نظم فلسطينيون اليوم الأربعاء، بعضهم يحملون الجنسية الأميركية، تظاهرة ضد زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لمدينة البيرة، وسط الضفة الغربية، فيما دانت اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل، تنظيم مركز الإمارات للسياسات "ملتقى أبوظبي الاستراتيجي السابع 2020" بالشراكة مع "معهد أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي (INSS).
الفلسطيني عودة حمايل، الذي يبلغ أكثر من 90 عاماً، لم يتمكن من رؤية البيرة، بسبب إقامة مستوطنة "بساغوت" الإسرائيلية مطلع ثمانينيات القرن الماضي، بينما يزورها وزير الخارجية الأميركي، ويزور تحديدًا مزارع العنب ومصنعًا للخمور مقاما على أراضي البيرة.
حمايل، الذي حصل على الجنسية الأميركية قبل خمسين عاماً، يقول عن زيارة بومبيو في حديث لـ"العربي الجديد": "ذلك ليس من حقه، لو كان يعلم بالتاريخ، أو السياسة، أو قيمة الأرض أو حتى مصلحة إسرائيل لما فعل ذلك".
ويتذكر عودة تلك الأيام التي كان يمتلك فيها 20 دونماً من الأراضي في البيرة؛ مصدر رزق له ولعائلته، ورثها عن والده، مليئة بالتين والعنب وغيرها، وفجأة، كما يقول، أصبح ممنوعاً من الوصول لها في الثمانينيات، رغم توجهه مع الأهالي الآخرين بالتعاون مع بلدية البيرة لمحاكم الاحتلال. ويتحدث عن كل ذلك وهو يحمل الأوراق الثبوتية للملكية "الكواشين".
وبينما كان حمايل يتحدث لصحافي تلو الآخر عن أرضه؛ خرج الفلسطينيون في تظاهرة ضد زيارة بومبيو، بعض الشبان حاولوا الوصول لأقرب نقطة نحو المستوطنة، وأشعلوا الإطارات هناك، فيما عقد عدد من أهالي مدينة البيرة، وخصوصًا حملة الجنسية الأميركية، مؤتمرًاً صحافيًا موجهًا لوسائل الإعلام الأجنبية، في سلسلة فعاليات مناهضة للزيارة التي استفزت الفلسطينيين من دافعي الضرائب في الولايات المتحدة، الذين يملكون أراضي في جبل الطويل حيث تقام المستوطنة.
ويقول رئيس بلدية البيرة الأسبق وأحد المتحدثين في المؤتمر الصحافي عبد الجواد صالح "قلنا للأميركيين عندما تشربون من هذا النبيذ، فأنتم تشربون من دم الفلسطينيين".
ويتذكر صالح عمله مع والدته وهو طفل في كروم العنب، ويقول: "هذه أرضنا قبل أن تقام الولايات المتحدة، ليست فقط ملكنا، بل وإن القانون الدولي يعتبر البناء فيها جريمة".
ودعا صالح، خلال المؤتمر الصحافي وهو وزير فلسطيني سابق، إلى مقاطعة الولايات المتحدة بكل الأشكال، لأن ذلك برأيه الطريقة الوحيدة للتعامل مع الولايات المتحدة والضغط على إسرائيل.
وفيما طرح موسى جويد، وهو من حاملي الجنسية الأميركية، تساؤلاً واحداً في حديثه لـ"العربي الجديد": "أنا كمواطن أميركي ومولود في الولايات المتحدة ودرست هناك وأدفع الضرائب، أريد أن أعلم أين هي حقوقي، سؤال بسيط أين حقوقي كمواطن أميركي، هل أجدها في المحاكم؟ أم أبحث عنها في الهواء"؟
ولا يخفي جويد الارتياح لخسارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الانتخابات الأميركية، ويقول: "إنه غير مهتم كثيرًا لما يفعله بومبيو، لأنه سيذهب لمزابل التاريخ"، رغم أنه لا يبدي تفاؤلاً كبيراً بالإدارات الأميركية المتعاقبة، بل يؤمن بقوة الحق.
ويرى الوزير الفلسطيني وليد عساف، رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الذي كان في التظاهرة ضد زيارة بومبيو، أن تلك الزيارة محاولة ليفعل وزير الخارجية الأميركي ما لم يستطع فعله خلال أربع سنوات.
ويقول عساف لـ"العربي الجديد": "يحاول تشريع الاستيطان وهو مغادر لمنصبه، كأول وزير خارجية أميركي يزور المستوطنات".
واعتبر عساف الزيارة دليلاً على الأبرتهايد والعنصرية والصلف الأميركي، بشرعنة مستوطنة تُبنى على أراضي مواطنين أميركيين من أصل فلسطيني، مقدرًا أن الخطوة هي محاولة للتخريب على مستقبل عملية السلام.
وشدد على أن الإدارة الأميركية الحالية تحاول خلط الأوراق لتصعب على الإدارة القادمة اتخاذ سياسة واضحة بخصوص الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مشيراً إلى أن ترامب سيذهب وستذهب معه "صفقة القرن".
وأضاف: "سيبقى الشعب الفلسطيني وننتظر ما سنراه من الإدارة القادمة؛ إن كان سيأتي خيرًا نرحب به، وإن كان استمراراً للسياسة السابقة سنناضل ضده".
وكانت التظاهرة ضد الزيارة مناسبة للسياسيين لانتقاد قرار القيادة الفلسطينية إعادة العلاقات مع الاحتلال كما كانت قبل قطعها في مايو/ أيار الماضي، بسبب مواجهة خطة ضم الاحتلال لأجزاء من الضفة الغربية وصفقة القرن.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف لـ"العربي الجديد": "إنه لم تجر استشارة أي مؤسسة فلسطينية بالقرار"، الذي اعتبره مفاجئاً وبغير مكانه، حيث التصعيد الإسرائيلي مستمر، من خلال البناء والتوسع الاستيطاني والموقف الأميركي المعادي للحقوق الفلسطينية التي تواصلها سياسة ترامب بفرض الوقائع على الأرض بما فيها زيارة بومبيو للمستوطنة.
وقال نائب رئيس حركة فتح، محمود العالول، في كلمة له خلال التظاهرة، "إن الزيارة ليست مفاجئة وإن كل الإدارات الأميركية المتعاقبة منحازة للاحتلال، ودائمًا تُعطي وعودًا للفلسطينيين تتبخر بعد الانتخابات"، لكنه استدرك قائلا: "لا أخفي أننا سنكون سعيدين للغاية برحيل هذه الإدارة الأميركية ورئيسها ترامب لأنهم ليسوا منحازين للاحتلال بل شركاء له".
وتتربع مستوطنة بساغوت على أعلى تلة في مدينة البيرة المجاورة لمدينة رام الله، على مساحة 200 دونم. ويقول عضو المجلس البلدي في البيرة منيف طريش لـ"العربي الجديد"، إن "المستوطنة أنشئت على أراض كانت اشترتها أمانة القدس العربية من أجل بناء حي للاصطياف".
ويتابع طريش، "لكن بعد الاحتلال في العام 1967، أجّرتها بلدية الاحتلال في القدس لشركة استيطانية، وقام جيش الاحتلال بإغلاق 1100 دونم حولها بأمر عسكري، ما منع المواطنين من الوصول لها، كما يعتبر الموقع الخزان الرئيسي للمياه في البيرة، وموقعًا مطلًا على القدس ورام الله".
إدانة تنظيم "ملتقى أبوظبي السابع" بالشراكة مع معهد أبحاث إسرائيلي
من جهة أخرى، دانت اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل اليوم الأربعاء، تنظيم مركز الإمارات للسياسات "ملتقى أبوظبي الاستراتيجي السابع 2020" بالشراكة مع "معهد أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي (INSS)، وبمشاركة المدير التنفيذي للمعهد واللواء المتقاعد في جيش الاحتلال، "عاموس يادلن"، والمدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية "ألون أوشفيز"، فضلاً عن مستشار الرئيس الأميركي في اتفاقيات "أبراهام" "برايان هووك".
ووفق بيان للجنة، فإنه لم تمضِ سوى بضعة أسابيع على توقيع الاتفاقية الخيانية بين نظام الإمارات الاستبدادي والنظام الاستعماري الإسرائيلي حتّى بدأ التعاون العلنيّ بين النظامين يتنامى على كافة الأصعدة الاقتصادية والتجارية والأمنية والعسكرية والأكاديمية والثقافية وغيرها، وبالطبع، لم تقف خسارة "ترامب" في الانتخابات الأميركية عائقاً أمام الاتفاقية، وما زال العمل على تعميقها وتنفيذ بنودها جارياً على قدمٍ وساق.
وكان "ملتقى أبوظبي الاستراتيجي" قد انطلق في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني، مفتتحاً بكلمةٍ من رئيسة مركز الإمارات للسياسات، ابتسام الكتبي، ووزير الشؤون الخارجية في الإمارات، أنور قرقاش، وعُقدت جلساته افتراضياً على مدار ثلاثة أيام حاملةً ثلاثة عناوين رئيسيةٍ، وهي: أولاً؛ "الانتخابات الأميركية: ماذا بعد؟"، وثانياً؛ "معاهدة السلام الإماراتية -الإسرائيلية: الشرق الأوسط الجديد"، وثالثاً: "جائحة "كوفيد-19: أداة تحويلية للأمن الجماعي".