ماذا رأى التونسيون في صورة امرأة عارية ومعنفة؟

19 فبراير 2016
(Getty)
+ الخط -

 تحت عنوان "هي المذنبة"، نشر المصور الفوتوغرافي التونسي، كريم كمون، يوم الأربعاء الماضي، صورة على موقع "فيسبوك" لامرأة عارية على جسدها آثار عنف. وبعد ساعات قليلة من نشر الصورة، قام موقع "فيسبوك" بحذفها في إثر بلاغات وصلت إلى إدارة الموقع تدين نشر صور عارية. صفحة المصور تعرضت للحظر أيضًا لمدة 24 ساعة، فلم يعد بإمكانه التواصل مع أصدقائه على "فيسبوك"، غير أنه تلقى مئات الرسائل المساندة له والداعمة لشجاعة المرأة في كشف ما تعرضت له.

حول موضوع الصورة، كتب المصور الفوتوغرافي على صفحته أن "امرأة من المجتمع الراقي قبلت بأن تكشف جسدها لعدسته، بعد أن عانت طويلا من قيام زوجها بتعنيفها بشكل متكرر". الصورة التي تكشف آثار عنف على مستوى نهدها وركبتيها كانت صادمة لمتابعي موقع "فيسبوك"، وتراوحت تفاعلاتهم بين معجب بشجاعة المرأة والمصور، وبين رافض لمشهد العري بدعوى خدشه للحياء.

على صفحة المصور الفوتوغرافي، كتبت الصحافية هالة الذوادي: "المرأة لم تعرّ جسدها. هي عرّت العنف وعرّت بعض الرجال المرضى". أما الناشطة فاطمة عامري فعلقت: "يصدمكم جسد المرأة العاري ولا تصدمكم آثار العنف على هذا الجسد رغم ما تكشفه من ألم؟".

تعليقا على الصورة أيضا، كتب أحد الشبان، ويدعى طاهر: "على المرأة المعنفة أن تتوجه للطبيب لتثبت ذلك ثم إلى القضاء للمطالبة بحقوقها، لا أن تتعرى أمام مصور رجل". وكتب زياد: "جسد بهذا الجمال يبزغ قمرا على من يدعي الرجولة بإهدار جماله وتلوينه بالوجع، أما زلتم تريدون ختان البنات؟"

وعلق الصحافي حسان بالواعر قائلا: "الصورة تحمل قضية ولا تحمل قلة حياء كما ادعى البعض. قلة الحياء الوحيدة هي في السكوت أمام وجع المرأة الجسدي والنفسي. الصورة تعكس أيضا عمق ثقافة المتلقي، فمن يرى فيها فضحا لظلم الرجل للمرأة هو شخص سوي، ومن يرى فيها إثارة جنسية، فهو لا زال في مرتبة الحيوان ومطالب بأن يتحكم في غرائزه".

صورة واحدة لامرأة عارية إلا من خدوش وكدمات زرقاء اللون ورأيين مختلفين، يحدد التفاعل معها شخصية المتلقي ويكشف عمق إدراكه لقضية العنف ضد المرأة. من المحتمل أن تكون المعلومات التي قدمها المصور الصحافي غير دقيقة، ومن غير المستبعد أن تكون صاحبةُ الصورة أمَّ أو أختَ أو صديقةَ أحد المعلقين. وهنا تكمن أهميتها فهي ليست شخصا بقدر ما هي حالة من الضروري التضامن معها، وهي ضحية تحمل آثار تعذيبها لا جسدا يعرض مفاتنه.

وما زالت مشكلة العنف ضد المرأة تؤرق الناشطين في المجتمع المدني. وكانت منظمة "أمنستي"، قد كشفت في تقرير نشرته سنة 2015، عن أن تونس تعتبر بلدا متخلفا في ما يتعلق بالمساواة بين الجنسين.

وجاء في التقرير أن نسبة ضحايا العنف الجسدي من التونسيات بلغت 32 بالمائة، في حين بلغت نسبة التونسيات من ضحايا العنف الجنسي 16 بالمائة ، وبلغت نسبة ضحايا العنف النفسي أكثر من 16 بالمائة.


اقرأ أيضاً: المواقع الإلكترونية والإعلانات..الخسارة مستمرة لكن جرب هذه الحلول

المساهمون