استمع إلى الملخص
- الدعم الإعلامي والسياسي: دعمت روسيا النظام السوري إعلامياً وسياسياً، مستخدمة الفيتو 17 مرة لمنع قرارات أممية، وابتزاز المجتمع الدولي في ملف المساعدات الإنسانية.
- الهندسة السياسية: هندست روسيا مسار أستانة، مما أدى إلى تهجير سكان مناطق عديدة، وتعمل على إعادة تعويم النظام سياسياً في المحيط العربي والإقليمي.
تكتمل يوم غد الاثنين تسع سنوات على التدخّل العسكري الروسي في سورية لصالح نظام بشار الأسد، في الوقت الذي كان فيه قاب قوسين أو أدنى من أن يسقط على يد المعارضة السورية التي كانت قد سيطرت في حينها على أكثر من ثلثي الجغرافيا السورية، على الرغم من الدعم غير المحدود من حزب الله اللبناني وإيران والمليشيات التي كانت تقاتل إلى جانبه، وفي الوقت الذي كانت فيه الفصائل العاملة في غوطة دمشق الشرقية قد سيطرت على أحياء من مدينة دمشق مثل جوبر، والقابون، وبرزة، وحي تشرين، وغيرها. كذلك كانت الفصائل في الشمال السوري قد وصلت إلى مشارف مدينة حماة جنوباً بعد سيطرتها على كل محافظة إدلب وريف حماة الشمالي ووصلت إلى حدود اللاذقية غرباً، فيما سيطرت شرقاً على مناطق واسعة من محافظات دير الزور، والرقة وريف حلب الشمالي وجزء من مدينة حلب.
في هذا التوقيت قررت موسكو الدخول عسكرياً إلى جانب النظام، بعد أن وصفت كل من يعارض بشار الأسد بالإرهابي، فدخلت تحت مسمى دعم حليفها ضد الإرهاب، لترتكب مئات المجازر بحق السوريين، فقتلت الطائرات الروسية خلال سنوات تدخّلها التسع أكثر من أربعة آلاف مدني، جلّهم أطفال ونساء، وجرحت ما يزيد عن ثمانية آلاف. كذلك تعمّدت تدمير البنى التحتية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة بهدف تحويلها إلى مناطق غير قابلة للحياة، وإجبار السكان على مغادرتها، فساهمت بتهجير مئات آلاف السوريين من مدنهم وقراهم، كما ساعدت النظام في حصار بعض المناطق السورية مثل الغوطة الشرقية لدمشق، ومدينة مضايا بريف دمشق، وحي الحجر الأسود داخل مدينة دمشق، ما تسبب بموت بعض السكان جوعاً.
ولم تكتفِ روسيا بالمساندة العسكرية للنظام، بل تبنّت روايته الإعلامية المضللة وساعدته في نشرها، فنعتت متطوعي الدفاع المدني بأنهم تنظيم إرهابي واتهمتهم بالتحضير لهجمات كيميائية، كما اتهمتهم بفبركة عمليات إنقاذ وهمية، كما كانت تهدد بقصف المدنيين في حال عدم الاستجابة لمطالبها في المحافل الدولية، كما هندست مسار أستانة الذي هجّرت بموجبه سكان غوطة دمشق ودرعا وريف حمص الشمالي وريف إدلب الجنوبي وحشرتهم في بقعة جغرافية ضيقة شمال غربي سورية.
وعملت موسكو على ابتزاز المجتمع الدولي سياسياً لصالح نظام الأسد، فاستخدمت حق النقض (الفيتو) 17 مرة لمنع إصدار أي قرار أممي يحمي المدنيين، كما قامت بالابتزاز في ملف المساعدات الإنسانية سياسياً من خلال التحكّم بموضوع إدخال المساعدات عبر الحدود أو تحويلها لمناطق النظام، وجعل الأخير يتحكّم بإدخالها إلى مناطق سيطرة المعارضة عبر خطوط التماس، فيما لا تزال تعمل على إعادة تعويم النظام سياسياً وترعى مبادرات التطبيع معه في محيطه العربي والإقليمي، في الوقت الذي لا يزال فيه المجتمع الدولي صامتاً عن كل هذه الجرائم وبدون توافر أي إرادة لديه لحل سياسي للقضية السورية.