التحالف الدولي يُقيل قائد "مغاوير الثورة" في سورية: خرج عن الخط المرسوم له؟

26 سبتمبر 2022
يعد "مغاوير الثورة" ذراعا برية للتحالف في المثلث السوري العراقي الأردني (فرانس برس)
+ الخط -

عيّن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية قائدا جديدا لفصيل "مغاوير الثورة" التابع للمعارضة السورية، والذي يعذ ذراعا برية للتحالف في المثلث الحدودي السوري العراقي الأردني، حيث تتموضع كبرى قواعد هذا التحالف في منطقة التنف.

 ووفق مصادر في الفصيل المذكور، عُيّن النقيب محمد فريد القاسم، وهو قائد "لواء شهداء القريتين" يوم السبت الماضي قائدا جديدا لفصيل "مغاوير الثورة" بعد إقالة قائده العميد مهند الطلاع، الذي كان من مؤسسي هذا الفصيل الذي يضم مقاتلين من محافظة دير الزور، التي ينحدر منها الطلاع، ومن مناطق سورية أخرى.

وتضاربت الروايات حول الأسباب التي دفعت التحالف الدولي لإقالة الطلاع، إلا أن مصدرا مقربا من الفصيل أوضح لـ"العربي الجديد" أن الطلاع أبدى عدم تقبّله لبعض القرارات التي تصدر من قاعدة "التنف"، وهو ما أدى إلى استبعاده عن منصبه، مضيفا: "يبدو أن الأميركيين يريدون قائدا مطيعا ينفذ الخطط التي يضعونها من دون مراجعة من أحد".

 وأكد المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن التحالف الدولي أعلن إقالة الطلاع أثناء وجود الأخير في تركيا حيث تقيم عائلته، مشيرا إلى "أن المقيمين في مخيم "الركبان" القريب من قاعدة التنف والذي يقع تحت حماية "مغاوير الثورة" احتجوا على قرار استبعاد الطلاع"، وفق المصدر.

وأشار المصدر ذاته، إلى أن التحالف الدولي "طلب منذ نحو شهر من فصيل مغاوير الثورة العمل في ريف دير الزور الشرقي الواقع تحت سيطرة قوات سورية الديمقراطية، لمواجهة النشاط المتزايد لتنظيم "داعش" في هذا الريف"، مضيفا: "مهند الطلاع أبدى استعداده للانتقال إلى ريف دير الزور بشرط ألا يكون تحت إدارة هذه القوات التي تشكل الوحدات الكردية ثقلها الرئيسي، إلا أن التحالف عدل عن الفكرة".

وأوضح المصدر أن لـ"فصيل مغاوير حاضنة اجتماعية كبيرة في محافظة دير الزور وفي مخيم الركبان"، وأن "الفصيل لديه التسليح الكافي الذي يؤهله لخوض معارك كبيرة".

تقارير عربية
التحديثات الحية

خروج عن الخط المرسوم

 من جهته، أشار المحلل العسكري مصطفى فرحات في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "مهند الطلاع نفذ مهام في الآونة الأخيرة خارج سياق الدور المنوط بفصيله في منطقة انتشاره بالبادية السورية من قبل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية"، مضيفا أن الطلاع "حاول فتح معبر مع الجانب العراقي لأسباب غير معروفة".

وأضاف فرحات: "أنهت الولايات المتحدة دور الطلاع بعد أن خرج عن الخط المرسوم له، واستبدلته بمحمد فريد القاسم".

 وتأسس فصيل "مغاوير الثورة" في عام 2015 لمجابهة تنظيم "داعش"، الذي كان في حينه بذروة قوته وتمدده في الجغرافيا السورية، وخاصة في البادية السورية حيث تركز نشاط هذا الفصيل المنضوي في غرفة عمليات واحدة مع فصائل أخرى تنشط في البادية وهي: جيش "أحرار العشائر"، كتائب "الشهيد أحمد العبدو"، كتائب "شهداء القريتين"، جيش "أسود الشرقية".

 وفي عام 2016، بدأ التحالف الدولي بدعم "مغاوير الثورة" والفصائل الأخرى الموجودة في محيط قاعدة التنف، والتي تأسست فعليا في ذاك العام عند تقاطع الحدود السورية مع الأردن والعراق وتتبع إداريا لحمص، المحافظة الأكبر في سورية جغرافيا.

 ويمنع التحالف اقتراب أي قوة معادية من محيط القاعدة بعمق 55 كيلومتراً، وهي باتت تُعرف اليوم بـ"المنطقة المحرمة"، إذ جوبهت محاولات قوات النظام دخولها أكثر من مرة خلال السنوات الماضية بالقوة.

يمنع التحالف اقتراب أي قوة معادية من محيط القاعدة بعمق 55 كيلومتراً، وهي باتت تُعرف اليوم بـ"المنطقة المحرمة"

وحاول فصيل "مغاوير الثورة" مهاجمة مدينة البوكمال في ريف دير الشرقي على الحدود السورية -العراقية في العام 2017، إبان سيطرة "داعش" عليها، إلا أنه مني بخسائر كبيرة بسبب عدم مساندة التحالف الدولي له جويا، ما دفعه إلى العودة إلى قواعده في البادية السورية، ولم يقم بعمل عسكري واسع النطاق منذ ذلك الحين.

 وتعتبر الولايات المتحدة هذا الفصيل، إضافة إلى مجموعات "أسود الشرقية" و"قوات أحمد العبدو"، بمثابة ذراع برّية لها لمواجهة "داعش" في البادية السورية، مثلما تعتمد على "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) للغاية نفسها في منطقة شرقي نهر الفرات. ولكن هذه الفصائل والمجموعات لم تخض أي مواجهات مع التنظيم رغم انتشاره الواسع في البادية، بيد أن هذا التنظيم لم يحاول ولا مرة مهاجمة القاعدة الأميركية، حيث يصرف نشاطه كله على مهاجمة أرتال قوات النظام والمليشيات المحلية والإيرانية التي تساندها في البادية مترامية الأطراف.

 كما يعتمد التحالف الدولي على هذه الفصائل وفي مقدمتها "مغاوير الثورة" في حماية قاعدة التنف ومنع أي محاولات تسلل من قبل فلول تنظيم "داعش" المنتشرة في البادية السورية أو من قبل المليشيات الإيرانية التي تسيطر على ريف دير الزور الشرقي ومنطقة تدمر في قلب البادية السورية.

ودرّبت القوات الأميركية مقاتلي "مغاوير الثورة" والفصائل الأخرى خلال السنوات الماضية وزودتها بأسلحة حديثة لمواجهة أي تهديد. وتجري بين وقت وآخر تدريبات مشتركة داخل نطاق منطقة الـ 55، آخرها كان قبل عدة أيام لـ"حماية المنطقة وحماية المدنيين فيها"، وفق ما جاء على المعرفات الرسمية للفصيل على وسائل التواصل الاجتماعي. 

 كما ينشط فصيل "مغاوير الثورة" في مكافحة تجارة المخدرات في البادية السورية، حيث تعد المنطقة التي يسيطر عليها نقطة عبور شحنات كبيرة من سورية الى الأردن. وأعلن الفصيل خلال السنوات الفائتة أكثر من مرة عن إيقاف عمليات تهريب مخدرات وأسلحة عبر البادية السورية، وإلقائه القبض على مهربين كان بحوزتهم 450 كلغ من المواد المخدرة. 

المساهمون