حركة ضباط أم استخبارات؟

13 اغسطس 2023
لم يترك النظام أحداً من مواليه إلا وأشركه بإجرامه (جورج أورفليان/فرانس برس)
+ الخط -

أصدرت مجموعة ممن قالوا إنهم ضباط علويون ضمن مناطق النظام السوري بياناً مكتوباً، بالإضافة إلى فيديو مصور قالوا إنه صُوِّر في مدينة القرداحة التي ينتمي إليها رئيس النظام بشار الأسد، ليعلنوا أنهم مجموعة من الضباط العلويين الذين لم تتلطخ أيديهم بدماء السوريين. وأكدوا دعمهم لحركة التحرر الوطني وانضمامهم إلى المجلس العسكري الذي يقوده الضابط المنشق عن النظام مناف طلاس، نجل وزير الدفاع الأسبق في حكومة الأسد الأب، مصطفى طلاس، المتهم بتوقيع أحكام بإعدام مئات السوريين في ثمانينيات القرن الماضي.

وأطلق الضباط على أنفسهم في بيانهم اسم حركة الضباط العلويين الأحرار، موضحين أنهم يتمسكون بالمشروع الوطني المتمثل بانتقال سورية إلى دولة قانون، من خلال فترة حكم انتقالي بموجب قرارات الشرعية الدولية، متوعدين بتسليم المجرمين للعدالة المختصة، ومطالبين بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي.

البيان المكتوب والفيديو اللذان نشرهما المجلس العسكري الذي يرأسه مناف طلاس، يثيران العديد من التساؤلات، سواء عن صدقية البيان أصلاً، الذي من المحتمل أن يكون قد نُفِّذ بالاتفاق مع استخبارات النظام، أو عن حجم هذا التجمع الذي ظهر منه ثلاثة ملثمين يضعون رتباً عسكرية عالية إحداها رتبة لواء، ضمن أرضٍ زراعية قالوا إنها في مدينة القرداحة. كذلك تُطرح تساؤلات عن المواقف التي تبنّوها والوعود التي قطعوها على أنفسهم بعد 12 عاماً من وحشية النظام وإجرامه، الذي لم يترك أحداً من مواليه إلا وأشركه بهذا الإجرام، بدءاً من أصغر عنصر في جيشه، وصولاً إلى موظفي القطاع العام، من دون أن يتسامح مع أي شخص لا يثبت له الولاء، بالتالي كيف استطاع ضباط برتب عليا أن يبقوا كل هذه المدة من دون إثبات ولائهم عبر ارتكاب جرائم، ومن دون أن يكشف أمرهم؟

أما الأمر الآخر الذي يثير التساؤلات، فهو تسمية الحركة باسم طائفي، ما يوقعها بالعديد من التناقضات، حتى مع بيانها الذي تتحدث فيه عن دولة قانون وتنبذ فيه التفرقة الطائفية والعرقية. كذلك، فإن هذه التسمية تشير إلى أن الحركة المزعومة لا تستقطب سوى ضباط علويين، وأن أي ضابط حتى لو تشارك معهم بالرؤى نفسها، وكان من طائفة أخرى، فهو مرفوض لسبب طائفي، إلا إذا كان طلاس يريد أن يسوّق أن لديه حاضناً مؤيداً له ضمن الطائفة العلوية تحديداً.

ويبرز تساؤل عن الجهة التي أيّدتها الحركة والمجلس الذي انضمت إليه، وما مدى حجمه، وماذا قدّم وما الخطوات العملية التي قام بها في سبيل تحقيق ما يطرحه؟ ونجد أن كل ما قدّمه مناف طلاس، إعلان الانشقاق عن نظام الأسد واللجوء إلى فرنسا من دون أي فاعلية، إلى حين تشكيله مجلساً عسكرياً نظرياً لا يمتلك أي قوة أو تأثير على الأرض، وحتى اجتماعاته شبه سرية، ولا يمتلك أي حاضن شعبي، ويقوم بين الحين والآخر بتصدير رؤى نظرية للحل في سورية، ويصدر عدداً من البيانات.

المساهمون