قال العاهل الأردني عبد الله الثاني، اليوم الخميس، إنه تقرر الموافقة على توصية المجلس المشكّل بموجب قانون الأسرة المالكة، بتقييد اتصالات الأمير حمزة وإقامته وتحركاته، والتي رفعها المجلس منذ 23 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وأوضح العاهل الأردني، في رسالة طويلة وجهها اليوم، إلى الشعب الأردني عن تطورات قضية الأمير حمزة وحملت انتقادات قاسية: "ارتأيت التريث في الموافقة على توصية لمنح أخي حمزة فرصة لمراجعة الذّات والعودة إلى طريق الصّواب"، بحسب الموقع الرسمي للديوان الملكي.
وقال إنه "بالنظر إلى سلوك الأمير الهدام، فإنني لن أفاجأ إذا ما خرج علينا بعد هذا كله برسائل مسيئة تطعن بالوطن والمؤسسات. لكنني وكل أبناء شعبنا لن نهدر وقتنا في الرد عليه، لقناعتي بأنه سيستمر في روايته المضللة طوال حياته. إننا لا نملك ترف الوقت للتعامل مع هذه الروايات؛ فأمامنا الكثير من الأولويات الوطنية والتحديات التي يجب أن نواجهها بشكل سريع وصارم".
وبحسب العاهل الأردني "سيجري توفير كل ما يحتاجه الأمير لضمان العيش اللائق، لكنه لن يحصل على المساحة التي كان يستغلها للإساءة للوطن ومؤسساته وأسرته، ومحاولة تعريض استقرار الأردن للخطر".
وأكد أن "الأردن أكبر منّا جميعاً، ومصالح شعبنا أكبر من أي فرد منه، ولن أرضى أن يكون الوطن حبيس نزوات شخص لم يقدم شيئاً لبلده. وبناءً على ذلك، سيبقى حمزة في قصره التزاماً بقرار مجلس العائلة، ولضمان عدم تكرار أي من تصرفاته غير المسؤولة، والتي إن تكررت سيتم التعامل معها".
ووجه العاهل الأردني رسالة مطولة للشعب الأردني، ركز فيها على تفاصيل قضية "الفتنة" العام الماضي، وكيف سعى للتعامل معها في إطار العائلة، "على أمل أن يدرك (الأمير حمزة) خطأه ويعود لصوابه، عضواً فاعلاً في عائلتنا الهاشمية".
وأشار إلى أنه "وبعد عام ونيف استنفد خلالها كل فرص العودة إلى رشده والالتزام بسيرة أسرتنا، فخلصت إلى النتيجة المخيبة أنه لن يغير ما هو عليه".
وقال: "إنني أدرك التّحديات التي تواجه بلدنا والحاجة المستمرّة لمعالجة الاختلالات وسدّ الثّغرات، وأرحب بالنّقد البنّاء والحوار الهادف وأطلبهما من الجميع، ولكنني أدرك في الوقت نفسه أنّ هذه التحديات لا يمكن معالجتها والتصدي لها بتصرفات استعراضية تحاول توظيف ظروفنا الاقتصادية واستغلالها لبثّ اليأس والخطاب العدمي".
واتهم العاهل الأردني الأمير حمزة بأنّه "أبى حتى المشاركة في مراسم تشييع جثمان عمّنا الأكبر، سمو الأمير محمد بن طلال، لتسجيل موقف شخصي في لحظة عائلية تستدعي التضامن والمواساة".
ووفق العاهل الأردني "فقد حرف الأمير حمزة ما دار بينه وبين رئيس هيئة الأركان المشتركة، مدّعياً زيارة رئيس هيئة الأركان لمنزله بشكل مفاجئ، في حين جاء اللقاء في الزمان والمكان اللذين حددهما هو".
وذكر أنه "قدم سرداً مشوّهاً عن دوره في قضية الفتنة، متجاهلاً ما تكشّف للملأ من حيثيّات لعلاقته المريبة واتّصالاته مع خائن الأمانة باسم عوض الله، وحسن بن زيد، الذي كان يعلم أخي جيداً أنّه طرق أبواب سفارتين أجنبيتين مستفسراً عن إمكانية دعم بلديهما في حال ما وصفه بحدوث تغيير في الحكم".
العاهل الأردني: خرج أخي عن تقاليد أسرتنا كلّها وعن قيمنا الأردنية
وأضاف: "خرج أخي عن تقاليد أسرتنا كلّها وعن قيمنا الأردنية، وأساء لمكانته كأمير هاشميّ حين خرق أبسط مبادئ الأخلاق وحرمة المجالس بتسجيله لوقائع لقائه مع رئيس هيئة الأركان سراً، ليرسله فوراً إلى باسم عوض الله. ومن ثم سارع لبث تسجيل مصور للإعلام الخارجي، في سلوك لا يليق بوطننا ولا بأسرتنا".
وتابع العاهل الأردني: "لم يحدث في تاريخ أسرتنا الهاشمية، أو في تاريخ أيٍّ من الأسر المالكة في العالم، أن قام أحد أفرادها بإرسال رسائل مصورة للإعلام الخارجي، يهاجم فيها مؤسسات وطنه التي ينعم بمزاياها وخدماتها، ويطعن في نزاهتها".
وأضاف: "وبناءً على طلبه، التقيته بحضور أخوينا الأمير فيصل بن الحسين والأمير علي بن الحسين علّه يهتدي. وقدّمت له في ذلك اللّقاء خريطة طريق لإعادة بناء الثّقة، تتضمّن خطوات واقعيّة يقود التزامه بها إلى عودته، إن شاء، عضواً فاعلاً في الأسرة المالكة، وأعطيته حرّية الاختيار كاملة. وتفاءلت خيراً حين اختار حمزة أن يقرّ بما فعل، وبعث لي رسالة اعتذر فيها للوطن والشعب ولي عمّا قام به".
وتابع: "وللأسف، ما هي إلا أسابيع حتى أثبت الأمير حمزة سوء نيته، وعاد إلى استعراضيته ولعب دور الضّحية كما عوّدنا. فهو لم يخرج من قصره مدّة شهر كامل، ولم يستخدم التسهيلات التي منحت له، بل خرج ببيان عبر وسائل التواصل الاجتماعي معلناً فيه تخلّيه عن لقبه. فعل أخي الصغير ذلك، وهو يعرف تماماً أن منح الألقاب واستردادها صلاحية حصرية للملك، حسب المادة الـ 37 من الدستور وقانون الأسرة المالكة. وفي الوقت الذي أعلن الأمير حمزة قراره التّخلي عن لقبه، بعث لي برسالة خاصة يطلب فيها الاحتفاظ بمزايا لقبه المالية واللوجستية خلال الفترة المقبلة".
هذا وتنص المادة الـ 13 من قانون الأسرة الملكية لعام 1937 على أنه "إذا ارتكب أحد أعضاء الأسرة المالكة، ذكراً كان أو أنثى، أموراً خطيرة تخلّ بكرامة رتبته الملوكية، فيحق للملك أن يُصدر بعد أخذ رأي المجلس أمراً بإخراج ذلك العضو من الأسرة المالكة لعدم جدارته بالانتساب إليها".
واتهمت الحكومة الأردنية، في إبريل/نيسان الماضي، الأمير حمزة بن الحسين بالتورّط في ما سُمي "قضية الفتنة"، والمشاركة في مخططات هدفها زعزعة أمن الأردن ونظام الحكم، ووضع منذ ذلك الحين قيد الإقامة الجبرية.
وأصدرت محكمة أمن الدولة، في يوليو/تموز الماضي، حكماً بالسجن 15 عاماً بحق رئيس الديوان الملكي الأسبق باسم عوض الله والشريف حسن بن زيد في القضية، بعد إدانتهما بمناهضة نظام الحكم وإحداث الفتنة.
يُذكر أنّ الأمير حمزة بن الحسين مولود في عمّان في 29 مارس/آذار 1980، وهو الابن الأكبر للملك الحسين من زوجته الرابعة الملكة نور الحسين. بعد وفاة الملك حسين، تولى الملك عبد الله الثاني عرش الأردن، فيما عُيِّن الأمير حمزة ولياً للعهد. استمرّ في هذا المنصب قرابة ست سنوات، من 7 فبراير/شباط 1999 حتى أُعفي من منصبه في 28 سبتمبر/أيلول 2004.
وأنهى الأمير حمزة بن الحسين تعليمه الابتدائي في عمّان، ثم التحق بمدرسة هارو في المملكة المتحدة، ومنها إلى أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية، وتخرّج منها في 10 ديسمبر/كانون الأول 1999 بتفوق، حيث حاز سيف الشرف، وهو أرفع تقدير يتسلمه ضابط من خارج بريطانيا. وبعد ذلك، تخرّج من جامعة هارفارد الأميركية في مطلع عام 2006. وحصل على شهادة الماجستير في الدراسات الدفاعية من كلية كينغز كوليج لندن، في المملكة المتحدة، عام 2011.
ويحمل الأمير حمزة بن الحسين رتبة عميد في الجيش الأردني، والتحق بالعديد من الدورات، مثل دورات المظليين ودورات القناصة ودورات قيادة الطائرات العمودية، وخدم في اللواء المدرع الأربعين في الجيش الأردني، وشارك في عدد من الدورات العسكرية في الأردن والمملكة المتحدة وبولندا وألمانيا والولايات المتحدة.
وفي 26 ديسمبر/كانون الأول 2017، عُيِّن مستشاراً لرئيس هيئة الأركان المشتركة لشؤون الصناعات الدفاعية، بالإضافة إلى عمله.