أنطاليا... سياحة الترفيه وعبق التاريخ

D8A6CEA0-1993-437F-8736-75AB58052F84
وليد التليلي
صحافي تونسي. مدير مكتب تونس لموقع وصحيفة "العربي الجديد".
31 أكتوبر 2017
890F76A4-84CF-481C-B4AC-80538649060C
+ الخط -
يستغرب المصطافون السياح على شاطئ "كونيالتي" من طبيعة بحرها وشاطئها، ويجد الزوار الغرباء الذين يكتشفون الموقع لأول مرة بحرا عجيبا لا رمل فيه، وإنما يتشكّل قاعه من حصيات صغيرة للغاية كأنها أحجار كريمة، تنغمس الأرجل فيها لتحدث لذة غريبة، في بحر صاف كقطع البِلور تحيط به مناظر الجبال، ليعيش الزائر لحظة استثنائية تنسيه هموم الحياة ومشاغلها.
والواقع أن هذه اللذة التي تهديها مدينة أنطاليا لزوارها كامنة في كل بقعة منها، عشقكابيلار وكونيالتي وديدان وغيرها من الأحياء والضواحي المحيطة بالمدينة الضاربة في القدم والعامرة بشواهد التاريخ.
وتشير المعلومات إلى أن أنطاليا، الواقعة في جنوب غرب تركيا (تبعد عن إسطنبول حوالى 700 كلم)، تعود إلى العهد الروماني في زمن الملك برغموم أتالوس الثاني. وتروي الأسطورة أنه أمر جنوده بالبحث عن مكان ليطلق عليه اسم "جنة الأرض"، وقام الجنود فعلاً بإيجاد هذا المكان وأطلق عليه اسم أداليا، ثم أتاليا، حتى أصبح أنطاليا حالياً، وبقيت أنطاليا محتفظة بلقبها (جنة الأرض).
وتحتفظ المدينة، إلى اليوم، بباب روماني ضخم، "بوابة هادريان"، التي شيدت في القرن الثاني قبل الميلاد على شرف الإمبراطور هادريان، ومنها تلج إلى "كاليتشي"، المركز التاريخي للمدينة الذي تزدحم فيه الفنادق والحانات والمطاعم. ومع الخطوات الأولى تستقبلك أصوات الموسيقى المنبعثة من شوارعها المزدحمة، لتزيد من حيرتك في اختيار مكان السهرة.
غير أن الأجمل في هذه المنطقة هو أنك تستطيع أن تتفادى كل هذه النوادي والمطاعم، وتواصل السير إلى الساحة وتنضم إلى عازفين من كل الأجيال والألوان الموسيقية، وتقضي مع الراقصين المتطوعين سهرة من أجمل سهرات العمر، ببساطة شديدة ومن دون أي مقابل مالي، وهو ما يتوفر في كل بقعة من أنطاليا وفي كل حديقة من حدائقها المذهلة.
ولكن التجارب المثيرة في المدينة كثيرة، ولا يمكن تفاديها مطلقا إذا كنت ترغب في الاكتشاف، وأولها شلالات ديدان، التي تبعد مسافة نصف ساعة تقريبا عن المدينة، وهي تجربة ممتعة تخرج بك عن المألوف، خصوصا إذا كنت من بلدان عربية صحراوية ولم تتعود تلك المشاهد والأصوات المائية.
والغريب في هذه المياه المنبعثة بقوة هو أنها تظهر فوق الأرض وتختفي تحتها على مسافات متباعدة، لتظهر بعد كيلومترات وتصب في البحر الأبيض المتوسط. ولكن الأنطاليين المعروفين بحسّ سياحي كبير استغلوا كل هذه الفرص وحولوها إلى منتجعات رائعة ومقاهٍ ومطاعم بسيطة، يقضي فيها الزائر لحظات ممتعة تحت رذاذ الماء الهادر.
ومن مياه دودان أو ديدان، يتحول السائح إلى الجهة المقابلة من المدينة، حيث الجبال وتجربة التلفريك المذهلة التي تهديك ثماني دقائق من أجمل لحظات العمر، تطل منها على كامل أنطاليا وتصلك بقمة الجبل، حيث المناظر الهاربة من الزمن.
وإذا كنت من المغامرين الكبار، فبإمكانك أن تذهب إلى تلفريك أولمبيوس، الذي يبعد حوالي 60 كلم عن المدينة، حيث تسافر على امتداد حوالى خمسة آلاف متر من محطة الانطلاق إلى قمة الجبل، وهي في ما يبدو من الرحلات الأطول في العالم.
ولا يمكن قطعاً أن تغادر أنطاليا من دون زيارة "الأكواريوم"، الذي يقدم فضاءات ترفيهية متكاملة، ويشمل أطول نفق تحت الماء، يصل طوله إلى حوالي 130 متراً، محاطا بآلاف المخلوقات البحرية، ويتيح فرصة السباحة مع أسماك القرش غير المتوحشة في برك سباحة موجودة على سطح المتحف، وذلك تحت إشراف مختصين. وتشكل رحلة الأكواريوم فرصة نادرة لمشاهدة أسماك بكل الأحجام والألوان.
وفي المدينة أيضاً قاعة "عالم الثلج" وهي من الأكبر في العالم، إذ تغطي الثلوج الطبيعية مساحة ما يقارب 15 ألف متر مربع، وتضم بيوتا ثلجية وأماكن للتزلج. وبإمكانك أن تقضي أمسية كاملة متنقلا بين كل هذه الفضاءات أو في الحدائق المحيطة وتستمتع بلحظات الغروب المذهلة من هناك.
وإذا كانت أنطاليا مدينة متاحة للعائلات، بحكم كل الملاهي وفضاءات الترفيه، فإنها أيضا تجربة رومانسية استثنائية للأزواج الهاربين من عام صعب من العمل.



دلالات

ذات صلة

الصورة

سياسة

أعلنت وزارة الدفاع التركية، ليل أمس الأربعاء، قتل العديد من مسلحي حزب العمال الكردستاني وتدمير 32 موقعاً لهم شمالي العراق.
الصورة
احتجاج ضد مقتل الطفلة نارين غوران في تركيا، 9 سبتمر 2024 (فرانس برس)

مجتمع

لم تلق جريمة قتل بتركيا، ما لقيه مقتل واختفاء جثة الطفلة، نارين غوران (8 سنوات) بعدما أثارت قضيتها تعاطفاً كبيراً في تركيا واهتماماً شخصياً من الرئيس التركي
الصورة
عبد الله النبهان يعرض بطاقته كلاجئ سوري شرعي (العربي الجديد)

مجتمع

تنفذ السلطات التركية حملة واسعة في ولاية غازي عنتاب (جنوب)، وتوقف نقاط تفتيش ودوريات كل من تشتبه في أنه سوري حتى لو امتلك أوراقاً نظامية تمهيداً لترحيله.
الصورة
الشاب الفلسطيني بسام الكيلاني، يونيو 2024 (عدنان الإمام)

مجتمع

يُناشد الشاب الفلسطيني بسام الكيلاني السلطات التركية لإعادته إلى عائلته في إسطنبول، إذ لا معيل لهم سواه، بعد أن تقطّعت به السبل بعد ترحيله إلى إدلب..
المساهمون