الاحتلال يجاهر باستهداف مراكز الإيواء في غزة للتحريض على المقاومة

06 اغسطس 2024
مدرسة دمّرها الاحتلال في دير البلح، 28 يوليو 2024 (عبد الرحيم الخطيب/الأناضول)
+ الخط -

بالتزامن مع القصف الإسرائيلي لمراكز الإيواء والمدارس ومحيط المستشفيات في مختلف مناطق قطاع غزة، يُصدر جيش الاحتلال بيانات سريعة عن "أهداف إرهابية" في الأماكن المستهدفة، ما يوحي بتحويل هذه المؤسسات لمراكز قيادة لفصائل المقاومة والحكومة التي تديرها حركة حماس. لكن الفلسطينيين ينفون ذلك، ويقولون إن قصف تلك المراكز والمؤسسات، من بينها مراكز الإيواء في غزة يراد منه جعل القطاع بأكمله بقعة غير آمنة وغير قابلة للحياة، ولزيادة التضييق على السكان ودفعهم للخروج على فصائل المقاومة.

ومنذ بدأت الحرب الإسرائيلية على القطاع في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قصفت الطائرات الحربية والمُسيرات الإسرائيلية عشرات آلاف المنازل، ما أدى لتدميرها وتحويلها إلى ركام. وإلى جانب ذلك، طلبت إسرائيل من سكان معظم المناطق الشرقية والوسطى والقريبة من حدود القطاع الخروج منها تحت التهديد والقصف المدفعي، ما أجبر الآلاف على فتح المدارس ومحيط المستشفيات وحدائقها واعتبارها مراكز إيواء وسكن.

والمدارس بالذات، والتي تقصفها إسرائيل بشكل شبه يومي بزعم أنها مراكز قيادة وسيطرة لفصائل المقاومة أو الحكومة وأجهزتها الأمنية والشرطية، هي أكثر المقرات التي يذهب الفلسطينيون إليها على اعتبار أنها معروفة للإسرائيليين وآمنة تماماً، وأنها تظهر من الجو كأبنية مدرسية مفتوحة، وهو ما يميزها عن الأبنية والمناطق الأخرى. لكنها تحوّلت إلى مكان غير آمن أيضاً، يتهدّدها الخطر جميعها في ظل الادعاءات الإسرائيلية والتبريرات السريعة للمجازر التي يرتكبها الاحتلال فيها.

وفي إطار استهداف مراكز الإيواء في غزة بشكل متكرر، قصف الطيران الحربي الإسرائيلي، يوم الأحد الماضي، مدرستي النصر الإسلامية وحسن سلامة بحي النصر، إلى الشمال الغربي من مدينة غزة، واللتين تضمان آلاف المهجرين. وقبلها بيوم قصف الاحتلال مدرسة حمامة بحيّ الشيخ رضوان القريب، وقبلها بيوم قصف الطيران مدرسة في مخيم النصيرات، ومثلها مدارس أخرى تعد مراكز إيواء في مناطق مختلفة من جنوبي القطاع تم قصفها وتدميرها.

تبرير استهداف مراكز الإيواء في غزة

وإلى جانب قصف مراكز الإيواء في غزة ومحاولة التبرير الإسرائيلي السريعة له، يعيش المهجّرون في تلك المراكز، خصوصاً المدارس والمستشفيات، في حيرة من أمرهم، وفي وضع أكثر صعوبة في ظل صعوبة إيجاد أماكن بديلة لهم ولأسرهم وقلتها. وبعد القصف يصبحون بلا مأوى لحين تدبير أمورهم.

ويقول مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يصعّد عدوانه على الشعب الفلسطيني، ويزيد من استهداف مراكز الإيواء في غزة والمدارس المأهولة بعشرات آلاف المهجرين المشردين من بيوتهم بفعل العدوان وحرب التدمير والتهجير. ويلفت الثوابتة إلى أن الاحتلال "قصف خلال حرب الإبادة المستمرة 172 مركز إيواء مأهول، منها 152 مدرسة تتبع للحكومة أو (وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) أونروا، فيما أسفر عن الاستهداف المتعمد والمباشر وبدون إنذار مسبق سقوط 1030 شهيداً".

إسماعيل الثوابتة: الاحتلال قصف متعمداً 172 مركز إيواء من دون إنذار مسبق

ويشير الثوابتة إلى أن "جيش الاحتلال لم يكن ينذر الفلسطينيين في مراكز الإيواء بهذا القصف، ما يعني تعمده إيقاع الخسائر البشرية في صفوفهم"، موضحاً أيضاً أن هذا الجيش "لديه بيانات مقولبة وجاهزة، وعندما يتم قصف مدرسة، ينشر مباشرة بيانات وأخبار كاذبة وزائفة، زاعماً أن المقاومة تستخدمها، لكن ذلك كله أكاذيب". ويقول إن ما يروجه الاحتلال حول مقار للمقاومة الفلسطينية في مراكز الإيواء في غزة والمدارس "أكاذيب ومحاولة لتبرير المجازر"، لافتاً إلى أن الاحتلال "يريد إيقاع أكبر قدر ممكن من الضحايا والشهداء كأداة للضغط السياسي ومن أجل تحقيق أهداف سياسية".

ولم يغفل الثوابتة مطالبة الجميع بلجم الاحتلال الإسرائيلي ووقف حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني منذ عشرة أشهر، نتيجة لما يقول إنه "الدعم الأميركي لدولة الاحتلال وغياب المواقف الحقيقية المعارضة لسياسة الإبادة والقتل الجماعي والتهرب من المسؤولية التي تمارسها إسرائيل والصمت العربي والدولي".

إبادة متدحرجة

من ناحيته، يلفت الكاتب الفلسطيني والمحلل السياسي إبراهيم المدهون، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن الاحتلال "يقوم بعملية إبادة جماعية عبر تجويع الناس ومنع كل مقومات الحياة واستهداف كل المرافق الحيوية وجعل قطاع غزة منطقة غير قابلة للحياة". ويضيف أن الجيش الإسرائيلي يمنع الناس من التحرك ما يؤدي لتكدّسهم في مراكز الإيواء في غزة وأماكن أخرى قبل أن يستهدفهم "سواء في الخيام أو المدارس أو المستشفيات، وهي عملية إبادة متدحرجة".

إبراهيم المدهون: الاحتلال معني بأن يقول للناس إن ثمن وجود المقاومة كبير حتى الخروج عليها

ويعتبر أن الاحتلال الاسرائيلي باستهداف المدارس ومراكز الإيواء في غزة "معني بتحويل حياة السكان إلى جحيم وزيادة الضغط عليهم نفسياً وإنهاكهم جسدياً وجعلهم يدفعون ثمن المقاومة، لذلك يقوم بدافع انتقامي بهذه الجرائم المتصاعدة". ويوضح أن الاحتلال "معني بأن يقول للناس إن ثمن وجود حماس والمقاومة كبير وستستمرون بدفع هذا الثمن حتى خروجكم على الحركة والاصطدام معها".

ويشير المدهون إلى أن "كل ما يدعيه الاحتلال عقب القصف هو ادعاءات لتبرير هذه الجرائم والإبادة، ويتم تشجيع الاحتلال على هذه الجرائم بالدعم الأميركي والصمت العربي والإسلامي والتراخي الإقليمي والدولي". ويبيّن أن "الاحتلال بعد عشرة أشهر من القتل والتدمير لم يضع أي خطوط حمراء ولم يراع أي قيم إنسانية أو قوانين دولية، وما يقوم به عمليات إبادة، فيما يستهدف المدارس وهي أماكن لجوء، ليقول إنه لا يوجد مكان آمن".

ويشدّد المدهون على أنه "إذا لم يكن هناك تدخل دولي لوقف الإبادة ستكون لذلك تداعيات خطيرة، إذ فاقت الجرائم كل حدود"، موضحاً أن "الاحتلال يظن نفسه سيهرب من الملاحقة"، معتبراً أن "جرائم الاحتلال ووحشيته وزيادة قتله وتدميره، كل ذلك سيؤدي إلى تغيير حتمي في النظامين الإقليمي والدولي، والاحتلال في حينه سيحاسب حساباً عسيراً، وهو يذهب إلى نقطة اللاعودة، ليس فقط لمحاسبته، بل يعطي مبررات لعدم أهليته للاستمرار والبقاء".

المساهمون