تحتضن باريس بعد ظهر اليوم الأحد أشغال المؤتمر الدولي لإحياء جهود السلام بين إسرائيل وفلسطين بمشاركة أكثر من 70 دولة وفي غياب ممثلين عن إسرائيل.
ويترأس وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك آيرولت، أعمال المؤتمر الذي تنعقد جلساته في قاعة المؤتمرات بمقر وزارة الخارجية الفرنسية في الدائرة الخامسة عشرة بباريس.
وسيشارك الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، بخطاب يحيّي خلاله جهود المشاركين ويؤكد على تشبت فرنسا بخيار دعم السلام بين إسرائيل وفلسطين القائم على مبدأ حل الدولتين والذي يبقى السبيل الوحيد لضمان السلام والأمن في إسرائيل وفلسطين.
وكان هولاند قد شدد الخميس الماضي على أن "هدف المؤتمر هو إعادة التأكيد على دعم المجتمع الدولي لمبدأ حل الدولتين وبذل كل الجهود ليبقى هذا الحل هو المرجعية الأساسية لحل النزاع".
ويساهم في المؤتمر 75 مشاركاً على رأسهم أعضاء اللجنة الرباعية وهم الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة، والأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن الدولي، ووزراء خارجية بلدان مجموعة العشرين التي تضم الدول الصناعية الكبرى والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى ممثلين عن الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وغالبية وزراء خارجية الدول العربية وبعض دول أميركا اللاتينية.
وبخلاف المؤتمر الدولي السابق الذي دعت إليه فرنسا وانعقد في باريس في 3 يونيو/حزيران الماضي، يشارك في مؤتمر اليوم 40 دولة إضافية ويحضره وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، الذي ستنتهي ولايته في 20 يناير/كانون الثاني الجاري، وأيضا الأمين العام الجديد للأمم المتحدة، انطونيو غوتيرس، والممثلة العليا للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني.
ومن المتوقع أن يُصدر المؤتمرون المجتمعون بيانا ختاميا يتضمن مجموعة من التوصيات لإحياء المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين من خلال وضع آلية دولية. وكان خبراء وممثلون عن المؤتمرين مهدوا للبيان الختامي بصيغة أولية سيتم عرضها اليوم للنقاش في المؤتمر قبل الاتفاق على صيغة نهائية لن تكون مختلفة كثيرا عن البيان الذي أصدره المؤتمر السابق الصيف الماضي بباريس.
ومن غير المتوقع أن يتجاوز بيان المؤتمر الختامي الإطار السياسي العام الذي رسمته فرق العمل في المؤتمر السابق ومن المستبعد أن تخوض في تفاصيل جديدة حول القضايا الشائكة المتعلقة بالحدود ووضع القدس وعودة اللاجئين وتقاسم الموارد المائية وهي القضايا التي تفترض حضور ممثلين عن الإسرائيليين والفلسطينيين.
وفي المقابل، يعتبر الحضور الدولي المكثف وغير المسبوق في مؤتمر باريس بخلاف المؤتمرات الدولية السابقة حول الشرق الأوسط رسالة قوية من فرنسا للتأكيد على ضرورة العودة إلى المفاوضات من أجل حل النزاع بين إسرائيل وفلسطين في اطار مبدأ حل الدولتين وفق المبادئ الدولية.
وكان هولاند عبر سلفاً عن محدودية سقف التوقعات بالنسبة لأهداف المؤتمر حين صرح الأربعاء الماضي "أنا واع بما يستطيع المؤتمر أن يحققه. والسلام سيكون من صنع الإسرائيليين والفلسطينيين وليس من صنع طرف آخر ووحدها المفاوضات الثنائية بينهما تستطيع التوصل إلى السلام".
ورغم أن المؤتمر يصطدم بالرفض الإسرائيلي الشرس لمبدأ عقده والنهاية القريبة لولاية الرئيس الأميركي باراك أوباما والفرنسي هولاند، فإنه يكتسي أهمية رمزية بالغة بالنظر لعدد المشاركين ويزيد من عزلة إسرائيل على المستوى الدولي خاصة بعد القرار الذي اتخذه مجلس الأمن الدولي في 23 ديسمبر/كانون الأول الماضي للمرة الأولى منذ عام 1979 ويدين بناء المستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد أن امتنعت واشنطن عن التصويت.
كما أن هذا المؤتمر وتوصياته، وهنا مكمنُ الخوف الإسرائيلي تحديدا، يساهم في خلق مناخ سياسي جديد في الأوساط الدبلوماسية الدولية قد يمهد لخطوات مقبلة في مجلس الأمن الدولي بشأن سياسة الاستيطان الإسرائيلية ومماطلة إسرائيل في تنفيذ القرارات الدولية الصادرة عن نفس المجلس وانتهاكاتها المستمرة لحقوق الفلسطينيين.