن استقبل مستشار المرشد الإيراني للشؤون الخارجية علي أكبر ولايتي، صباح أمس الجمعة، عاد الحريري وطار إلى السعودية بعد الظهر في زيارة عمل ثانية.

وكان ولايتي، قد قال عقب لقائه الحريري إنّ "إيران تحمي استقرار لبنان وحكومته وترحب باستقلاله"، معتبراً أنّ "لبنان انتصر على الإرهاب، وهو انتصار لنا جميعاً في محور المقاومة على الإرهاب المدعوم أميركياً". 

إقرار سعودي

ولقيت استقالة الحريري من رئاسة الحكومة اللبنانية إقراراً سعودياً غير مباشر بالوقوف وراء الاستقالة، إذ أطلقت الرياض مواقف منسجمة مع ما ورد في خطابه.

وقال وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان، في تغريدة على حسابه على "تويتر"، اليوم السبت، إنّ "أيدي الغدر والعدوان يجب أن تبتر".


وكان الحريري قد التقى في الرياض، أمس الجمعة، ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والسبهان الذي كان قد دعا إلى "تطيير حزب الله"، تزامناً مع تصعيد واشنطن العقوبات المالية الأميركية ضد الحزب.



انتقاد إيراني

في المقابل، انتقدت إيران استقالة الحريري، متهمة إياه بترتيب هذه الخطوة، مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومحمد بن سلمان.

ووصف مستشار رئيس البرلمان الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، استقالة رئيس الوزراء اللبناني بـ"القرار المتسرع"، معتبراً أنها "ستنعكس سلباً على المنطقة وسيستفيد منها أعداؤها". ونقلت المواقع الرسمية الإيرانية عن عبد اللهيان قوله أيضاً "إن استقالة الحريري من داخل السعودية تُثير الاستغراب، وتأتي بعد تراجع تنظيم "داعش" في مناطقه، وفشل تحقيق المشروع الأميركي الإسرائيلي الذي يهدف لتقسيم الإقليم".
كذلك بيّن عبد اللهيان أن مستشار المرشد الإيراني الأعلى للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، كان قد أكد للحريري خلال لقائهما الأخير في بيروت، قبيل الاستقالة، على حرص إيران على استقرار لبنان ودعمها الوحدة الوطنية. 

بدوره، أبدى المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي تحفظاً على تصريحات الحريري، معتبراً أن ما وجّهه لإيران "مجرد اتهامات أميركية سعودية صهيونية، لا أساس لها من الصحة"، على حد تعبيره، مضيفاً "إن استقالة الحريري، سيناريو آخر يهدف لخلق توتر جديد في لبنان والمنطقة".

ونقلت المواقع الرسمية الإيرانية عن قاسمي قوله إن "استقالة الحريري المفاجئة والإعلان عنها من خارج لبنان أمر مؤسف وغريب، وتؤكد أنه بات يلعب في أرض من يحملون الشر والمؤامرات للمنطقة، وهذه الأرض لا تصنف لصالح الدول العربية والإسلامية وإنما تخدم المصالح الصهيونية التي تتغذى على العداء والخلافات في العالم الإسلامي".


كذلك لفت إلى أن "الظروف باتت تتجه نحو إنهاء عمر تنظيم "داعش"، وغيره من التنظيمات الإرهابية، ومن المفترض أن يسعى الكل لتهدئة الأجواء للتعويض عن الخسارات التي سببها الإرهاب المدعوم من أميركا وحلفائها في الإقليم"، مشيراً إلى أن "إيران تؤمن بأن الشعب اللبناني سيعبر هذه المرحلة بسهولة".
وأضاف قاسمي أن بلاده "تسعى لتحقيق استقرار المنطقة وتجد مصالحها في الوصول للأمن والتقدم الاقتصادي في كل الدول المجاورة لها، وفي الإقليم ككل، وبالتالي سعت إيران لمحاربة الإرهاب، وجعلت الأمر على رأس أولوياتها". واعتبر كذلك أن "العلاقات بين إيران ولبنان مميزة، وأن طهران لا تتدخل في شؤون هذا البلد، وتعلن عن جهوزيتها لتقديم أي عون له".

وتعليقاً على استقالة الحريري أيضاً، قال مستشار وزير الخارجية الإيراني حسين شيخ الإسلام، في تصريحات، اليوم السبت، إنّ "استقالة الحريري جاءت بتنسيق مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان لإثارة التوتر في المنطقة".

وتابع أنّ "قرار استقالة الحريري ليس ناجماً عن حكمة، وكان عليه احترام اللبنانيين من خلال تقديم استقالته داخل لبنان".

وحذّر مستشار وزير الخارجية الإيراني من أنّ استقالة الحريري "تهدف لإيجاد العداء ضد محور المقاومة، وهي لن تحمل خيراً للبنان"، بحسب قوله.

ردود محلية

وبعيد إعلان الاستقالة، سارعت رئاسة الجمهورية اللبنانية إلى إصدار بيان قالت فيه إنّ الحريري اتصل هاتفياً بالرئيس ميشال عون لإعلامه بالاستقالة.

وأضافت الرئاسة أنّ "الرئيس عون ينتظر عودة الرئيس الحريري إلى بيروت للاطلاع منه على ظروف الاستقالة ليُبنى على الشيء مقتضاه".

كما أرجأ الرئيس عون زيارته إلى دولة الكويت التي كانت مقررة، غداً، على خلفية التطورات.

وذكر بيان للرئاسة اللبنانية أن "الرئيس عون اتصل بأمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وتداول معه الأوضاع الراهنة، واتفقا على تأجيل زيارة الغد الرسمية، لوقت لاحق (دون تحديد)".

من جهته، كتب رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" النائب وليد جنبلاط، المقرّب من الحريري، في تغريدة على "تويتر": "بصراحة فإنّ لبنان أكثر من صغير وضعيف كي يتحمّل الأعباء الاقتصادية والسياسية لهذه الاستقالة".

وفي إشارة واضحة إلى العلاقة بين استقالة الحريري والتوتر السعودي الإيراني، كتب جنبلاط "كنت وسأبقى من دعاة الحوار بين السعودية وإيران".

وفي أول تعليق من "التيار الوطني الحر"، الذي كان يرأسه عون ويعد من أبرز حلفاء "حزب الله"، قال وزير العدل سليم جريصاتي في "تغريدة"، على تويتر، إنّ "استقالة الحريري ملتبسة ومرتبكة ومشبوهة في أربعة: التوقيت والمكان والوسيلة والمضمون".


من جهته، أعلن رئيس المجلس النيابي نبيه بري قطع زيارة إلى مصر والعودة إلى لبنان بسرعة، فيما لم يعلّق "حزب الله" حتى الآن على قرار استقالة الحريري.



ذات صلة

الصورة
أنشطة ترفيهية للأطفال النازحين إلى طرابلس (العربي الجديد)

مجتمع

أطلقت منظمات وجمعيات أهلية في مدينة طرابلس اللبنانية مبادرات للتعاطي مع تبعات موجة النزوح الكبيرة التي شهدتها المدينة خلال الفترة الأخيرة.
الصورة
دمار جراء غارات إسرائيلية على بعلبك، 25 أكتوبر 2024 (Getty)

سياسة

شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي سلسلة غارات دموية على مناطق عدّة في محافظة بعلبك الهرمل اللبنانية أدت إلى سقوط عدد كبيرٍ من الشهداء والجرحى وتسجيل دمار كبير
الصورة
غارة جوية على قرية الخيام جنوب لبنان، 3 أكتوبر 2024 (فرانس برس)

سياسة

يكثّف جيش الاحتلال الإسرائيلي من سياسة تدمير المربعات السكنية ونسفها في جنوب لبنان على غرار الاستراتيجية التي يعتمدها في غزة منذ بدء حربه على القطاع
الصورة
الهجوم الإسرائيلي على إيران 26/10/2024 (صورة متداولة)

سياسة

أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم السبت، أنه شنّ ضربات دقيقة على أهداف عسكرية في إيران، لكن الأخيرة نفت نجاح إسرائيل في الهجوم.