المعرفة من أجل التنمية

11 مايو 2015
فضاءات الحرية الجديدة ستفرض استحقاقات لاحقة وملحة (Getty)
+ الخط -
لقد أدخل الربيع العربي المنطقة في حقبة تاريخية جديدة تتلاشى فيها الديكتاتورية السياسية، لصالح فضاء أوسع من الحريات السياسية والممارسات الديمقراطية. فضاءات الحرية الجديدة هذه ستفرض استحقاقات لاحقة، وملحة، وبالأخص في المسائل الاقتصادية حيث التحديات والمشاكل أكبر من أن يتم تجاهلها.

يفيد التاريخ القريب للمنطقة بأن أغلب بلدانها لم تستطع أن تحقق، رغم الجهود والإمكانيات، تنمية اقتصادية مستدامة وشاملة تضمن وتكفل مستوى اقتصادياً ومعاشياً لائقاً لمواطنيها. فالمؤشرات تسجل تأخيراً ملحوظاً في مجالات عدة: النمو، البطالة، الإنتاجية الاقتصادية، تشكيل رأس المال البشري، الإنتاج العلمي والبحثي.

يتيح مفهوم اقتصاد المعرفة للبلدان والحكومات فرصة كبيرة للدفع بعملية التنمية قدماً من خلال توظيف موارد وطاقات جديدة، أو من خلال التعامل مع ما هو موجود برؤى مختلفة، وذلك باعتماد المعرفة كأحد أدوات الإنتاج وعوامله من جهة (مدخلات)، وكمنتج لهذه العملية الإنتاجية من جهة ثانية (مخرجات). على الصعيد النظري، يوفر مصطلح "اقتصاد المعرفة" أداة تحليلية جديدة ومبتكرة، تتيح للباحثين تقييم وإعادة تقييم العملية التنموية في بلد ما بأسلوب ومقاربة جديدة.

إن استخدام المعرفة كوسيلة للإنتاج بداهة لا يمكن الاختلاف بشأنها. فمنذ القدم استخدم الإنسان معارفه المكتسبة لتلبية حاجاته وتحسين وضعه المعاشي، إلا أن إدماج المعرفة، كوسيلة للإنتاج، في قلب النظرية الاقتصادية تحت مفهوم "اقتصاد المعرفة"، فهو ما يعتبر نقلة نوعية في سياق تطور الفكر الاقتصادي الحديث وتطبيقاته. والسؤال الأهم ما هي نسبة اقتصاد المعرفة في الاقتصاديات العربية؟ وإلى أي مدى استوعبت السياسيات الاقتصادية العربية هذه التغييرات الجديدة؟

للأسف، واقع الحال يفيد بأن الاقتصاديات العربية لا تزال بعيدة عن تبني سياسيات تنموية قائمة على إدماج المعرفة بشقيها التقني والبشري، فمن جهة لا يزال النظام التعليمي ومخرجاته عاجزاً عن إنتاج دائم ومستديم للمعرفة وإعادة إنتاجها، ومن جهة أخرى، يقتصرالحضور الكثيف لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المجتمع العربي على الجانب الاستهلاكي، دون الإنتاجي، وأهم تجلياته ضعف المحتوى الرقمي في اللغة العربية.

إقرأ أيضا: سوريا: "أوجه الحياة" في اقتصاد متناثر ومدمر
المساهمون